بكَى عليكَ الحسامُ والقلمُ،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
بكَى عليكَ الحسامُ والقلمُ، | وانفجعَ العلمُ فيكَ والعلمُ |
وضَجّتِ الأرضُ، فالعِبادُ بها | لاطِمَة ٌ، والبِلادُ تَلتَطِمُ |
تُظهِرُ أحزانَها على ملكٍ، | جُلُّ ملوكِ الوَرَى لهُ خَدَمُ |
أبلجُ، غضُّ الشبابِ، مقتبلُ العمـ | ـرِ، ولكِنّ مَجدَهُ هَرِمُ |
محكمق في الورى ، وآملهُ | يَحكُمُ في مالِهِ ويَحتَكِمُ |
يجتمعُ المجدُ والثناءُ لهُ، | ومالُهُ، في الوُفودِ، يُقتَسَمُ |
قد سَئِمتْ جُودَهُ الأنامُ، ولا | يلقاهُ، من بذلهِ الندى ، سأمُ |
ما عرفتْ منهُ لا، ولا نعمٌ، | بل دونهنّ الآلاءُ والنِّعَمُ |
الواهبُ الألفِ، وهوَ مُبتَسِمٌ، | والقاتلُ الألفِ، وهوَ مقتحمُ |
مبتسمٌ والكماة ُ عابسة ٌ، | وعابِسٌ، والسّيوفُ تَبتَسِمُ |
يَستَصغِرُ العَضبَ أن يَصولَ به | إنْ لم تجردْ من قبلهِ الهممُ |
ويستخفّ القناة َ يحملُها، | كأنّها في يمنه قلمُ |
لم يَعلَمِ العالمونَ ما فَقَدوا | منهُ، ولا الأقرَبونَ ما عَدِمُوا |
ما فَقدُ فَردٍ من الأنامِ، كمَنْ | إنْ ماتَ ماتتْ لفقدِهِ أممُ |
والنّاسُ كالعَينِ إن نَقَدتَهُمُ، | تَفاوَتَتْ عندَ نَقدِكَ القِيَمُ |
يا طالبَ الجودِ قد قضى عمرٌ، | فكلُّ جودٍ وجودهُ عدمُ |
ويا مُنادي النّدى ليدركَهُ! | أقصِرْ، فَفي مَسمعِ النّدى صَمَمُ |
مضَى الذي كانَ للأنامِ أباً، | فاليومَ كلُّ الأنامِ قد يتموا |
وسارَ فوقَ الرقابِ مطرحاً، | وحَولَهُ الصافناتُ تَزدَحِمُ |
مقلباتِ السروجِ شاخصة ٌ، | لها زَفيرٌ ذابتْ بهِ اللُّجُمُ |
وحلّ داراً ضاقتْ بساكنِها، | ودونَ أدنَى دِيارِهِ إرَمُ |
كأنّهُ لم يَطُلْ إلى رُتَبٍ، | تقصرُ من دونِ نيلها الهممُ |
ولم يمهدْ للملكِ قاعدة ً | بها عُيُون العُقولِ تَحتَلِمُ |
ولم تُقَبِّلْ لهُ المُلوكُ يَداً | تَرغَبُ في سِلمِها، فتَستَلِمُ |
ولم يقد للحروبِ أسدَ وغى ً، | تَسري بها من رِماحِها أجَمُ |
ولم يصلْ والخميسُ مرتكبٌ | عُبابُهُ، والعَجاجُ مُرتَكِمُ |
أينَ الذي كانَ للوَرى سَنَداً، | ورحبُ أكنافِهِ لها حَرَمُ |
أينَ الذي إنْ سرَى إلى بلَدٍ | لا ظُلمَ يَبقى به، ولا ظُلَمُ |
أين الذي يَحفَظُ الذّمامَ لَنا | إنْ خفرتْ عندَ غيرهِ الذممُ |
يا ناصرَ الدّينِ، وابنَ ناصِرِهِ، | ومن بهِ في الخطوبِ يعتصمُ |
وصاحبَ الرّتبَة ِ التي وَطِئَتْ | لها على هامَة ِ السّهَى قَدَمُ |
تُثني علَيكَ الوَرى ، وما شهِدوا | من السجايا إلاّ بما علموا |
يبكيكَ مألوفكَ التقَى أسفاً، | وصاحباكَ العَفافُ والكَرَمُ |
لم يَشقَ يوماً بكَ الجَليسُ، ولا | مسّ نداماكَ عندكَ الندَمُ |
أغنيتني بالودادِ عن نسبي، | كأنّما الودّ بَينَنا رَحِمُ |
لولا التسلي بمن تركتَ لنا | ألَمّ بي من تَدَلُّهي لَمَمُ |
وفي بقاءِ السلطانِ تسلية ٌ | لكلّ قلبٍ بالحزنِ يضطرمُ |
المَلِكُ الصّالحُ الذي ظَهَرَتْ | منهُ السجايا، وطابتِ الشيمُ |
لا زالَ يُغني الزّمانَ في دَعَة ٍ، | والذكرُ عالٍ، والملكُ منتظمُ |