أبتْ آياتُ حبّى أنْ تبينا
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
أبتْ آياتُ حبّى أنْ تبينا | لنا خبرًا فأبكينَ الحزينا |
وكيفَ سؤالنا عرصاتِ ربعٍ | تُرِكْنَ بِقَفْرَة ٍ حَتَّى بَلِينا |
وأحجارًا منَ الصّوّانِ سفعًا | بهنَّ بقيّة ٌ ممّا صلينا |
عَرَفْنَاهَا مَنَازِلَ آلِ حُبَّى | فَلَمْ نَمْلِكْ مِنَ الطَّرَبِ الْعُيُونا |
تراوحها رواعدُ كلِّ هيجٍ | وأرواحٌ أطلنَ بها حنينا |
بدارة ِ مكمنٍ ساقتْ إليها | رياحُ الصّيفِ أرآمًا وعينا |
حَفَرْنَ عُرُوقَهَا حَتَّى أجَنَّتْ | مقاتلها وأضحينَ القرونا |
كناسُ تنوفة ٍ ظلّتْ إليهِ | هجانُ الوحشِ حارنة ً حرونا |
يَقِلْنَ بِعَاسِمَيْنِ وَذَاتِ رُمْحٍ | إذَا حَانَ الْمَقِيلُ وَيَرْتَعِينا |
كأنَّ بكلِّ رابية ٍ وهجلٍ | منَ الكتّانِ أبلاقًا بنينا |
وَنَارِ وَدِيقَة ِ فِي يَوْمِ هَيْجٍ | مِنَ الشِّعْرَى نَصَبْتُ لَهَا الْجَبِينَا |
إذا معزاءُ هاجرة ٍ أرنّتْ | جَنادِبُهَا وَكَان الْعِيسُ جُونا |
وعارية ِ المحاسرِ أمِّ وحشٍ | تَرَى قِطَعَ السَّمَامِ بِهَا عِزِينا |
نصبتُ بها روائيَ فوقَ شعثٍ | بموماة ٍ يظنّونَ الظّنونا |
إلى أقتادِ راحلتي فظلّتْ | تُنَازِعُهُ الأعَاصِيرُ الْوَضِينا |
ونحنُ لدى دفوفِ مغوّراتٍ | نقيسُ على الحصى نطفًا بقينا |
قليلاً ثمَّ طرنا فوقَ خوصٍ | يلاعبنَ الأزمّة َ والبرينا |
مُضَبَّرَة ٍ مَرَافِقُهُنَّ فُتْلٌ | نَوَاعِبَ بِالرُّؤُوسِ إذَا حُدِينا |
إذا الحاجاتُ كنَّ وراءَ خمسٍ | مِنَ الْمَوْمَاة ِ كُنَّ بِهَا سَفِينا |
وَمَاءٍ تُصْبِحُ الفَضَلاَتُ مِنْهُ | كخمرِ براقَ قدْ فرطَ الأجونا |
وردتْ مديّهُ فطردتُ عنهُ | سَوَاكِنَ قَدْ تَمَكَّنَّ الْحُضُونا |
بصفنة ِ راكبٍ وموصّلاتٍ | جَمَعْتُ الرَّثَّ مِنْهَا والْمَتِينا |
وَمَصْنَعَة ٍ هُنَيْدَ أَعَنْتُ فِيهَا | على لذّاتها الثّملَ المنينا |
وَنَازَعَنِي بِهَا نَدْمَانُ صِدْقٍ | شِوَاءَ الطَّيْر والْعِنَبَ الْحَقِينا |
وطنبورٍ أجشَّ وريحِ ضغثٍ | مِنَ الرَّيْحَانِ يَتَّبِعُ الشُّؤُونا |
وَعَيْشٍ صَالِحٍ قَدْ عِشْتُ فِيهِ | لَوَ أَنَّ عِمَادَ ظُلَّتِهِ يَقِينا |
وأظعانٍ طلبتُ بذاتِ لوثٍ | يَزِيدُ رَسِيمُهَا سَرَعاً وَلِينا |
منَ العيديِّ تحملني ورحلي | وتحملها ملاطسُ ما يقينا |
إذَا خَفَقَتْ مَشَافِرُهَا وَظَلَّتْ | بسيرتها مصانعة ً ذقونا |
