صَحَا قَلْبُهُ عن سُكْرِهِ فَتَأمَّلا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
صَحَا قَلْبُهُ عن سُكْرِهِ فَتَأمَّلا | وكانَ بذكرَى أمِّ عمرٍو موكَّلا |
وكانَ لهُ الحَينُ المُتاحُ حمولة ً | وكلُّ امرىء ٍ رهنٌ بما قد تحمّلا |
ألا أَعْتِبُ ابْنَ العَمِّ إن كانَ ظالماً | وأغْفِرُ عنهُ الجهلَ إن كان أجْهَلا |
وإنْ قال لي ماذا ترَى يَسْتشيرُني | يجِدْني ابنَ عمٍّ مِخلَطَ الأمرِ مِزْيَلا |
أُقيمُ بِدارِ الحَزْمِ مَا دامَ حَزْمُها | وأحرِ إذا حالَتْ بأنْ أتحوَّلا |
وَأسْتَبْدِلُ الأمْرَ القَوِيَّ بِغَيْرِهِ | إذا عَقْدُ مأفونِ الرِّجالِ تَحَلَّلا |
وإنّي امْرُؤٌ أعْدَدْتُ للحرْبِ بَعدما | رأيتُ لها ناباً من الشرِّ أعصَلا |
أصَمَّ رُدَيْنِيّاً كَأنّ كُعوبَهُ | نوَى القسبِ عرّاصاً مزجّاً منصَّلا |
عَلَيْهِ كمِصْباحِ العَزيزِ يَشُبّهُ | لِفِصْحٍ وَيَحشوه الذبالَ المُفَتَّلا |
وَأمْلَسَ صُولِيّاً كَنِهْيِ قَرَارَة ٍ | أحسّ بقاعٍ نفحَ ريحٍ فأجفلا |
كأنّ قرُونَ الشمسِ عند ارْتفاعِهَا | وَقدْ صَادَفَتْ طَلْقاً منَ النَّجم أعزَلا |
تَرَدّدَ فِيه ضَوْؤهَا وَشُعَاعُهَا | فأحسنْ وأزينْ بامرىء ٍ أن تسربلا |
وَأبْيَضَ هِنْدِيّاً كَأنّ غِرَارَهُ | تَلألُؤُ بَرْقٍ في حَبِيٍّ تكلّلا |
إذا سُلّ منْ جفنٍ تأكّلَ أثرُهُ | على مثلِ مصحلة ِ اللُّجين تأكُّلا |
كأنَّ مدبَّ النّملِ يتبعُ الرُّبى | ومدرجَ ذرٍّ خافَ برداً فأسهلا |
على صفحتَيهِ منْ متونِ جلائهِ | |
ومبضوعة ً منْ رأسِ فرعٍ شظيّة ً | بطودٍ تراهُ بالسَّحابِ مجلَّلا |
على ظَهْرِ صَفْوَانٍ كأنّ مُتُونَهُ | عُلِلْنَ بِدُهْنٍ يُزْلِقُ المُتَنَزلا |
يُطيفُ بها راعٍ يُجَشِّمُ نَفْسَهُ | لِيُكلِىء َ فِيهَا طرْفَهُ مُتَأملا |
فلاقَى امرأً من مَيْدَعانَ وَأسمحتْ | قرونتُه باليأسِ منها فعجَّلا |
فقالَ لهُ هلْ تذكرنَّ مخبِّراً | يَدُلّ على غُنْمٍ وَيُقصِرُ مُعْمِلا |
عَلى خَيْرِ ما أبصرْتَها منْ بِضَاعَة ٍ | لِمُلْتَمِسٍ بَيْعاً بِهَا أوْ تَبَكُّلا |
فُوَيْقَ جُبَيْلٍ شامخِ الرّأس لم تكن | لتبلغَهُ حتّى تكلَّ وتعملا |
فأبصرَ ألهاباً منَ الطودِ دونَها | ترَى بينَ رَأسَيْ كلِّ نِيقَيْن مَهبِلا |
فأشرطَ فيهَا نفسَهُ وهوَ معصمٌ | وَألْقَى بِأسْبابٍ لَهُ وَتَوَكّلا |
