أَتَعْرِفُ أَطْلاَلاً بِوَهْبِينَ وَالْحَضْرِ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
أَتَعْرِفُ أَطْلاَلاً بِوَهْبِينَ وَالْحَضْرِ | لِمَيٍّ كَأَنْيَارِ الْمُفَوَّفَة ِ الْخُضْرِ |
فَلَمَّا عَرَفْتُ الدَّارَ وَاعْتَزَّنِي الْهَوَى | تَذَكَّرْتُ هَلْ لِي أَنْ تَصَابَيْتُ مِنْ عُذْرِ |
فلمْ أرَ عذراً بعدَ عشرينَ حجَّة ً | مَضَتْ لِي وَعَشْرٌ قَدْ مَضَيْنَ إِلَى عَشْرِ |
وأخفيتُ شوقي منْ رفيقي وإنَّهُ | لَذُو نَسَبٍ دَانٍ إِلَيَّ وَذُو حِجْرِ |
محلَّ الحواءينِ الذي لستُ رائياً | مَحَلَّهُمَا إِلاَّ غُلِبْتُ عَلَى الصَّدْرِ |
وَضِبْحاً ضَبَتْهُ النَّارُ فِي ظَاهِرِ الحْصَى َ | كَبَاقِيَة ِ التَّنْويِرِ أَوْ نُقَطِ الْحِبْرِ |
وَغَيْرَ ثَلاَثٍ بَيْنَهُنَّ خَصَاصَة ٌ | تَجَاوَرْنَ فِي رَبْعٍ زَمَاناً مِنَ الدَّهْرِ |
كساهنَّ لونَ السُّودِ بعدَ تعيُّسٍ | بوهبينَ إحماشُ الوليدة ِ بالقدرِ |
أربَّتْ عليها كلُّ هوجاءَ رادة ٍ | شَمَالٍ وَأَنْفَاسُ اليْمَاَنِيَة ِ الْكُدْرِ |
تسحُّ بها بوغاءَ قفٍّ وتارة ً | تسنُّ عليها تربَ آملة ٍ عفرِ |
هجانٍ منَ الدَّهنا كأنَّ متونَها | إذا برقتْ أثباجُ أحصنة ٍ شقرِ |
فهاجتْ عليكَ الدارُ ما لستَ ناسياً | مِنَ الْحَاجِ إِلاَ أَنْ تُنَاسي عَلَى ذُكْرِ |
هواكَ الذي ينهاضُ بعدَ اندمالهِ | كما هاضَ حادٍ متعبٌ صاحبَ الكسرِ |
ا قَلْتُ قَدْ وَدَّعْتُهُ رَجَعَتْ بِهِ | شجونٌ وأذكارٌ تعرَّضُ في الصَّدرِ |
لمستشعرٍ داءَ الهوى عرَّضتْ له | سقاماً من الأسقامِ صاحبة ُ الخدرِ |
إِذَا قُلْتُ يَسْلُو ذِكْرُ مَيَّة قَلْبَهُ | أَبَى حُبُّهَا أَلاَّ بَقَآءَ عَلَى الْهَجْرِ |
تَمِيمِيَّة ٌ نَجِدْيَّة ٌ دَارُ أَهْلِهَا | إِذَا مُوِّهَ الصَّمَّانُ مِنْ سَبَلِ الْقَطْرِ |
بأدعاصِ حوضى ثمّ يوردُ أهلُها | جرَاميزُ يَطْفُو فَوْقَهَا وَرَقُ السِدْرِ |
منَ الواضحاتِ البيضِ تجري عقودُها | عَلَى ظَبْية ٍ باِلرَّمْلِ فَارِدَة ٍ بِكْرِ |
تَبَسَّمُ إِيمَاضَ الْغَمَامَة ِ جَنَّهَا | رواقٌ من الظَّلماءِ في منطقٍ نزرِ |
يُقَطّعُ مَوْضُوعَ الْحَدِيثِ ابْتِسَامُهَا | تَقَطُّعَ مَآءِ الْمُزْنِ فِي نُزَفِ الْخَمْرِ |
فلو كلَّمتْ ميٌّ عواقلَ شاهقٍ | رغاثاً منَ الأروى سهونَ عن الغفرِ |
خبرنجة ٌ خودٌ كأنَّ نطاقها | عَلَى رَمْلَة ٍ بَيْنَ الْمُقَيَّدِ وَالْخَصْرِ |
لها قصبٌ فعمٌ خدالٌ كأنَّهُ | مُسَوِّقُ بَرْدِيٍّ عَلَى حَآئِرٍ غَمْرِ |
