قم بي فقد ساعدنا صرفُ القدر،
قم بي فقد ساعدنا صرفُ القدر، | وجاءَ طيبُ عيشنا على قدرْ |
فكَم علا قدرُ امرىء ٍ، وما قدَرْ، | فارضَع بنا درَّ الهنا إن تلقَ درّ |
فالشّهمُ مَن حازَ السّرورَ إن قَدرْ | |
وقد صَفا الزّمانُ والأمانُ، | وأسعَدَ المَكانُ والإمكانُ |
وأنجَدَ الإخوانُ والأعوانُ، | وقد وفَتْ بعَهدِها الأزمانُ |
والدّهرُ تابَ من خَطاهُ واعتَذَرْ | |
يا سَعدُ، فاترُكْ ذكرَ بانِ لَعلَعِ | وعيشَة ً ولّتْ بوادي الأجرَعِ |
وإن تكنْ تَسمَعُ قَولي وتَعي، | فاجلُ صدا قلبي، وأطربْ مسمعي |
برشقة ِ الأوتارِ لا جسّ الوترْ | |
ودعْ طوالاً عرفتْ بوسمها، | وأربُعاً لم يَبقَ غيرُ رَسمِها |
واجعَلْ سرورَ النّفسِ أسنى قسمها، | وادخلْ بنا في بحثِ إنّ واسمِها |
وخَلّني من ذكرِ كانَ والخَبَرْ | |
أما ترَى الأطيارَ في تِشرِينِ، | مقبلة ً بادية َ الحنينِ |
فريقُها نابَ عنِ الأنينِ، | إذا رنَتْ نحوَ المِياهِ الجُونِ |
يأمرها الشوقُ وينهاها الحذرْ | |
هذي الكراكي حائماتٌ في الضُّحى | منظومة ٌ أو دائراتٌ كالرُّحَى |
إذا رأتْ في القيضِ ماءً طفحا | تفرقُ في حالِ الورودِ مرَحا |
وما دَرَتْ أنّ المَنايا في الصّدَرْ | |
يا حسنها قادمة ً في وقتها، | تُغري الرّماة َ بجَميلِ نَعتِها |
إذا استَوتْ طائرَة ً في سَمتِها، | ترشقُها ببندقٍ من تحتِها |
لو أنّهُ من فوقِها قيلَ مطَرْ | فلَو تَرانا بينَ إخوانِ الصّفا، |
حولَ قديمٍ من قَذاهُ قد صَفَا | |
مُشتَهرٍ بالصّدقِ مَخبورِ الوَفَا، | لم يُغضِ في الحَقّ لخِلٍّ إن هَفَا |
ولم يقلْ يوماً هبوا لي ما شجرْ | |
من كلّ رامٍ شَبِقِ اليَدَينِ، | بمُدمَجٍ مثلِ الهِلالِ زَينِ |
جعدِ البَلاغِ نافرِ الكَعَبَينِ، | لو كفّ حتى ملتقَى القرصينِ |
ما انتقضَ الشاخُ، ولا العودُ انكسرْ | |
فابرزْ بنا نحوَ مرامي فاميه، | بَينَ مُروجٍ ومياهٍ طاميَه |
تلكَ المرامي لم تزلْ مراميَه، | فاسمُ بنا نحوَ رُباها السّاميَه |
وخَلّني من بَلدة ٍ فيها زَوَرْ | |
وانظُرْ إلى الأطيارِ في مَطارِها، | واعتَبِر الجَفّة َ كاعتبارِها |
إذ لا تطيرُ مع سوى أنظارِها، | فلا تضعْ نفسكَ عن مقدارِها |
مع غيرِ ذي الجِنسِ وكن على حذَرْ | |
أو ملْ إلى العمقِ بعزمٍ ثاقبِ، | فإنّها من أحسنِ المناقبِ |
فاعجبْ لما فيه من الغرائبِ، | من المَراعي وجَليلٍ واجبِ |
أصنافُهُ مَعدودَة ٌ لا تُحتَضَرْ | |
وقائلٍ صفها برمزٍ واضحِ، | فإنّها من أكبرِ المصالحِ |
والباقياتِ بَعدَكَ الصّوالِحِ، | قلتُ: تمنعْ، واعصِ كلّ كاشحِ |
فهَذِه عِدّتُها إذْ تُعتَبَرْ | |
وإن ترد إيضاحَها للسائلِ، | بغيرِ رمزٍ للضميرِ شاغلِ |
وحصرَ أسماها بعدٍّ كاملِ، | فهيَ كشطرِ عدّة ِ المنازلِ |
أو ما عدا المحذورَ من عدّ السورْ | |
كركي وعنازٌ وأنوقٌ وتمّ، | والوزُّ واللغلغُ والكيُّ الهرمِ |
