عُجْ بالحِمَى حيثُ الغِيَاضُ الغِينُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
عُجْ بالحِمَى حيثُ الغِيَاضُ الغِينُ | فعَسَى تَعِنُّ لنا مَهَاهُ العِينُ |
وکسْتَقْبِلَنْ أَرَجَ النسيمِ فَدَارُهُمْ | ندية الأرجاء لا دارينُ |
وکسلُكْ على آثارِ يومِ رِهَانِهِمْ | فهناك تُغْلَقُ للقلوبِ رُهُونُ |
حيثُ القِبَابُ الحُمْرُ سامِيَة ُ الذُّرَى | والأعوجيات الجياد صفونُ |
والسمهرية كالنهود نواهد | والمَشْرَفِيَّة ُ في الجُفُونِ جُفُونُ |
أُفُقٌ إذا ما رُمْتَ لَحْظَ شَمُوسِهِ | صدتك للنقع المثار دجونُ |
يَغْشَاكَ من دُونِ الغَزَالِ ضُبَارِمٌ | فيه ومِنْ قَبْلِ الكِنَاسِ عَرِينُ |
انى أراع لهم وبين جوانحي | شوق يهون خطبهم فيهونُ؟ |
أَنَّى يَهَابُ ضِرَابَهُمْ وَطِعَانَهُمْ | صب بألحاظ العيون طعينُ |
فكأنما بيض الصفاح جداولُ | وكأنَّما سُمْرُ الرِّماحِ غُصُونُ |
ذرني أسر بين الأسنة والظبى | فالقلبُ في تلك القِبَابِ رَهِينُ |
فَلَعَلَّهُ يُرْوِي صَدَايَ بِلَمْحِهِ | وَجْهٌ به ماءُ الجمالِ مَعِينُ |
وَلَعِي بذاتِ القُلْبِ أَفْقَدَ أَضْلُعِي | قَلْباً عَليه ما يَرِيمُ يَرِينُ |
وإذا دعا بطول بقائهِ | خَرَقَتْ له سَمْعَ السَمَا آمِينُ |
ملك القلوب بسيرة عمرية ٍ | يحيا بها المفروض والمسنونُ |
لا تألف الأحكام حيفا عنده | فكأنما الأفعال والتنة ينُ |
لَوْ كانَ أَدْنَى بِشْرِهِ وَذَكَائِهِ | للنَّصْلِ ما شَحَذَتْ ظُبَاهُ قُيُونُ |
لو كان لج البحر مثل نوالهِ | عمر الربى مسجور المشحونُ |
وَبَدَا هِلالُ الأُفْقِ أَحْنَى ناسِخاً | عهد الصيام كأنه العرجونُ |
فكان بين الصوم خطط نحوه | خطا خفيا بان منه النونُ |
تلهو وأحزن مثلم حكم الهوى | لا يَسْتَوِي المسرورُ والمَحْزُونُ |
وتذللي لم يجد غير تذللٍ | والحسن عز للحسان مكينُ |
لا غَرْوَ أنْ أَصِلَ الغَرَامَ بِمُعْرِضٍ | غير المحب بما يدان يدينُ |
يا ربة القرط المعير خفوقهُ | قَلْبِي، أمَا لِحِرَاكِهِ تَسْكِينُ؟ |
تَوْرِيدُ خَدِّكِ للصَّبَابَة ِ مَوْرِدٌ | |
فإذا رَمَقْتِ فَوَحْيُ حُبِّكِ مُنْزَلٌ | وإذا نطقت فإنه تلقينُ |
لولاك ما أودى الجوى بتجلدي | وكفاك أنك لي منى ومنونُ |
أنتِ الهَوَى ، لكنَّ سُلْوَانَ الهَوَى | قصر ابن معن والحديث شجونُ |
فالحسن أجمع ما يريك عيانهُ | لا ما أرته سوالف وعيونُ |
والروض ما اشتملت عليه شمولهُ | لا ما حوته أبلطح وحزونُ |
قد عَطَّلَ الأزهارَ زاهِرُ حُسْنِهِ | لا الورد ماتفت ولا النسرينُ |
فکجْعَلْ جُفُونَكَ تَجْنِ منه فُتُورَهُ | نَوْرُ الخُدُودِ له الأَكُفُّ جُفُونُ |
فنجومه زهر ثوابت لم يرم | تعديلها زيج ولا قانونُ |
والمجلسان النيران تآلفا | هذا لهذا في البهاء قرينُ |
كالمقلتين أو اليدين تأيدا | والحسن يعضد أمره التحسينُ |
عُطِفَتْ حَنَايَاهُ وَضُمِّنَ بَعْضُها | بَعْضاً، وسِحْرٌ ذلك التَّضْمِينُ |
كتقاطع الأفلاك إلا أنه | متباينان: تحرك وسكونُ |
فلكية لو أنهل حركية ٌ | لاعتدَّ منها الرأسُ والتِّنِّيْنُ |
تتعاقب الأعصار فيه وجوهُ | أبدا به آذار أو تشرينُ |
وكأن هرمس بث حكمته به | وأدار فيه الفكر أفلاطونُ |
وكأن راسم خطه إقليدسٌ | فَمَوَاثِلُ الأَشْكَالِ فيه فُنُونُ |
من دائر ومكعب ومعينٍ | وَمُحَجَّنٍ تَقْوِيسُهُ التَّحجِينُ |
شَمَخَتْ فلا تُحْنَى سَوَارِيها لها | كلا ولا ترمى بها فتبينُ |
تربيع والتسديس والتثمينُ | |
نسب حلت نسب الغناء لبعثها | طرت النفوس وسمعها تعيينُ |
وكأنَّ طَرْفِي مِسْمَعِي، وكأنَّه | صَوْتٌ وشَكْلُ خُطُوطِهِ تَلحينُ |
وكأن مبيض الخدود وضاءة | صَحْنٌ له، لا المَرْمَرُ المَسْنُونُ |
تغشى بمذهب لمعه فكأنما | أبدى لديه كنوزه قارونُ |
هوثالث القمرين في ضوءيهما | فيه تُضِيءُ لنا اللّيالي الجُونُ |
لو ابصرته الفرس قدس نورهُ | كِسْرَى وأَخْبَتْ نارَها شِيرِينُ |
أبدى السجود إليه قسطنطينُ | |
رأس بظهر النون إلا أنه | سام فقبته بحيث النونُ |
في رأسِهِ سَبَقَ النَّعامَ سماؤه | مِنْ دونه دَمْعُ الغَمَامِ هَتُونُ |
قَصْرٌ تَبَيَّنَتِ القُصُورُ قُصُورَها | عنه، وَفَضْلُ الأفضلين يَبِينُ |
النقل شك والعيان يقينُ | |
هو جَنَّة ُ الدُّنْيا تَبَوَّأَ نُزْلَها | مَلِكٌ تَمَلَّكَهُ التُّقَى والدِّينُ |
فكأنما الرحمن عجلها له | لِيَرَى بما قد كان ما سيكونُ |
وكأنَّ بانِيَهُ سِنِمَّارٌ، فما | يَعْدُوهُ تَحْسِينٌ ولا تَحْصِينُ |
وَجَزَاؤهُ فيه نَقِيضُ جَزَائِهِ | شتان ما الإحياء والتحيينُ |
عَفٌّ فلا مالٌ يُباحُ ولا دَمٌ | بل آمنانِ: ذَخيرة ٌ وَوَتِينُ |