أرشيف الشعر العربي

بعمرك تدري أي شاني أعجب

بعمرك تدري أي شاني أعجب

مدة قراءة القصيدة : 4 دقائق .
بعُمرِكَ تَدرِي أيَّ شَانَيَّ أعْجَبُ، فَقَدْ أشكَلا: باديهِمَا وَالمُغَيَّبُ
جُنُونيَ في لَيلى، وَلَيلى خَلِيّةٌ، وَصَغْوِيَ إلى سعدى وسعدى تجنب
إذا لَبِسَتْ كانَتْ جَمَالَ لِبَاسِها، وَتَسْلُبُ لُبّ المُجتَلي، حينَ تَسلُبُ
وَسَمّيْتُها، من خَشيَةِ النّاسِ، زَيْنَباً، وَكم سَترَتْ حُبّاً عنِ النّاسِ زَينَبُ
غَضَارَةُ دُنْيَا، شَاكَلَتْ بفُنُونِها مُعَاقَبَةَ الدّنْيَا الّتي تَتَقلَّبُ
وَجَنّةُ خُلْدٍ، عَذّبَتْنا بدَلّها، وَمَا خِلْتُ أنّا بالجِنَانِ نُعَذَّبُ
ألا رُبّمَا كأسٌ سَقَاني سُلافَهَا، رَهيفُ التّثَنّي، وَاضِحُ الثّغرِ أشنَبُ
إذا أخذت أطْرَافُهُ مِنْ قنُوئِهَا، رَأيْتَ اللُّجَينَ بالمُدامَةِ يُذْهَبُ
كَأنّ بِعَيْنَيْهِ الّذي جَاءَ حَامِلاً بكَفّيْهِ مِنْ ناجُودِها، حينَ يَقْطِبُ
لأسْرَعُ في عقلي الذي بِتُّ، مَوْهِناً، أرَى من قَرِيبٍ لا الذي بِتُّ أشرَبُ
لَدَى رَوْضَةٍ جَادَ الرّبيعُ نَبَاتَهَا بغُرّ الغَوَادي، تَستَهِلُّ وَتَسكُبُ
إذا أصْبَحَ الحَوْذانُ في جَنَباتِهَا، يُفَتِّحُ، وهِمتَ الدّنانيرَ تُضرَبُ
أجِدَّكَ، إنّ الدّهرَ أصْبَحَ صَرْفُهُ يَجِدُّ، وَإنْ كُنّا، معَ الدّهرِ، نلعبُ
وَقد رَدّتِ الخمَسونَ رَدَّ صَرِيمَةٍ إلى الشّيبِ، مَن وَلّى عن الشّيبِ يهرُبُ
فقَصرَكَ، إنّي حَائِمٌ، فَمُرَفْرِفٌ على خُلُقي، أوْ ذاهبٌ حيثُ أذْهَبُ
نَظَرْتُ، وَرَأسُ العَينِ منّيَ مَشرِقٌ، صَوَامِعَهَا، وَالعَاصِمِيّةُ مَغْرِبُ
بقَنطَرَةِ الخَابورِ، هَلْ أهلُ مَنبِجٍ بمَنْبِجَ أمْ بادونَ عَنْهَا، فغُيَّبُ
وَمَا بَرِحَ الأعْداءُ، حتّى بدَهتَهمْ بظَلْمَاءِ زَحْفٍ، بِيضُهَا تَتَلَهّبُ
إذا انبَسطتْ في الأرْضِ زَادتْ فُضُولُها على العَينِ حتّى العينُ حسرَى تَذَبذَبُ
وَإنّ ابنَ بِسطامٍ كَفَاني انْفِرَادُهُ مُكاثَرَةَ الأعْداءِ، حينَ تَألّبُوا
أخي عِنْدَ جِدّ الحادِثاتِ، وَإنّمَا أخوكَ الذي يأتي الرّضَا، حينَ تغضَبُ
يُؤَمَّلُ في لينِ اللُّبُوسِ، وَيُرْتَجَى لطَوْلٍ، وَيُخشَى في السّلاحِ وَيُرْهَبُ
وَما عاقَهُ أنْ يَطعَنَ الخَيلَ، مُقدِماً على الهَوْلِ فيها، أنّهُ باتَ يكتُبُ