سَقِيَّة ُ أَعْدَادٍ يبَيِتُ ضَجِيعُهَا | وَيُصْبِحُ مُحْبُوراً وَخَيراً مِنَ الْحَبْرِ |
تعاطيهِ برّاقَ الثَّنايا كأنَّهُ | أقاحيُّ وسميٍّ بسائفة ٍ قفرِ |
كَأَنَّ النَّدَى الشَّتْوِيَّ يَرْفَضُّ مَآؤُهُ | عَلَى أَشْنَبِ الأنَيْاَبِ مُتَّسِقِ الثَّغْرِ |
هجانٍ تفُتُّ المسكَ في متناعمٍ | سُخَامِ الْقُرُونِ غَيْرِ صُهْبٍ وَلاَ زُعْرِ |
وتشعرهُ أعطافها وتسوفهُ | وتمسحُ منه بالتَّرائبِ والنَّحرِ |
لها سنَّة ٌ كالشَّمسِ في يومِ طلقة ٍ | بدتْ من سحابٍ وهيَ جانحة ُ العصرِ |
فما روضة ٌ منْ حرِّ نجدٍ تهلَّلتْ | عليها سماءٌ ليلة ً والصِّبا تسري |
بها ذرقٌ غضُّ النَّباتِ وحنوة ٌ | تعاورها الأمطارُ كفراً على كفرِ |
بِأَطْيَبَ مِنْهَا نَكْهَة ً بَعْدَ هَجْعَة ٍ | ونشراً ولا وعساءُ طيِّبة ُ النَّشرِ |
فتلكَ التي يعتادني من خيالها | على النَّأي داءُ السِّحرِ أو شبهُ السِّحرِ |
إِلَى ابْنِ أبِي مُوسَى بِلاَلٍ تَكَلَّفَتْ | بِنَا البُعْدَ أَنْقَاضُ الْغُرَيْرِية ِ السُّجْرِ |
مُدَئِبَة ُ الأَياَّمِ وَاصِلة ٌ بِنَا | لياليَها حتَّى ترى وضحَ الفجرِ |
يؤوِّبنَ تأويباً قليلاً غرارُهُ | ويجتبنَ أثناءَ الحنادسِ والقمرِ |
يُقَطِّعْنَ أَجْوَازَ الْفَلاة ِ بِفِتْيَة ٍ | لَهُمْ فَوْقَ أَنْضَآءِ السُّرَى قِمَمُ ت |
َمُرُّ بِنَا الأَيَّامُ مَا لَمَحَتْ لَنَا | بصيرة ُ عينٍ من سوانا إلى شفرِ |
تقضَّينَ منْ أعرافِ لبنى وغمرة ٍ | فلمّا تعرَّفنَ اليمامة َ عنْ عفرِ |
تزاورنَ عنْ قرّانَ عمداً ومن به | منَ الناسِ وازورَّتْ سراهنَّ عن حجرِ |
فأمسينَ بالحومانِ يجعلنَ وجهة ً | لأعناقهنَّ الجديَ أو مطلَعَ النَّسرِ |
فَصَمَّمْنَ فِي دَوِيَّة الدَّوِّ بَعْدَمَا | لَقِيْنَ الَّتِي بَعْدَ اللَّتَيَّا مِنَ الضُّمْرِ |
فَرَغْنَ أَبَا عَمْرٍ بِمَا بَيْنَ أَهْلِنَا | وَبَيْنَكَ مِنْ أَطْرَاقِهِنَّ وَمِنْ شَهْرِ |
فأصبحنَ يعزلنَ الكواظم يمنة ً | وَقَدْ قَلِقَتْ أَجْوَازُهُنَّ مِنَ الضَّفْرِ |
فَجِئْنَا عَلَى خُوصٍ كَأَنَّ عُيُونَهَا | صباباتُ زيتٍ في أواقيَّ من صفرِ |
مكلّينَ مضبوحي الوجوهِ كأنَّنا | بنو غبّ حمّى منْ سهومٍ ومن فترِ |
وَقَدْ كُنْتُ أُهْدي فِي الْمَفَاوِزِ بَيْنَنَا | ثناءَ امرئِ باقي المودَّة ِ والشُّكرِ |
ذَخَرْتُ أَبَا عَمْرٍو لِقَوْمِكَ كُلِّهِمْ | بقاءَ اللَّيالي عندنا أحسنَ الذُّخرِ |
فلا تيأسنْ منْ أنَّني لكَ ناصحٌ | وَمَنْ أَنْزَلَ الْفُرْقَانَ فِي لَيْلَة ِ الْقَدْرِ |
أقولُ وشعرٌ والعرائسُ بيننا | وَسُمْرُ الذُّرَى مِنْ هَضبِ ناَصفَة َ الْحُمْرِ |
