وقفتُ على ربعٍ لميَّة َ ناقتي
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
وقفتُ على ربعٍ لميَّة َ ناقتي | فَمَا زِلْتُ أَبْكِي عِنْدَهُ وأُخَاطِبُهْ |
وَأُسْقِيهِ حَتَّى كَادَ مِمَّا أَبِثُّهُ | تُكلِّمُني أحجارُهُ وملاعبهْ |
بأجرعَ مقفارٍ بعيدٍ منَ القُرى | فَلاَة ٍ وَحُفَّتْ بِالْفَلاَة ِ جَوَانِبُهْ |
بِهِ عَرَصَاتُ الْحَيِّ قَوَّبْنَ مَتْنَهُ | وَجْرَّدَ أَثْبَاجَ الْجَرَاثِيمِ حَاطِبُهْ |
تُمَشِّي بِهِ الثّيِرَانُ كُلَّ عَشِيَّة ِ | كما اعتادَ بيتَ المرزُبانِ مرازبُهْ |
كَأَنَّ سَحِيقَ الْمِسْكِ رَيَّا تُرَابِهِ | إذا هضبتهُ بالطِّلالِ هواضبهْ |
إذا سيَّرَ الهيفُ الصَّهيلَ وأهلَهُ | مِنَ الصَّيْفِ عَنْهُ أَعْقَبَتْهُ نَوَازِبُهْ |
نَظَرْتُ إِلَى أَظْعَانِ مَيّ كَأَنَّهَا | مولّية ً ميسٌ تميلُ ذوائبهْ |
فأبديتُ منْ عينيَّ والصدرُ كاتمٌ | بِمُغْرَوْرِقٍ نَمَّتْ عَلَيْهِ سَوَاكِبُهْ |
هَوَى آلِفٍ جآءَ الْفِرَاقُ فَلَمْ تُجِلْ | جوَآئِلَهَا أَسْرَارُهُ وَمَعَاتِبُهْ |
ظَعَآئِنُ لَمْ يَحْلُلْنَ إِلاَّ تَنُوفَة ً | عَذَاة ً إِذَا مَا الْبَرْدُ هَبَّتْ حَنَائِبُهْ |
تعرَّجنَ بالصَّمّانِ حتَّى تعذَّرتْ | عَلَيْهِنَّ أَرْبَاعُ اللّوَى وَمَشَارِبُهْ |
وَحَتَّى رَأَيْنَ الْقِنْعَ مِنْ فَاقِىء ِ السَّفَا | قدِ انتسجتْ قريانهُ ومذانبهُ |
وَلاَ زَالَ فِي أَرْضِي عَدُوٌّ أُحَارِبُهْ | أساريعُ معروفٍ وصرَّتْ جنادبهْ |
فأصبحنْ بالجرعاءِ جرعاءِ مالكٍ | وآلُ الضُّحى تزهى الشُّبوحَ سبائبهْ |
فَلَمَّا عَرَفْنَا آيَة َ البَيْنِ بَغْتَة ً | ورُدَّتْ لأحداجِ الفراقِ ركائبهْ |
وَقَرَّبْن لِلأَظْعَانِ كُلَّ مُوَقَّعٍ | مِنَ الْبُزْلِ يُوفِي بالْحَوِيَّة ِ غَارِبُهْ |
ولم يستطعْ إلفٌ لإلفٍ تحيَّة ً | منَ الناسِ إلاّ أنْ يسلِّمَ حاجبهْ |
تراءى لنا منْ بينِ سجفينِ لمحة ً | غزالٌ أحمُّ العينِ بيضٌ ترائبهْ |
إِذَا نَازَعَتْكَ الْقَوْلَ مَيَّة ُ أَو بَدَا | لكَ الوجهُ منها أو نضا الدَّرعَ سالبهْ |
فيا لكَ من خدٍّ أسيلٍ ومنطقٍ | رخيمٍ ومنْ خلقٍ تعلَّلَ جادبُهْ |
أَلاَ لاَ أَرَى مِثْلَ الْهَوَى دَآءَ مُسْلِمٍ | كَرِيمٍ وَلاَ مِثْلَ الْهَوَى لِيْمَ صَاحِبُهْ |
مَتَى يَعْصِهِ تُبْرِحْ مُعَاصَاتُهُ بِهِ | وَإِنْ يَتَّبِعْ أَسْبَابَهُ فَهْوَ غَالِبُهْ |
مَتَى تَظْعَنِي يَا مَيُّ عَنْ دَارِ جِيرَة ٍ | لَنَا وَالْهَوَى بَرْحٌ عَلَى مَنْ يُغَالِبُهْ |
أَكُنْ مِثْلَ ذِي الأُلاَّفِ لُزَّتْ كُرَاعُهُ | إلى أختها الأخرى وولَّى صواحبهُ |
تَقَاذَفْنَ أَطْلاَقاً وَقَارَبَ خَطْوَهُ | عنِ الذَّودِ تقييدٌ وهنَّ حبائبهْ |
نأينَ فلا يسمعنَ إنْ حنَّ صوتهُ | وَلاَ الْحَبْلُ مُنْحَلٌّ وَلاَ هُوَ قَاضِبُهْ |
وأشعثَ قدْ قايستهُ عرضَ هوجلٍ | سَوَآءٌ عَلَيْنَا صَحْوُهُ وَغيَاهِبُهْ |
ومُخترَقٍ خاوي الممرِّ قطعتهُ | بِمُنْعَقِدٍ خَلْفَ الشَّرَاسِيْفِ حَالِبُهْ |