عقيلة ُ أينقَ أغدو عليها | إذَا حَاجاتُ قَوْمٍ يَعْتَرِينا |
ألاَ يا لَيْتَ رَاحِلَتِي بِخَبْتٍ | ميمّمة ً أميرَ المؤمنينا |
وإنْ دميتْ مناسمها وألقتْ | بموماة ٍ على عجلٍ جنينا |
تَشُقُّ الْطَّيْرُ ثَوْبَ الْمَاءِ عَنْهُ | بعيدَ حياتهِ إلاّ الوتينا |
وَهِزَّة ِ نِسْوَة ٍ مِنْ حَيٍّ صِدْقٍ | يُزَجِّجْنَ الْحَوَاجِبَ والْعُيُونا |
طَلَبْتُ وَقَدْ تَوَاهَقَتِ الْمَطَايا | بيعملة ٍ تبذُّ السّابقينا |
وحثَّ الحاديانِ بأمِّ لهوٍ | ظَعَائِنَ في الْخَلِيطِ الرَّافِعِينا |
أَنَخْنَ جِمَالَهُنَّ بِذاتِ غِسْلٍ | سَرَاة َ الْيَوْمِ يَمْهَدْنَ الْكُدُونا |
بِرَوْضٍ عازِبٍ سَرَّحْنَ فِيهِ | سوامًا وانتظرنَ بهِ الظّعونا |
وما مالَ النّهارُ وهنَّ فيها | يخدّرنَ الدّمقسَ ويحتوينا |
فَرُحْنَ عَشِيَّة ً كَبَنَاتِ مَخْرٍ | عَلَى الْغُبُطَاتِ يَمْلأَنَ الْعُيُونا |
دعونَ قلوبنا بأثيفياتٍ | فَألْحَقْنَا قَلاَئِصَ يَغْتَلِينا |
بِغَيْطَلَة ٍ إذَا الْتَفَّتْ عَلَيْنَا | نَشَدْنَاهَا الْمَوَاعِدَ والدُّيُونا |
عطفنَ لها السّوالفَ منْ بعيدٍ | فَقُلْتُ عُيُونَ آرَامٍ كُسِينا |
أولائكَ نسوة ٌ في إرثِ مجدٍ | كرائمُ يصطفينَ ويصطفينا |
مُدِلاَّتٌ يَسِرْنَ بِكُلِّ ثَغْرٍ | إذَا أُرِّقْنَ مِنْ فَزَعٍ حُمِينا |
لَهُنَّ فَوَارِسٌ لَيْسُوا بِمِيلٍ | ولا كشفٍ إذا قلنَ : امنعونا |
ظَعَائِنُ مِنْ كِرَامِ بَنِي نُمَيْرٍ | خَلَطْنَ بِمِيسَمٍ حَسَباً وَدِينا |
تَفَرَّعْنَ النُّصُورَ وَحَيَّ مَعْنٍ | وسادة َ عامرٍ حتّى رضينا |
وَسَبْقٍ تَعْظُمُ الأَخْطَارُ فِيهِ | وَيَحْسِرُ جَرْيُهُ الْبَطَلَ الْبَطِينا |
شهدناهُ بفتيانٍ كرامٍ | فَلَمْ نَبْرَحْ بِهِ حَتَّى عُلِينا |
تَبَادَرْنَا إسَاءَتَهُ فَجِئْنا | منَ الأفواجِ نلتهمُ المئينا |
وَمُعْتَرَكٍ تُشَقُّ الْبَيْضُ فِيهِ | كشقِّ الجارزِ القمعَ السّمينا |
لنا جببٌ وأرماحٌ طوالٌ | بهنَّ نمارسُ الحربَ الشّطونا |
وَأفْرَاسٍ إذَا نَلْقَى عَدُوّاً | بِمَلْحَمَة ٍ عُرِفْنَ إذَا رُبِينا |
وردنَ المجدَ قبلَ بني نزارٍ | فما شربوا بهِ حتّى روينا |
وَجَدْنَا عَامِراً أشْرَافَ قَيْسٍ | فكنّا الصّلبَ منها والوتينا |
ذُؤَابَتُنَا ذُؤَابَتُهَا وَكَانَتْ | قَناة َ لِوَائِهَا الْمَتْبُوعِ فِينا |
وَمَنْ يَفْخَرْ بِمَكْرُمَة ٍ فَإنَّا | سبقناها لأيدي العالمينا |