تَرُدُّ السّيُوفُ الماضِياتُ قَضَاءَهَا إلى قَلَمٍ، يُومي لهَا أينَ تَضرِبُ
مُدَبِّرُ جَيشٍ، ذَلّلَ الأرْضَ شَعبُه، وَعَزْمَتُهُ من ذلكَ الجَيشِ أشغَبُ
إذا الخَطبُ أعْيَا أينَ مأخذهُ اهتدى لِمَا يَتَوَخّى مِنْهُ، أوْ يَتَنَكّبُ
نُعَوِّلُ، وَالإجْداءُ فيهِ تَبَاعُدٌ، عَلى سَيّدٍ يَدْنُو جَداهُ، وَيَقرُبُ
على مَلِكٍ لا يَحجُبُ البخلُ وَجْهَهُ علَينا، وَمن شأنِ البَخيلِ التّحَجّبُ
وَأبيَضَ يَعلُو، حينَ يَرْتَاحُ للنّدَى، على وَجهِهِ لوْنٌ، من البِشرِ، مُشرَبُ
تَفَرّعَ أخْلاقَ الرّجالِ، وَعِنْدَهُ شَوَاغلُ من مَجدٍ تُعَنّي، وَتَنصِبُ
لَهُ هِزّةٌ مِنْ أرْيَحِيّةِ جُودِهِ تكادُ لها الأرْضُ الجَديبَةُ تُعشِبُ
تَحُطُّ رِحَالُ الراغبين إلى فَتًى، نَوَافِلُهُ نَهْبٌ لِمَنْ يَتَطَلّبُ
إلى غَمَرٍ في مَالِهِ، تَسْتَخِفُّهُ صِغَارُ الخُطوبِ، وَهوَ عَوْدٌ مجَرَّبُ
تُجَاوِزُ غَايَاتِ العُقُولِ مواهِبٌ، نَكَادُ لهَا، لَوْلا العِيانُ، نُكذِّبُ
جَدًى، إنْ أغَرْنا فيه كانَ غَنيمَةً، وَيَضْعُفُ فيهِ الغُنمُ، حينَ يُعَقَّبُ
خَلائِقُ لَوْ يلقى زِيَادٌ ِمِثاْلِهَا، إذن لمْ يَقُلْ: أيُّ الرّجالِ المُهَذَّبُ
عَجِبْتُ لَهُ لمْ يَزْهُ عُجْباً بنَفْسِهِ، وَنحنُ بهِ نَختالُ زَهْواً، وَنُعجَبُ
فِداكَ، أبا العَبّاسِ، من نُوَبِ الرّدى أُنَاسٌ يَخيبُ الظّنُّ فيهِمْ، وَيكذبُ
طَوَيْتُ إلَيْكَ المُنعِمينَ، وَلمْ أزَلْ إلَيكَ أُعَدّي عَنهُمُ، وَأُنَكِّبُ
وَما عَدَلَتْ عَنْكَ القَصَائدُ مَعدِلاً، وَلا ترَكَتْ فَضْلاً لغَيرِكَ يُحسَبُ
نُنَظّمُ مِنْهَا لُؤلؤاً في سُلُوكِهِ، وَمن عَجَب تَنظيمُ ما لا يُثَقَّبُ
فلَوْ شارَكَتْ في مَكرُماتِكَ طَيِّءٌ لَوُهّمَ قَوْمي أنّني أتَعَصّبُ
متى يَسألِ المَغرُورُ بي عن صَرِيمَتي، يُخَبّرْهُ عَنْهَا غَانمِ، أوَمُخَيَّبُ
يَسُرُّ افْتِنَاني مَعشَراً، وَيَسُوءُهُمْ، وَيَخْلُدُ ما أفتَنُّ فيهِمْ وَأُسْهِبُ
لمْ يُبْقِ كَرُّ الدّهْرِ غَيرَ عَلائِقٍ من القَوْلِ تُرْضِي سامعينَ، وَتُغضِبُ

اخترنا لك قصائد أخرى للشاعر (البحتري) .

لعمرك ما أبو فهم لفهم

ما لذا الظبي لا ينال اقتناصه

أيهذا الأمير قد مسنا الضر

دعوت فلم يسمع وقلت فلم يجب

إن تأمل محاسن الأصبهاني


المرئيات-١