يَكَادُ مِنَ التَّصْدِيرِ يَنْسَلُّ كُلَّمَا | ترنَّمَ أو مسَّ العمامة َ راكبهْ |
طويلِ النَّسا والأخدعينِ عُذافرٍ | مُضَبَّرَة ٍ أَوْرَاكُهُ وَمنَاكِبُهْ |
كأنَّ يماميّاً طوى فوقَ ظهرهِ | صفيحاً يُداني بينهُ ويُقاربهْ |
إِذَا عُجْتُ مِنْهُ أَوْ رَأَى فَوْقَ رَحْلِهِ | تَحَرُّكَ شَيءٍ ظَنَّ أَنِّيَ ضَارِبُهْ |
كأنِّي ورحلي فوقَ سيِّدِ عانة ٍ | منَ الحقبِ زمامٍ تلوحُ مَلاحبُهْ |
رَعَى مَوْقِع الْوَسْمِيِّ حَيْثُ تَبَعَّقَتْ | عزالي السَّواحي وارثعنَّتْ هواضبهْ |
لهُ واحفٌ فالصُّلبُ حتى تقطَّعتْ | خلافَ الثُّريَّا منْ أريكٍ مآربُهْ |
يُقلِّبُ بالصَّمانِ قوداً جريدة ً | ترامى به قيعانهُ وأخاشبهْ |
وَيَوْمٍ يُزِيرُ الظَّبْيَ أَقْصَى كِنَاسِهِ | وتنزو كنزوِ المُعلقاتِ جنادبُهْ |
أَغَرَّ كَلَوْنِ الْمِلْحِ ضَاحِي تُرَابِهِ | إِذَا اسْتَوْقَدَتْ حِزَّانُهُ وَسَبَاسِبُهْ |
تلثَّمتُ فاستقبلتُ منْ عنفوانهِ | أُوَاراً إِذَا مَا أَسْهَلَ اسْتَنَّ حَاصِبُهْ |
إذا جعلَ الحرباءُ يبيضُّ لونهُ | وَيَخْضَرُّ مِنْ لَفْحِ الْهَجِيرِ غَبَاغِبُهْ |
وَيَشْبَحُ بِالْكَفَّيْنِ شَبْحاً كَأَنَّهُ | أَخُو فُجْرَة ٍ عَالَى بِهِ الْجِذْعَ صَالِبُهْ |
عَلَى ذَاتِ أَلَوَاحٍ طِوَالٍ وَكَاهِلٍ | أنافتْ أعاليه ومارتْ مناكبهْ |
وَأَعْيَس قَدْ كَلَّفْتُهُ بُعْدَ شُقَّة ٍ | تعقَّدَ منهُ أبيضاهُ وحالبهْ |
متى يُبلني الدهر الذي يرجعُ الفتى | على بدئهِ أو تشتعبني شواعبهْ |
ركبتُ بهِ عوصاءَ ذاتَ كريهة ٍ | وَزَوْرَآء حَتَّى يَعْرِفَ الضَّيْمَ جَانِبُهْ |
وأزورَ يمطو في بلادٍ عريضة ٍ | تعاوى به ذؤبانهُ وثعالبهْ |
إلى كلِّ ديّارٍ تعرَّفنَ شخصهُ | من القفرِ حتى تقشعِرَّ ذوائبهْ |
تعسَّفتهُ أسري على كورِ نضوة ٍ | تُعاطي زمامي تارة ً وتُجاذبهْ |
أَخُو قَفْرَة ٍ مُسْتَوْحِشٌ لَيْسَ غَيْرُهُ | ضعيفُ النِّداءِ أصحلُ الصَّوتِ لاغبهْ |
منَ اللَّيلِ جوزٌ واسبطرَّتْ كواكبهْ | |
إِلَى كَوْكَبٍ يَزْوِي لَهُ الْوَجْهَ شَارِبُهْ | |
إِلَى الْمَآءِ حَتَّى انْقَدَّ عَنْهَا طَحَالِبُهْ | |
فجاءتْ بسَجلٍ طعمه منْ أُجونهِ | كما شابَ للمورودِ بالبولِ شائبهْ |
وجاءتْ بنسجٍ منْ صناعٍ ضعيفة ٍ | تنوسُ كأخلاقِ الشَّفوفِ ذعالبهْ |
هِيَ انْتَسَجَتْهُ وَحْدَهَا أَوْ تَعَاوَنَتْ | على نسجهِ بينَ المثابِ عناكبهْ |
دفقناهُ في بادي النَّشيئة ِ داثرٍ | قَدِيمٍ بِعَهْدِ النَّاسِ بُقْعٍ نَصَآئِبُهْ |
على ضُمَّرٍ هيمٍ فراوٍ وعائفٌ | ونائلُ شيءٍ سيِّءُ الشُّربِ قاصبهْ |
سُحيراً وآفاقُ السَّماءِ كأنَّها | بِهَا بَقَرٌ أَفْتَآؤُهُ وَقَرَاهِبُهْ |
تَؤُمُّ فَتى ً مِنْ آلِ مَرْوَانَ أُطْلِقَتْ | يداهُ وطابتْ في قريشٍ مضاربهْ |
بِنَا مَصدَراً وَالْقَرْنُ لَمْ يَبْدُ حَاجِبُهْ | |
ألا ربَّ منْ يهوى وفاتي ولو أتتْ | وفاتي لذلَّتْ للعدوِّ مراتبهْ |
وَقَآئِلَة ٍ تَخْشَى عَلَيَّ أَظُنُّهُ | سيودي بهِ ترحالهُ ومذاهبُهْ |