أرضٌ مصردة ٌ وأخرى تثجمُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أرضٌ مصردة ٌ وأخرى تثجمُ | منها التي رزقتْ وأخرى تُحرمُ |
فإذا تَأمَّلتَ البلادَ رَأَيْتَها | تثري كما تُثري الرجالُ وتُعدمُ |
حظٍّ تعاوره البقاعُ لوقته | وادٍ به صفرٌ ووادٍ مفعمُ! |
لولاه لم تكن النبوة ُ ترتقي | شرف الحجاز ولا الرسالة تتهمُ |
ولذاك أعرقت الخلافة ُ بعدما | عمرتْ عصوراً وهي علقٌ مشئمُ |
وبهِ رأَيْنَا كَعْبَة َ اللهِ التي | هيَ كوكَبُ الدُّنيا تُحِلُّ وتُحْرِمُ |
تلكَ الجَزيرة ُ مُذْ تَحَمَّلَ مالِكٌ | أمست وبابُ الغيث عنها مبهمُ |
ولعتْ قراها غبرة ٌ ولقد تُرى | في ظلِّه وكأنما هيَ أنجمُ |
غنيتْ زماناً جنة ً فكأنما | فتحتْ إليها منذُ سارَ جهنَّمُ |
الجوُّ أكلفُ والجنابُ لفقدهِ | مَحْلٌ وَذَاكَ الشقُّ شِقٌّ مُظْلِمُ |
أقَوَتْ فلمْ أذكُرْ بها لمَّا خَلتْ | إلا مني لمَّا تقضى الموسمُ |
ولقد أراها وهيَ عرسٌ كاعبٌ | فاليَوْمَ أضحَتْ وهْيَ ثَكلى أَيمُ |
إذْ في ديارِ ربيعة َ المطرُ الحيا | وعلى نَصيبينَ الطَّريقُ الأَعْظَمُ |
ذلَّ الحمى مذْ أوطئتْ تلكَ الربا | والغابُ مذْ أخلاهُ ذاك الضيغمُ |
إنَّ القِبَابَ المُسْتَقِلَّة َ بَيْنَها | ملكٌ يطيبُ به الزمان ويكرمُ |
لا تألفُ الفحشاءُ برديهِ ولا | يسري إليه مع الظلامِ المأثمُ |
متبذلٌ في القومِ وهو مبجلٌ | متواضعٌ في الحيِّ وهوَ معظَّمُ |
يعلو فيعلمُ أنَّ ذلك حقهُ | ويذيلُ فيهم نفسه فيكرَّمُ |
مَهْلاً بَني عَمْرِو بن غَنم إنكم | هَدَفُ الأسِنَّة والقَنا يَتحَطَّمُ |
المَجْدُ أعنَقُ والديَارُ فسيحَة ٌ | والعزُّ أقعسُ والعديدُ عرمرمُ |
ما منكمُ إلا مردى بالحجا | أَو مُبْشَرٌ بالأحوَذِيَّة ِ مُؤْدَمُ |
عَمْرَو بن كُلثُومِ بن مالكٍ بن عَتَّ | ابِ بن سَعْدٍ سَهْمُكُمْ لا يُسْهَمُ |
خُلِقَتْ رَبيعة ُ مُذْ لَدُنْ خُلِقَتْ يَداً | جُشَمُ بنُ بَكرٍ كَفٌّها والمِعْصَمُ |
تَغْزُو فتَغْلِبُ تغلبٌ مِثْلَ اسمها | وتَسِيحُ غَنْمٌ في البلا فَتَغْنَمُ |
وستذكرونَ غداً صنائعَ مالكٍ | إِنْ جَلَّ خَطْبٌ أَوْ تُدُوفعَ مَغْرَمُ |
فمَنِ النَّقِيُ مِنَ العُيُوب وقَدْ غدَا | عَنْ دارِكُمْ ومَن العَفِيفُ المُسْلِمُ |
ما لي رَأَيْتُ تُرَابَكمْ يَبَسَاً لَهُ | مالي أرى أطوادَكُمْ تتهدَّمُ؟ |
ما هذهِ القربى التي لا تُصطفى | ما هذهِ الرحِمُ التي لا تُرحمُ؟! |
حَسَدُ القَرَابَة ِ لِلقَرَابة ِ قَرْحَة ٌ | أعيَتْ عَوَانِدُها وجُرْحٌ أقْدَمُ |
تِلْكُمْ قُرَيْشٌ لم تكُنْ آرَاؤَهَا | تهفو ولا أحلامُها تتقسَّمُ |
