وحقكَ إني قانعٌ بالذي تهوى ،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
وحقكَ إني قانعٌ بالذي تهوى ، | وراضٍ ولو حمّلتَني في الهوَى رَضوَى |
وهَبتُكَ روحي فاقضِ منها ولا تخَفْ، | لأنّ عناني نحوَ غيركَ لا يلوى |
وهى جلدي إن كانَ أضمرَ خاطري | سلواً، ولو أني قضيتُ من البلوَى |
وحقكَ قد عزّ السلوُّ، فمنّ لي | بوصلٍ، فإنّ المنّ أحلى من السلوى |
وَجَدتُ الهوَى حُلواً، فلَمّا وَرَدتُهُ | تأجّنَ حتى شابَ بالكَدَرِ الصّفْوَا |
وأعبتني من خمرِ حبكَ نشوة ً، | فَها أنا حتى الحشرِ لا أعرِفُ الصّحْوَا |
ولعتُ بذكرِ الغانياتِ تموهاً | عن اسمك كيلا يعلمَ الناسُ من أهوى |
وأكثرتُ تَذكاري لحَزوى ورامَة ٍ، | وما رامَة ٌ لولا هَواكَ وما حَزوَى ؟ |
وعدتَ جميلاً ثم اخلفتَ موعدي، | فما بالُ وَعدِ الهَجرِ عندك لا يُلوَى |
وَصلتَ العِدى رَغماً عليّ، وحبّذا | لوَ أنّكَ أصفَيتَ الودادَ لمن يَسوَى |
وحقِّ الهوى العذريّ، وهيَ ألية ٌ | تنزهُ أربابَ الغرامِ عن الدعوى |
وِصالُكَ للأعداءِ لا الهَجرُ قاتِلي، | ولكن رأيتُ الصّبرَ أولى من الشكوَى |
وفيتَ لهم دوني، فسوفَ أكيدهم | بصَبري إلى أن أبلُغَ الغايَة القُصوَى |
وإلاّ، فلا أضحَتْ لنُجبِ عَزائمي | إلى الملكِ المنصور عصبُ الفلا تطوى |
وليٌّ لأمرِ المسلمينَ، وحافظٌ | شرائطَ دينَ اللهِ بالعدلِ والتقوى |
وَصُولٌ، عَبوسٌ، قاطعٌ، متَبَسّمٌ، | يخافُ ويرجى عنده الحتفُ والجدوى |
وليٌّ عن الفحشا، سريعٌ إلى الندى ، | بعيدٌ عن المرأى ، قريبٌ من النجوى |
وبالٌ لمن عاداك، وبلٌ لمن راعا | كَ، قحطٌ لمن ناواك، خصبُ لمن ألوى |
وفيٌّ يجازي المذنبينَ بعفوهِ، | ولكنهُ عن مالهِ لا يرى العفوا |
ويُصبحُ عن عَيبِ الخَلائقِ لاهِياً، | وعن رعيهم بالعدلِ لا يعرفُ السهوا |
وأبلجُ قد راعَ الزمانَ سياسة ً، | وشنّ على أموالهِ غارة ً شعوا |
وصفنا نداهُ للمطيّ، فأطلعتْ | يداها، وسارَتْ نحوَه تُسرِعُ الخَطوَا |
وظَلّتْ بها يَكوي الهَجيرُ جُلودَها، | وأخفافُها من لَذعِ قدحِ الحصَى تُكوَى |
وبِيدٍ عَسَفتُ العيسَ في هَضباتِها، | وأنضيت بالإدلاجِ في وعرها النضوا |
وردنا بها ربعاً بهِ موردٌ الندى ، | غزيرٌ، ووَعلُ الجَودِ في ظلّهِ أحوَى |
ولُذنا بمَلكٍ لَيسَ يُخلِفُ وَعدَه، | إذا مَوعدُ الوَسميّ أخلَفَ أو ألوَى |
ولمّا أنَخنا عِيسَنا بفنائِه، | أفادَتْ يَداهُ كلَّ نَفسٍ بما تَهَوى |
وأورَدَنا من جُودِ كَفّيهِ نِعمَة ً، | وصَيّرَ جَنّاتِ النّعيمِ لَنا مأوَى |
وحسبي من الأيامِ أني بظلهِ، | ولي جودهُ محياً ولي ربعهُ أحوى |