بأبي وغيرِ أبي وذاكَ قليلُ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
بأبي وغيرِ أبي وذاكَ قليلُ | ثاوٍ عليهِ ثرى النباجِ مهيلُ |
خذلته أسرتُه كأنَّ سراتهمْ | جَهلُوا بِأَنَّ الخاذِلَ المَخْذُولُ |
أكالُ أشلاءِ الفوارسِ بالقنا | أضحَى بِهنَّ وشِلْوُهُ مَأْكُولُ! |
كُفي فَقَتْلُ مُحمَّدٍ لي شاهِدٌ | أَنَّ العَزِيرَ معَ القَضَاءِ ذلِيلُ |
إنْ يستضمْ بعدَ الإباءِ فإنَّه | قدْ يستضامُ المصعبُ المعقولُ |
مستحسنٌ وجهَ الردى في معركٍ | وَجْهُ الحياة ِ بِحَوْمَتَيْهِ جَمِيلُ |
أنسى أبا نصرٍ نسيتُ إذنْ يدي | في حَيْثُ يَنْتَصِرُ الفَتَى ويُنيلُ ! |
هيهاتَ لا يأتي الزمانُ بمثلهِ | إنَّ الزمانَ بمثلهِ لبخيلُ ! |
ما أنتَ بالمَقْتُولِ صَبْراً إِنَّما | أملي غداة َ نعيكَ المقتولُ |
للسيفِ بعدكَ حرقة ٌ وعويلُ | وعليكَ للمجدِ التليدِ غليلُ |
إنْ طالَ يومكَ في الوغى فلقدْ ترى | فيهِ ويَوْمُ الهَامِ منكَ طَوِيلُ |
فَستذكُرُ الخَيْلُ انصِلاتَكَ في السُّرَى | والقَفْرُ مَعْرُوفُ الرَّدَى مَجْهُولُ |
وتُفَلَّلُ الأحسَابُ بَعدَكَ والنُّهَى | والبيضُ ملسٌ ما بهنَّ فلولُ |
مَنْ ذا يُحَدثُ بالبَقَاءِ ضَمِيرَه | هَيْهَاتَ أنتَ على الفَناءِ دَلِيلُ! |
يا ليتَ شعري بالمكارِمِ كلها | ماذا وقدْ فقدتْ نداكَ تقولُ ؟ |
كَمْ مَشْهَدٍ قَدْ جَدَّدَتْهُ لكَ العُلاَ | وكأنَّهُ بالأمسِ وهوَ محيلُ |
وكَتِيبَة ٍ كُتِبَتْ لها أروَاحُها | واليومُ أحمرُ مِنْ دَمٍ مَصْقُولُ |
ماشَكَّ أثبَتُهم يَقِيناً أنَّه | للموتِ في قبضِ النفوسِ رسولُ |
يا يومَ قحطبة ٍ لقدْ أبقيتَ لي | حرقاً أرى أيامَها ستطولُ |
لَيْثٌ لوَ أنَّ اللَّيثَ قامَ مقَامَه | لانصاعَ وهْوَ يَرَاعة ٌ إجْفيلُ |
لمَّا رأى جمعاً قليلاً في الوغى | وأُولُو الحِفاظِ مِنَ القَلِيل قَلِيلُ |
لاقَى الكَرِيهَة َ وهْوَ مُغْمِدُ رَوْعِه | فِيها ولكنْ سَيفُهُ مَسْلُولُ |
ومَشَى إلى المَوْتِ الزُّوامِ كأنَّما | هُوَ في مَحبَّتِهِ إليهِ خَليلُ |
لمْ يودِ منه واحدٌ لكنَّما | أودى بهِ من أسودانَ قبيلُ |
أضحتْ عِراصُ محمدٍ ومحمدٍ | وأخيهما وكأنَّهنَّ طلولُ |
أبَنِي حُمَيْدٍ ليسَ أوَّلَ ماعَفَا | بعدَ الأُسُودِ مِنَ الأسُودِ الغِيلُ |
ما زالَ ذاكَ الصبرُ وهوَ عليكمُ | بالموتِ في ظلِّ السيوفِ كفيلُ |
مُستَبْسِلُونَ كأنَّما مُهْجَاتُهمْ | ليستْ لهمْ إلا غداة َ تسيلُ |
ألفوا المنايا فالقتيلُ لديهمِ | مَنْ لاتُجَلي الحَرْبُ وهْوَ قَتِيلُ |
إِنْ كانَ رَيْبُ الدَّهْرِ أثكلَنِيهُمُ | فالدَّهْرُ أيضاً مَيتٌ مَثْكُولُ |