غِبْ يا هلالْ |
إنِّي أخاف عليك من قهر الرِّجالْ |
قِفْ من وراء الغيمِ |
لا تنشر ضياءَك فوْق أعناق التِّلالْ |
غِبْ يا هلالْ |
إني لأخشى أنْ يُصيبَكَ |
- حين تلمحنا - الخَبَالْ |
أنا – يا هلالْ |
أنا طفلةٌ عربيةٌ فارقتُ أسْرتنَا الكريمَةْ |
لي قصةٌ |
دمويَّةُ الأحداثِ باكيةٌ أليمة |
أنا – يا هلالْ |
أنا مِن ضَحايا الاحتلالْ |
أنا مَنْ وُلِدْتُ |
وفي فمِي ثَدْيُ الهزيمَهْ |
شاهدتُ يوماً عنْدَ منزِلِنا كتيبَهْ |
في يومِها |
كانَ الظلامُ مكدَّساً |
مِنْ حول قريتنا الحبيبةْ |
في يومِها |
ساقَ الجنودُ أبي |
وفي عيْنيه أنهارٌ حبيسَهْ |
وتَجَمَّعَتْ تِلْك الذِئَابُ الغُبْرُ |
فْي طلبِ الفريسَهْ |
ورأيتُ جندِّياً يحاصر جسم والدتي |
بنظرته المُريبَهْ |
مازلتُ أسْمع – يا هلال – |
ما زلتُ أسمعْ صوتَ أمِّي |
وهي تسْتجدي العروبَهْ |
ما زلتُ أبصر نصل خنجرها الكريمْ |
صانتْ به الشرَفَ العظيمْ |
مسكينةٌ أمِّي |
فقد ماتتْ |
وما عَلِمتْ بموْتتها العروبَهْ |
إنِّي لأَعجب يا هلالْ |
يترنَّح المذياعُ من طربٍ |
ويَنْتعِشُ القدحْ |
وتهيج موسيقى المَرحْ |
والمطربون يردِّدون على مسامعنا |
ترانيم الفرَحْ |
وبرامج التلفاز تعرضُ لوحةً للْتهنئَهْ |
( عيدٌ سعيدٌ يا صغارْ ) |
والطفلُ في لبنانَ يجهل مـنْشَأهْ |
وبراعم الأقصى عرايا جائعونْ |
والّلاجئونَ |
يصارعوْن الأوْبئَهْ |
غِبْ يا هلالْ |
قالوْا : |
ستجلبُ نحوَنا العيدَ السعيدْ |
عيدٌ سعيدٌ ؟؟! |
والأرضُ ما زالتْ مبلَّلَةََ الثَّرى |
بدمِ الشَّهيدْ |
عيدٌ سعيدٌ في قصور المترفينْ |
هرمتْ خُطانا يا هلالْ |
ومدى السعادةِ لم يزلْ عنّا بعيدْ |
غِبْ يا هلالْ |
لا تأتِ بالعيد السعيدِ |
مع الأَنينْ |
أنا لا أريد العيد مقطوعَ الوتينْ |
أتظنُ أنَّ العيدَ في حَلْوى |
وأثوابٍ جديدَهْ ؟ |
أتظنُ أنّ العيد تَهنئةٌ |
تُسطَّر في جريدهْ |
غِبْ يا هلالْ |
واطلعْ علينا حين يبتسم الزَّمَنْ |
وتموتُ نيرانُ الفِتَنْ |
اطلعْ علينا |
حين يُورقُ بابتسامتنا المساءْ |
ويذوبُ في طرقاتنا ثَلْجُ الشِّتاءْ |
اطلع علينا بالشذى |
بالعز بالنصر المبينْ |
اطلع علينا بالتئام الشَّملِ |
بين المسلمينْ |
هذا هو العيد السعيدْ |
وسواهُ |
ليس لنا بِعيدْ |
غِبْ يا هلالْ |
حتى ترى رايات أمتنا ترفرفُ في شَمَمْ |
فهناكَ عيدٌ |
أيُّ عيدْ |
وهناك يبتسم الشقيُّ مع السعيدْ |