و قوفكَ في الديارِ عليكَ عارٌ ،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
و قوفكَ في الديارِ عليكَ عارٌ ، | و قدْ ردَّ الشبابُ المستعارُ |
أبعدَ الأربعينَ محرماتٌ : | تمادٍ في الصبابة ِ ، واغترارُ ؟ ! .. |
نزعتُ عنِ الصبا ، إلاَّ بقايا ، | يحفدها ، على الشيبِ ، العقارُ |
وَقَالَ الغَانِيَاتُ: «سَلا، غُلاماً، | فكيفَ بهِ ، وقدْ شابَ العذارُ؟ " |
و ما أنسى الزيارة َ منكِ ، وهناً ، | و موعدنا " معانٌ" و" الحيارُ " |
وَطَالَ اللّيلُ بي، وَلَرُبّ دَهْرٍ | نعمتُ بهِ ، لياليهِ قصارُ |
و ندماني : السريعُ إلى لقائي ، | على عجلٍ ، وأقداحي الكبارُ |
عشقتُ بها عواريَّ الليالي | " أحقُّ الخيلِ بالركضِ المعارُ |
وَكَمْ مِنْ لَيْلَة ٍ لمْ أُرْوَ مِنْهَا | حننتُ لها ، وأرقني ادكارُ ! |
قَضَاني الدَّينَ مَاطِلُهُ، وَوَافى ، | إليَّ بها ، الفؤادُ المستطارُ |
فبتُّ أعلُّ خمراً منْ رضابٍ | لها سكرٌ وليسَ لها خمارُ |
إلى أنْ رقَّ ثوبُ الليلِ عنَّـا | وقالتْ : " قمْ ! فقدْ بردَ السوارُ ! |
وَوَلّتْ تَسْرُقُ اللّحَظَاتِ نحوِي | عَلى فَرَقٍ كَمَا التَفَتَ الصُّوَارُ |
دنا ذاكَ الصباحُ ، فلستُ أدري | أشَوْقٌ كَانَ مِنْهُ؟ أمْ ضِرَارُ؟ |
وَقَد عَادَيتُ ضَوْءَ الصّبحِ حتى | لِطَرْفي، عَنْ مَطَالِعِهِ، ازْوِرَارُ |
و مضطغنٍ يراودُ فيَّ عيباً | سَيَلْقَاهُ، إذا سُكِنَتْ وَبَارُ |
وَأحْسِبُ أنّهُ سَيَجُرّ حَرْباً | عَلى قَوْمٍ ذُنُوبُهُمُ صِغَارُ |
كما خزيتْ بـ "راعيها " " نميرٌ " ، | وجرَّ على "بني أسدٍ" " يسارُ " |
وَكَمْ يَوْمٍ وَصَلْتُ بفَجْرِ لَيْلٍ | كأنَّ الركبَ تحتهما صدارُ ؟ |
إذا انْحَسَرَ الظّلامُ امْتَدّ آلٌ | كأنا درهُ ، وهوَ البحارُ |
يَمُوجُ عَلى النّوَاظِرِ، فَهْوَ مَاءٌ | و يلفحُ بالهواجرِ فهو نارُ |
إذَا مَا العِزّ أصْبَحَ في مَكَانٍ | سموتُ لهُ، وإنْ بعدَ المزارُ |
مقامي ، حيثُ لا أهوى ، قليلٌ | ونومي ، عندَ منْ أقلي غرارُ |
أبَتْ لي هِمّتي، وَغِرَارُ سَيْفي، | وَعَزْمي، وَالمَطِيّة ُ، وَالقِفَارُ |
وَنَفْسٌ، لا تُجَاوِرُهَا الدّنَايَا، | وَعِرْضٌ، لا يَرِفّ عَلَيْهِ عَارُ |
وَقَوْمٌ، مِثلُ مَن صَحِبوا، كِرَامٌ | وَخَيلٌ، مِثلُ من حَملتْ، خيارُ |
و كمْ بلدٍِ شتتناهنَّ فيهِ | ضُحى ً، وَعَلا مَنَابِرَهُ الغُبَارُ |
وَخَيلٍ، خَفّ جَانِبُهَا، فَلَمّا | ذُكِرْنَا بَيْنَهَا نُسِيَ الفِرَارُ |
و كمْ ملكٍ ، نزعنا الملكَ عنهُ ، | و جبارٍ ، بها دمهُ جبارُ ؟ |
وَكُنّ إذَا أغَرْنَا عَلَى دِيَارٍ | رجعنَ ، ومنْ طرائدها الديارُ |
فَقَدْ أصْبَحْنَ وَالدّنْيَا جَمِيعاً | لنا دارٌ ، ومنْ تحويهِ جارُ |
إذَا أمْسَتْ نِزَارُ لَنَا عَبِيداً | فإنَّ الناسَ كلهمُ " نزارُ " |