حتى إذا بعثَ النبي محمدٌ | فيهم غدتْ شحناؤهُمْ تتضرَّمُ |
عزبتْ عقولهُمُ وما من معشرٍ | إلا وهُمْ منهُ ألبُّ وأحزَمُ! |
لما أقامَ الوحيُ بينَ ظهورهمْ | ورَأَوا رَسُولَ اللهِ أَحْمَدَ مِنْهُمُ |
ومن الحزامة ِ لوْ تكونُ حزامة ٌ | أَلاَّ يُؤَخَّرَ مَنْ بهِ يُتقَدَّمُ |
إِنْ تَذْهبُوا عِن مالِكٍ أَو تَجْهَلُوا | نُعْمَاهُ فالرَّحِمُ القَريبَة ُ تَعْلَمُ |
هيَ تِلْكَ مُشْكَاة ٌ بِكُمْ لَوْ تِشْتَكِي | مَظْلُومَة ٌ لَوْ أَنَّها تَتَظلَّمُ |
كانتْ لكُمْ أخلاقُهُ معسولة ً | فتركتموها وهيَ ملحٌ علقمُ |
حَتَّى إذا أجنَتْ لكُمْ دَاوَتْكُمُ | منْ دائكُمْ إنَّ الثقافَ يقوِّمُ |
فقسا لتزدجروا ومنْ يكُ حازماً | فَليَقْسُ أحياناً وحيناً يَرْحَمُ |
واخافَكُمْ كي تُغْمِدُوا أسيافَكُمْ | إنَّ الدمَ المغترَّ يحرسُهُ الدَّمُ |
ولقدْ جهدتُمْ أن تزيلُوا عِزَّهُ | فإذا أَبانٌ قَدْ رَسَا ويَلَمْلَمُ |
وطعنتمُ في مجدِهِ فثنتكُمُ | زُعْفٌ يُفَلُّ بها السنَانُ اللَّهْذَمُ |
أعززْ عليهِ إذا ابتَأَسْتُمْ بَعْدَهُ | وتذُكّرتْ بالأمسِ تلكَ الأنعمُ |
ووَجدْتُمُ قَيْظَ الأَذَى ورَمَيْتُمُ | بعيونكُمْ أينَ الربيعُ المرهمُ |
وندمتمُ ولوِ استطاعَ على جوى | أحشَائكُمْ لَوَقَاكُمُ أَنْ تَنْدَمُوا |
ولَو انَّها مِنْ هَضْبَة ٍ تَدْنُو لَهُ | لدنا لها أو كانَ عرقٌ يُحْسمُ |
ما ذُغْذِغَتْ تلكَ السُّرُوبُ وأصبَحَتْ | فرقين في قرنين تلكَ الأسهمُ |
ولقَدْ عَلِمْتُ لَدُنْ لَجَحْتُمِ أَنَّهُ | ما بَعْدَ ذَاكَ العُرْسِ إِلاَّ المأْتَمُ |
علماً طلبتُ رسومهُ فوجدتُها | في الظنِّ، إنَّ الألمعيَّ مُنَجِّمُ |
ما زلْتُ أعرِفُ وَبْلَهُ مِن عارِضٍ | لمَّا رأيتُسماءَهُ تتغيَّمُ |
يا مالِ قدْ علمتْ نزارٌ كلها | ما كانَ مثلكَ في الأراقمِ أرقمُ |
طَالَتْ يَدِي لَمَّا رَأيتُكَ سالِماً | وانحَتَّ عَنْ خَدَّيَّ ذَاكَ العِظْلِمُ |
وشممتُ تربَ الرحبة ِ العبقِ الثرى | وسقى صدايَ البحرُ فيها الخضرمُ |
كَمْ حَلَّ في أكنَافِها مِنْ مُعْدِمٍ | أمسى به يَأوِي إليهِ المُعْدِمُ |
وصَنِيعَة ٍ لكَ قَدْ كَتَمْتَ جَزيلَها | فأبى تضوُّعها الذي لا يكتمُ |
مجدٌ تلوحُ فضولهُ وفضيلة ٌ | لكَ سافِرٌ والحقُّ لا يَتَلَثُّمُ |
تَتَكَلَّفُ الجُلَّى ومَنْ أضحَى له | بيتاكَ في جشمٍ فلا يتجشَّمُ |
وتشرَّفُ العليا وهلْ بكَ مذهبٌ | عنها وأنتَ على المكارم قَيمُ؟! |
أثنيتُ إِذْ كانَ الثَّنَاءُ حِبَالَة ً | شركاً يصادُ به الكريمُ المنعمُ |
ووفيتُ إنَّ من الوفاء تجارة ً | وشكرتُ إنَّ الشكرَ حرتٌ مُطعمُ |