أيا وادِيَ الأحبابِ سُقيّتَ وادِيَا،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أيا وادِيَ الأحبابِ سُقيّتَ وادِيَا، | ولا زِلتَ مَسقِيّاً، وإن كنتَ خاليَا |
فلا تنسَ أطلالَ الدجيلِ وماءهُ ، | ولا نخَلاتِ الدّيرِ إن كنتَ ساقِيَا |
ألا ربّ يومٍ قد لبستُ ظلالهُ ، | كما أغمدَ القينُ الحسامُ اليمانيا |
و لم أنسَ قمريَّ الحمامِ عشية ً | على فَرعِها تَدعو الحَمامَ البَواكِيَا |
إذا ما جرى حاكتْ رياضَ أزاهرٍ | جَوانبُهُ، وانصاعَ في الأرضِ جاريَا |
و إن ثقبتهُ العينُ لاقتْ قراهُ | تَخالُ الحَصَى فيها نُجوماً رَواسِيَا |
فيا لكَ شَوقاً بعدَ ما كِدتُ أرعَوي، | و أهجرُ أسبابَ الهوى والتصابيا |
و أصبحتُ أرفو الشيبَ ، وهوَ مرقعٌ | عليّ، وأُخفي منهُ ما ليسَ خَافيَا |
و قد كادَ يكسوني الشبابُ جناحهُ ، | فقَد حادَ عن رأسي، وخلّفَ ماضِيَا |
مضى فمضى طيبُ الحياة ِ وأسخطتْ | خلائقُ دُنيا كنتُ عنهنّ راضِيَا |
ولم آتِ ما قد حَرّمَ الله في الهَوَى ، | ولم أتّرِكْ ممّا عَفا الله باقيَا |
إذا ما تمشتْ في عينُ خريدة ٍ ، | فليستْ تخطاني إلى من ورائيا |
فيا عاذلي دعني وشأني ، ولا تكنْ | شجٍ في الذي أهوى ، ودعني لما بيا |
و ليلٍ كجلبابِ الشبابِ قطعتهُ | بفتيانِ صدقٍ لا تملُّ الأمانيا |
سروا ثمّ حطوا عن قلاصٍ خوامسٍ | كما عَطّلَ الرّامي القِسِيَّ الحَوانِيَا |
ألم تعلما يا عاذلي بأنما | يَمينيَ مَرعًى في النّدى وشِماليَا |
وأعدَدتُ للحَربِ العَوانِ طِمِرّة ً، | وأسمَرَ مَطرورَ الحَديدة ِ عاليَا |
ولا بُدّ من حَتفٍ يُلاقيكَ يِومُهُ، | فلا تَجزَعَنْ من ميتَة ٍ هيَ ما هيَا |
و جمعٍ سقينا أرضهُ من دمائهِ ، | ولم كانَ عافَانا قَبِلنا العَوافِيَا |
ودُسناهمُ بالضّربِ والطّعنِ دَوسَة ً | أماتتْ حقوداً ، ثمّ أحييتْ معاليا |
خُدوا حَظَّكم من خَيرِنا،إنّ شرّنا | معَ الشّرّ لا يَزدادُ إلاّ تَمادِيَا |
فَرَشنا لكُم منّا جَناحَ مَوَدّة ٍ، | وأنتُمْ زَماناً تُلجِئُونَ الدّواهِيَا |
أظنكمُ من حاطبِ الليلِ جمعتْ | حبائلهُ عقارباً وأفاعيا |