أَبدِ سَنا وَجهِكَ مِن حِجابِه،
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أَبدِ سَنا وَجهِكَ مِن حِجابِه، | فالسّيفُ لا يَقطَعُ في قِرابِهِ |
والليثُ لا يرهبُ منْ زئيره، | إذا اغتدى محتجباً بغابِه |
والنجمُ لا يهدي السبيلَ سارياً، | إلاّ إذا أسفَرَ من حِجابِه |
والشهدُ لولا أنْ يُذاقَ طَعمُه، | لما غدا مميزاً عن صابِه |
إذا بدا نورُكَ لا يصدُّه | تزاحمُ المواكبِ في ارتكابِه |
ولا يَضُرُّ البَدرَ، وهوَ مُشِرقٌ، | أنّ رقيقَ الغيمِ من نقابِه |
قمْ غيرَ مأمورٍ، ولكنْ مثلمَا | هزّ الحسامُ ساعة َ اجتذابِه |
فالعميُ لا تعلمْ إرزامَ الحيا، | حتى يكونَ الرّعدُ في سَحابِه |
كم مدركٍ في يومِه بعزمِه، | ما لم يكنْ بالأمسِ في حسابِه |
مَن كانتِ السُّمرُ اللّدانُ رُسلَهُ | كانَ بُلوغُ النّصرِ من جَوابِه |
لا تُبقِ أحزابَ العُداة ِ، واعتَمِدْ | ما اعتَمَدَ النبيُّ في أحزابِه |
ولا تَقُلْ إنّ الصّغيرَ عاجِزٌ، | هلْ يَجرحُ اللّيثَ سِوى ذُبابِه؟ |
فارمِ ذُرى قَلعتهمْ بقَلعة ٍ | تقلعُ أسّ الطودِ من ترابِه |
فإنّها إذا رأتكَ مُقبِلاً، | مادَتْ وخرّ السورُ لاضطرابِه |
إنْ لم تحاكِ الدّهرَ في دوامِه، | فإنّها تَحكيهِ في انقلابِه |
وأجلُ لهمْ عزماً، إذا جلوتَه | في اللّيلِ، أغنى اللّيلَ عن شِهابِه |
عزمُ مليكٍ يخضعُ الدهرُ لهُ، | وتسجدُ الملوكُ في أعتابِه |
تُحاذر الأحداثُ من حَديثِهِ، | وتَجزَعُ الخُطوبُ مِن خِطابِه |
قد صرفَ الحجابَ عن حضرتِه، | وصَيّرَ الهَيبَة َ من حِجابِه |
إذا رأى الأمرَ بعينِ فكرِه، | رأى خطاءَ الرأي من صوابِه |
وإنْ أجالَ رأيَهُ في مُشكِلٍ، | أعانَهُ الحَقُّ على طِلابِه |
تَنقادُ مَع آرائِهِ أيّامُه، | مثلَ انقيادِ اللفظِ مع إعرابِه |
لا يَزجُرُ البارحَ في اعتراضِهِ، | ولا غُرابَ البَينَ في تَنَعابِه |
ولا يرى حكمَ النجومِ مانِعاً | يرددُ الحزمَ على أعقابِه |
يقرأُ من عنوانِ سرّ رأيِه، | ما سَطّر القَضاءُ في كتابِه |
قد أشرَقَتْ بنُورِهِ أيّامُه، | كأنّما تبسمُ عن أحسابِه |
يكادُ أن تلهيه عن طالبِه | مطالبُ الحمدِ، وعن شرابِه |
ما سارَ للناسِ ثناءٌ سائرٌ | إلاّ وحطّ رحلهُ ببابِه |
إذا استجارَ مالهُ بكفّه | أدانهُ الجودَ على ذهابِه |
وإنْ كسا الدهرُ الأنامَ مفخراً | ظَنَنتَهُ يَخلَعُ من ثيابِهِ |
يا ملكاً يرء العدوَّ قربَه | كالأجلِ المحتومِ في اقترابِه |
لا تَبذُلِ الحِلمَ لغَيرِ شاكِرً، | فإنّهُ يُفضي إلى إعجابِه |
فالغيثُ يستسقى مع اعتبابِه، | وإنّما يُسأمُ في انْسِكابِه |
فاغزُ العِدى بعزمَة ٍ من شأنِها | إتيانُ حزمِ الرّأي من أبوابِه |
تُسلِمُ أرواحَ العِدى إلى الرّدَى ، | وترجعُ الأمرَ إلى أربابِه |
حتى يقولَ كلُّ ربّ رتبة ٍ: | قد رجَعَ الحَقُّ إلى نِصابِه |
قد رَفَعَ اللَّهُ العَذابَ عَنهُمُ، | فشمّروا السّاعِدَ في طِلابِه |
رنوا إلى الملكِ بعينِ غادِرِ | أطمعَهُ حِلمُكَ في اقتِضابِه |
إن لم تقطعْ بالظبي أوصالهمْ | لم تقطعِ الآمالَ من أسبابِه |
لا تَقبَلِ العُذْرَ، فإنّ رَبّهُ | قد أضمرَ التصحيفَ في كتابِه |
فتوبة ُ المقلِعِ إثر ذنبِه، | وتوبة ُ الغادرِ معَ عقابِه |
لو أنّهمْ خافُوا كِفاءَ ذَنبِهمْ، | لم يقدموا يوماص على ارتكابِه |
فاصرمْ حبالَ عزمهمْ بصارمٍ | قد بالَغَ القُيُونُ في انتِخابه |
كأنّما النّملُ على صَفحَتِه، | وأكرعُ الذبابِ في ذبابِه |
يَعتَذِرُ الموتُ إلى شَفرتِه، | وتَقصُرُ الآجالُ عن عِتابِه |
شيخٌ إذا اقتضّ النّفوسَ قُوّضَتْ، | ولا تَزالُ الصِّيدُ مِن خُطّابِه |
يُذيقُهم في شَيبِه أضعافَ ما | أذاقَهُ القُيونُ في شَبابِه |
يا ملكاً يعتذرُ الدّهرُ لهُ، | وتَخدُمُ الأيّامُ في رِكابِه |
لم يَكُ تَحريضي لكُمْ إساءَة ً، | ولم أحلْ في القولِ عن آدابِه |
ولا يعيبُ السيفَ، وهوَ صارمٌ، | هذُّ يدِ الجاذبِ في نتدابِه |
ذكرُكَ مَشهورٌ، ونَظمي سائرٌ، | كِلاهُما أمعَنَ في اغترابِه |
ذكرٌ جَميلٌ غَيرَ أنّ نَظمَهُ | يزيدُهُ حسناً مع اصطحابِه |
كالدرّ لا يظهرُ حسنَ عقدِهِ | إلاّ جوازُ السلكِ في أثقابِه |