إذا ذُكرَ الأقوامُ فاذكرْ بمدحة ٍ | بلالاً أخاكَ الأشعريَّ أبا عمرو |
أَخَاً وَصْلُهُ زَيْنُ الكَريِمِ وَفَضْلُهُ | يُجِيرُكَ بعْدَ اللّهِ مِنْ تلَفِ الدَّهْرِ |
رأيتُ أبا عمرٍو بلالاً قضى له | وليُّ القضايا بالصَّوابِ وبالنَّصرِ |
إِذَا حَارَبَ الأَقْوَامَ يَسْقِي عَدُوَّهُ | سِجَالاً مِنَ الذّيِفاَنَ وَالْعَلْقَمِ الْخُضْرِ |
وَحَسْبي أَبَا عَمْرٍو عَلَى مَنْ تُصِيبُهُ | كَمُنْبعَقِ الغيْثِ الْحَيَا النَّابِتِ النَّضْرِ |
وإنْ حاردَ المعطُونَ ألفيتَ كفَّهُ | هضوماً تسحُّ الخيرَ منْ خلقٍ بحرِ |
ومختلقٌ للملكِ أبيضُ فدغمٌ | أشمُّ أبجُّ العينِ كالقمرِ البدرِ |
تصاغرُ أشرافُ البريَّة ِ حولهُ | لأَزْهَرَ صَافِي اللَّونِ مِنْ نَفَرٍ زُهْرِ |
خَلَفْتَ أَباَ مُوسَى وَشَرَّفْتَ مَا بَنَى | أبو بُردة َ الفيّاضُّ منْ شرفِ الذِّكرِ |
وكمْ لبلالٍ من أبٍ كان طيّباً | على كلِّ حالٍ في الحياة ِ وفي القبرِ |
لَكَمْ قَدَمٌ لاَ يُنْكِرُ النَّاسُ أَنَّهَا | معَ الحسبِ العاديِّ طمَّتْ على الفخرِ |
خلالُ النبيِّ المصطفى عندَ ربِّهِ | وعثمانَ والفاروقِ بعدَ أبي بكرِ |
وَأنْتُمْ ذَوُو الأُكْلِ الْعَظيِمِ وَأْنُتمُ | أسودُ الوغى والجابرونَ من الفقرِ |
أَبُوكَ تَلاَفَى الدِّينَ وَالنَّاسَ بعْدَمَا | تشاءوا وبيتُ الدينِ منقلعُ الكسرِ |
فَشَدَّ إِصَارَ الدِّيْنِ أَيَّامَ أَذْرُحٍ | وَرَدَّ حُرُوباً قَدْ لَقِحْنَ إِلَى عُقْرِ |
تعزُّ ضعافَ النَّاس عزَّة ُ بنفسهِ | ويَقْطَعُ أَنْفَ الْكِبْرَيآءِ عَنِ الْكِبْرِ |
إِذَا الْمِنْبرُ الْمَحْظُور أَشْرَفَ رَأَسُهُ | على النّاس فوقهُ نظرَ الصَّقرِ |
تجلَّتْ عنِ البازي طشاشٌ وليلة ٌ | فَآنَسَ شَيَئْاً وَهْوَ طَاوٍ عَلَى وَكْرِ |
فَسَلَّمَ فَاخْتَارَ الْمَقَالَة مِصْقَعٌ | رفيعُ البنى ضخمُ الدَّسيعة ِ والأمرِ |
لِيَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ شَبَّهَ قَوْلَهُ | ذَوُو الرَّأَيِ وَالأَّحْجَاءِ منُقْلَعَ الصَّخْرِ |
ومثلُ بلالٍ سوِّسَ الأمرَ فاستوتْ | مهابتهُ الكبرى وجلّى عن الثَّغرِ |
إذا التكَّتِ الأورادُ فرَّجتَ بينها | مصادرَ ليستْ منْ عبامٍ ولا غمرِ |
وَنَكَّلْتَ فسَّاقَ العِراقِ فَأَقْصَرُوا | وَغَلَّقْتَ أبْوَابَ الَنسَاءِ عَلَى سِتْرِ |
فلم يبقَ إلاّ داخرٌ في مخيَّسٍ | وَمُنْحَجِرٌ مِنْ غَيْرِ أَرْضِكَ فِي حُجْرِ |
يَغَارُ بِلاَلٌ غَيْرَة ً عَربِيَّة ً | على العربيّاتِ المغيباتِ بالمصرِ |