الدارُ ناطقة ٌ وليستْ تنطقُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
الدارُ ناطقة ٌ وليستْ تنطقُ | بدثورها أنَّ الجديدَ سيخلقُ |
دمنٌ تجمعتِ النوى في ربعها | وتَفَرَّقَتْ فيها السَّحابُ الفُرَّقُ |
فترقرقتْ عيني مآقيها إلى | أَنْ خِلْتُ مُهْجَتي التي تَتَرقْرَقُ |
يا سهمُ كيفَ يفيقُ من سكرِ الهوى | حَرَّانُ يُصْبَحُ بالفِرَاقِ ويُغْبَقُ؟! |
ما زالَ مشتملَ الفؤادِ على أسى ً | والبَيْنُ مُشْتَمِلٌ على مَنْ يَعْشَقُ |
حكمتْ لأنفسها الليالي أنَّها | أَبداً تُفَرقُنا ولاتَتَفَرَّقُ |
عمرِي لقَدْ نَصَحَ الزَّمانُ وإِنَّه | لمنَ العجائبِ ناصحٌ لا يشفقُ ! |
إنْ تلغِ موعظة َ الحوادثِ بعدما | وضحتْ فكمْ منْ جوهرٍ لا ينفقُ ! |
إِنَّ العَزَاءَ وإِنْ فَتى ً حُرِمَ الغِنَى | رزقٌ جزيلٌ للذي لا يُرزقُ ! |
هممُ الفتى في الأرضِ أغصانُ الغنى | غُرِسَتْ وليسَتْ كلَّ عامٍ تُورِقُ |
يا عُتْبَة َ ابنِ أَبي عُصَيْمٍ دَعْوَة ً | شَنْعَاءَ تَصْدِمُ مِسْمَعَيْكَ فتَصْعَقُ |
أخرست إذْ عاينتني حتى إذا | ما غبت عنْ بصري ظللتَ تشدَّقُ ؟! |
وكذا اللئيم يقولُ إنْ نأتِ النوى | بِعَدوهِ ويَحُولُ ساعَة َ يُصْدَق |
عَيْرٌ رَأَى أَسدَ العَرينِ فَهَالَه | حتَّى إِذَا وَلَّى تَوَلَّى يَنْهَقُ! |
أَوْ مِثْلَ رَاعي السُّوءِ أَتلفَ ضأْنَه | ليلاً وأصبحَ فوقَ نشزٍ ينعقُ ! |
هيهاتَ غالكَ أنْ تنالَ مآثري | إستٌ بها سعة ٌ وباعٌ ضيقُ ! |
وتَنْقُّلٌ مِنْ مَعْشَرٍ في مَعْشَرٍ | فكأنَّ أمَّكَ أوْ أباكَ الزئبقُ |
أإلى بنِي عَبدِ الكَريمِ تَشاوَسَتْ | عَيْنَاكَ وَيْلَكَ خِلْفَ مَنْ تَتَفَوَّقُ |
قَوْمٌ تَراهُمْ حينَ يَطْرُقُ مَعْشَرٌ | يسمونَ للخطبِ الجليلِ فيطرِقُ |
قومٌ إذا اسودَّ الزمانُ توضحوا | فيهِ فغُودِرَ وَهوَ مِنْهُمْ أَبلَقُ |
ما زالَ في جرمِ بن عمروٍ منهمُ | مفتاحٌ بابٍ للندى لا يُغلقُ |
ما أنشئتْ للمكرمات سحابة ٌ | إلا ومنْ أيديهمُ تتدفَّقُ |
أنظرْ فحيثُ ترى السيوفَ لوامعاً | أَبَداً فَفَوْقَ رُؤُوسِهِم تَتَأَلَّقُ |
شوسٌ إذا خفقتْ عقابُ لوائِهمْ | ظلَّتْ قلوبُ الموتِ منهمْ تخفقُ |
بُلْهٌ إِذا لَبِسُوا الحَدِيدَ حَسِبتَهُم | لم يحسبوا أنَّ المنية َ تخلقُ |
قلْ ما بدا لك يا ابنَ ترنَا فالصَّدا | بِمُهَذَّبِ العِقيانِ لا يَتَعَلَّقُ |
أَفَعِشْتَ حتَّى عِبْتَهم قُل لي مَتى | فَرزِنتُ سُرْعَة َ ما أرَى يا بَيدَقُ |
جدعاً لأنفِ طيءٍ إنْ فتَّها | وَلَوَأنَّ رُوحَك بالسماكَ مُعَلَّقُ |
إني أراكَ حلمتَ أنَّكَ سالمٌ | مِنْ بَطْشِهِمْ ما كلُّ رُؤيا تَصْدُقُ |
إِيَّاكَ يَعني القائلونَ بِقَوْلِهِم | إنَّ الشقيَّ بكلِّ حبلٍ يخنقُ |
سِر أَينَ شِئْتَ مِنَ البِلادِ فإِنَّ لي | سوراً عليكَ من الرجالِ يخندقُ |
وقبيلة ً يدعُ المتوجُ خوفهمْ | فكأنَّما الدنيا عليهِ مطبقُ |
وقَصائداً تَسْري إليكَ كأنَّها | أَحلامُ رُعْبٍ أَوْ خُطُوبٌ طُرَّقُ |
من منهضاتكَ مقعداتِكَ خائفاً | مستوهلاً حتى كأنَّكَ تطلِقُ |
مِنْ شاعِرٍ وقَفَ الكَلامُ بِبابهِ | واكْتَنَّ في كَنَفي ذَرَاهُ المَنْطِقُ |
قدْ ثقفتْ منهُ الشآمُ وسهلتْ | منه الحجازُ ورققتْهُ المشرِقُ |