عَصَا كَرَم وَرَثْنَاهَا أبَانَا | ونورثها إذا متنا بنينا |
وَإنْ وُزِنَ الْحَصَى فَوَزَنْتُ قَوْمِي | وجدتُ حصى ضريبتهمْ رزينا |
وَمَنْ يَحْفِرْ أَرَاكَتَنَا يَجِدْهَا | أرَاكَة َ هَضْبَة ٍ ثَقَبَتْ شُؤُونا |
ونحنُ الحابسونَ إذا عزمنا | ونحنُ المقدمونَ إذا لقينا |
ونحنُ المانعونَ إذا أردنا | ونحنُ النّازلونَ بحيثُ شينا |
إذا ندبتْ روايا الثّقلِ يومًا | كَفَيْنَا الْمُضْلِعَاتِ لِمَنْ يَلِينا |
إذا ماقيلَ أينَ حماة ُ ثغرٍ | فنحنُ بدعوة ِ الدّاعي عنينا |
وتلقى جارنا يثني علينا | إذا ما حان يومٌ أنْ يبينا |
هُمُ فَخَرُوا بِخَيْلِهِمُ فَقُلْنَا | بغيرِ الخيلِ تغلبُ أوعدينا |
لنا آثارهنَّ على معدِّ | وخيرُ فوارسٍ للخيرِ فينا |
وعلّمنا سياستهنَّ إنّا | ورثنا آلَ أعوجَ عنْ أبينا |
مُقَرِّبَة ً إذَا خَوَتِ الثُّرَيَّا | جَعَلْنَا رِزْقَهُنَّ مَعَ الْبَنِينا |
وَكُنَّ إذَا أبَرْنَ دِيَارَ قَوْمٍ | عطفناها لقومٍ آخرينا |
كأنَّ شوادخَ الغرّاتِ منهمْ | بوازي يصطفقنَ ويلتقينا |
أصابتْ حربنا جشمَ بنَ بكرٍ | فَأَصْبَحَ بَيْتُ عِزِّهِمُ عِزِينا |
ألمْ نتركْ نساءهمُ جميعًا | بِأَقْبَالِ الْهِضَابِ مُسَنَّدِينا |
بَدَأْنَا ثُمَّ عُدْنَا فَاصْطَلَمْنَا | شراذمَ من أنوفكمُ بقينا |
قتلناكمْ ببلدة ِ كلِّ أرضٍ | وكنّا في الحروبِ مجرّبينا |
بأسيافٍ لنا متوارثاتٍ | كشهبانٍ بأيدي مصلتينا |
إذا خالطنَ هامة َ تغلبيٍّ | فلقنَ الرّأسَ منهُ والجبينا |
ألمْ نتركْ نساءَ بني زهيرٍ | على الآسي يحلّقنَ القرونا |
تَمَنَّيْتَ الْمُنَى فَكَذَبْتَ فِيهَا | وَرَوَّيْتَ الرِّمَاحَ وَمَا رَوِينا |
وَمَا تَرَكَتْ رِمَاحُ بَنِي سُلَيْمٍ | لفحلٍ في حواصنهمْ جنينا |
وَإنَّ بَنَاتِ حَلاَّبٍ وَجَدْنَا | فوارسهنَّ في الهيجا قيونا |
وهمْ تركوا على أكنافِ لبنى | نِسَاءَهُمُ لَنَا لَمَّا لَقُونا |
إذَا مَا حَارَبَتْكَ بُطُونُ قَيْسٍ | حسبتَ النّاسَ حربًا أجمعينا |
عليكَ البحرُ حيثُ نفيتَ إنّا | منعناكَ السّهولة َ والحزونا |
ثناءٌ تشرقُ الأحسابُ منهُ | بهِ نتودّعُ الحسبَ المصونا |
فَلَمْ نَشْعُرْ بِضَوْءِ الصُّبْحِ حَتَّى | سَمِعْنَا فِي مَسَاجِدَنَا الأَذِينا |
يَقُدْنَ وَلاَ يُقَدْنَ لِكُلِّ غَيْثٍ | وفي رأسٍ يسرنَ وينتوينا |
وَنَحْنُ ذَوُو الأنَاة ِ وإنْ أُصِبْنَا | بمظلمة ٍ حسبتَ بنا جنونا |