ومَرزَمٌ وشَبطَرٌ، إذا سَلِمْ، | وحَبرَجٌ، وبالأنيسَة ِ انتظَمَ |
صوغٌ، ونسرٌ، وعقابٌ قد كسرْ | |
فستّة ٌ مَحمَلُهنّ الأرجُلُ، | ثم ثمانٍ بالجناحِ تحملُ |
ولا اعتدادٌ بسوى ما يحصلُ، | وصحّة ُ الأعضاءِ شَرْطٌ يَشمُلُ |
كيلا يرى في الطيرانِ ذو قصرْ | |
شرعٌ صَحيحٌ للإمامِ النّاصرِ، | قيسَ على الشرعِ الشريفِ الطاهرِ |
حررهُ كلُّ فقيهٍ ماهرِ، | فجاءَ كالبيتِ الشريفِ العامرِ |
أساسهُ الصدقُ، وركناهُ النظرْ | |
يَحرِمُ فيهِ الرّمْيَ بالسّهامِ، | والشربَ في البرزة ِ للمدامِ |
وبيعَ شيءٍ من صروعِ الرامي، | والسبّقَ للصّحبِ إلى المَقامِ |
والشرطَ والترخيصَ، فهوَ والهدرْ | |
وقائلٍ فيهِ لعلّ تسلمُ، | ومثلُها في غيرِ شيءٍ يلزمُ |
أو ذا على الوجهِ الصحيحِ يفهمُ، | ثَلاثة ٌ من الهِتارِ تَعصِمُ |
سفنُ النّجاة ِ لامرىء ٍ خافَ الضّرَرْ | |
فانظُرْ إلى زَهرِ الرّياضِ المُقبِلِ، | إذ جادهُ دمعُ السحابِ المسبلِ |
يضوعُ من شذاهُ عرفُ المندلِ، | كأنّهُ ذكرُ المَليكِ الأفضَلِ |
إذا طواهُ الوفدُ في الأرض انتشرْ | |
وارثُ علمِ الملكِ المؤيدِ، | إرثاً صَحيحاً سيّداً عن سَيّدِ |
أطلَقَ جَريَ نُطقيَ المُقَيَّدِ، | فإنْ أفهُ فيهِ بنظمٍ جيدِ |
كنتُ كمهدٍ تمرهُ إلى هجرْ | |
نجلُ بني أيوبَ أعلام الهُدى ، | والأنجمِ الزُّهرِ، إذا الليلُ هَدا |
والسابقينَ بالنَّدى قبلَ النِّدا، | كلُّ فتى ً ساسَ البلادَ، فاغتدى |
في الحكمِ لقمانَ وفي العدل عمرْ | |
المغمدو بيضِ الظُّبَى في الهامِ، | والمُشبِعو وحشِ الفَلا والهام |
مرسلو غيثِ السماحِ الهامي، | ففضلُهمْ بالإرثِ والإلهامِ |
لاكامرىء ٍ ضنّ وبالأصلِ افتخرْ | |
يا ابنَ الذي قد كانَ في العِلمِ علَمْ، | واستَخدَم السيفَ، جديراً، والقلَمْ |
لغيرِ بيتِ المالِ يوماً ما ظَلَمْ | مناقباً مثلَ النجوم في الظلمْ |
أضحتْ حجولاً للزمانِ، وغررْ | |
أكرَمَ مثواي، وأعلى ذِكْري، | حتى نَسيتُ عَطَني ووَكرِي |
وإن أجلتُ في علاهُ فكري، | ما لي جَزاءٌ غَيرَ طيبِ الشّكرِ |
وقد جزي خيرَ الجزاءِ من شكرْ | |
يا حاملَ الأثقالِ والأهوالِ، | ومتلفَ الأعداءِ والأموالِ |
وصادِقَ الوعودِ والأقوالِ، | أبديتَ في شدائدِ الأحوالِ |
صبراً فكانَ الصبرُ عقباهُ الظفرْ | |
أنلتَ باغي الجودِ فوقَ ما بغَى ، | وعجّلتْ كَفّاكَ حَتفَ مَن بغَى |
فقد سَموتَ في النّدى وفي الوَغى ، | حتى إذا ماردُ ملكٍ نزغا |
أخذتَهُ أخذَ عزيزٍ مقتدرْ | |
إني وإن شِدتُ لكُم بينَ المَلا | طيبَ ثناءٍ للفضاءِ قدمَلا |
لم أبغِ بالمدحِ سوى الودّ ولا | إن متُّ يوماً بسِوى صدقِ الوَلا |
وحسنِ نَظمٍ فيكَ إن غبتَ حضَرْ | |
فاسعَدْ بعيدِ فطرِكَ السّعيدِ، | مُمَتَّعاً بعَيشِكَ الرّغيدِ |
في الصومِ والإفطارِ والتعييدِ، | للنّاسِ في العامِ انتظارُ عيدِ |
وأنتَ عيدٌ دائِمٌ لا يُنتَظَرْ |