وَقَدْ أكَلَتْ أظفارَهُ الصّخْرُ كلما | تعايا عليهِ طولُ مرقَى توصَّلا |
فما زالَ حتّى نالَها وهوَ معصمٌ | عَلى مَوْطِنٍ لَوْ زَلّ عَنْهُ تَفَصَّلا |
فأقبلَ لا يرجو التي صعدَت بهِ | ولا نفسَهُ إلا رجاءً مؤمَّلا |
فلمّا نجا من ذلك الكربِ لمْ يزَلْ | يُمَظِّعُها مَاءَ اللِّحاءِ لِتَذْبُلا |
فَأنْحى عَلَيْها ذاتَ حَدٍّ دَعَا لهَا | رَفيقاً بِأخْذٍ بالمَداوِسِ صَيْقَلا |
على فَخِذَيْهِ من بُرَاية ِ عُودِهَا | شبيهُ سفى البُهمى إذا ما تفتَّلا |
فجرّدَها صَفْرَاءَ لا الطّولُ عابَها | ولا قصرٌ أزرَى بها فتعطّلا |
كَتومٌ طِلاعُ الكَفِّ لا دون مَلئِها | ولا عَجْسُها عن موضعِ الكفِّ أفضَلا |
إذا مَا تَعاطَوْهَا سمِعْتَ لِصَوْتِها | إذا أنبضُوا عنْهَا نئيماً وأزمَلا |
وإن شدّ فيها النَّزعُ أدبرَ سهمُها | إلى مُنتهى ً منْ عجسِها ثمّ أقبَلا |
فَلَمّا قَضَى مِمّا يُريدُ قَضَاءَهُ | وَصَلّبَها حِرْصاً عَلَيْهَا فَأطْوَلا |
وَحَشْوَ جَفِيرٍ من فُرُوعٍ غَرائبٍ | تنطَّعَ فيها صانعٌ وتنبَّلا |
تخيِّرْنَ أنضاءً وركّبنَ أنْصُلاً | كجمرِ الغضَا في يومِ ريحٍ تزيَّلا |
فلمّا قضَى في الصُّنعِ منهنّ فهْمَهُ | فلمْ يبقَ إلاّ أن تُسنّ وتُصقَلا |
كساهُنّ من ريشٍ يمانٍ ظواهراً | سُخاماً لُؤاماً لَيّنَ المسِّ أطْحَلا |
يخُرْنَ إذا أُنفزِنَ في سقاطِ الندى | وإنْ كان يوْماً ذا أهاضِيبَ مُخْضِلا |
خُوَارَ المَطافِيلِ المُلمَّعَة ِ الشَّوَى | وأطلائها صادفْنَِ عرنانَ مبقِلا |
فذاكَ عَتادي في الحروب إذا التظتْ | وَأرْدَفَ بأسٌ مِن حُرُوبٍ وأعْجلا |
وذلكَ منْ جمعي وباللهِ نلتُهُ | وإنْ تلقَني الأعداء لا ألقَ أعزلا |
وَقوْمي خِيارٌ مِنْ أُسَيّدَ شِجْعَة ٌ | كرامٌ إذا ما الموتُ خبّ وهرُولا |
ترَى النَّاشىء َ المجهولَ منّا كسيّدٍ | تبحبحَ في أعراضهِ وتأثّلا |
وقد علموا أنْ من يُردْ ذاك منهمُ | مِن الأمرِ يرْكَبْ من عِنانيَ مِسحَلا |
فإنّي رَأيْتُ النّاسَ إلاّ أقلَّهُمْ | خِفافَ العُهودِ يُكثِرُونَ التنقّلا |
بَني أُمِّ ذي المالِ الكثيرِ يَرَوْنَهُ | وإن كان عبداً سيّدَ الأمرِ جحفَلا |
وهُمْ لمقلّ المالِ أولادُ علّة ٍ | وإنْ كان محْضاً في العُمومة ِ مُخْوَلا |
وَلَيْسَ أخوكَ الدائمُ العَهْدِ بالذي | يذمُّك إنْ ولّى ويُرضيكَ مقبلا |
وَلكنه النّائي ما دمتَ آمِناً | وصاحبُك الأدنى إذا الأمرُ أعضَلا |