صاحَ بالوعظِ شيبُ رأسٍ مضيُّ ،
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
صاحَ بالوعظِ شيبُ رأسٍ مضيُّ ، | حثني للتقى ، وقلبي بطيُّ |
وأراني وَجهَ المَنيّة ِ من قُر | بٍ ، ولكنني عليها جريّ |
سحرتني الدنيا ، وعاداتُ لذا | تي ، فجسمي كهلٌ ، وقلبي صبيّ |
أصرعُ العقلَ بالهوى ، فسراجُ الـ | ـرّشدِ، من تحتُ، بالظّلامِ خَفيّ |
تركتني عينُ الخليّ لما بي ، | وتَمَطّى عليّ لَيلٌ قَسِيّ |
غيرَ ليلاتي القديمة ِ إذ دهـ | ـريَ غِرُّ بالحادِثاتِ غَبيّ |
وغصونُ الدّنيا قَريبٌ جَناها، | وغَديرُ الحَياة ِ صافٍ هَنيّ |
لم تَزَلْ بالرّحيلِ دارُ سُلَيمَى ، | يتهادى بها المها الوحشيّ |
مشعلاتٌ مثلُ الفساطيطِ قدرُ | كّزَ فيها الصِّعادُ والخَطِّيّ |
ومن العُفرِ بارِحٌ وسَنيحٌ، | جامدُ الظّلفِ، قَرنُهُ مَلوِيّ |
و ثلاثٌ حنتْ لنوءِ رمادٍ ، | يأكُلُ الصّبحُ جَمرَه، والعَشِيّ |
فهيَ للريحِ كلَّ يومٍ ، وللقط | ـرِ ، غريبٌ في ربعها الإنسيّ |
كلُّ دارٍ لها وظيفة ُ دمعٍ | من جُفُوني حتى تَكِلّ المَطيّ |
عاقبتني شريرُ بالصدّ ، والهجـ | ـرِ، وتحتَ العِقابِ قلبٌ جرِيّ |
و تعجبتُ من معاشرَ دسوا | ليَ شراً ، واللهُ كافٍ عليّ |
حذراً أيها الحسودُ فلا تغـ | ـفرْ للحمي ، فإنّ لحمي وبيّ |
أنا جاهُ النّاسِ الذي يَحمُلُ العِـ | ـبءَ ويُمرَى بهِ الزّمانُ البَكيّ |
ساحبُ ذيلٍ جحفلٍ يملأُ الأر | ضَ، كما عَمّ حافَتَيهِ الأتيّ |
راجحٌ بي ميزانُ مُلكٍ ومَجدٍ، | ليسَ فيهِ من الأنامِ كفيّ |
ثمّ ظني بأنّ ما يسعدُ العا | قلُ والحاسِدُ المُعَنّى الشّقيّ |
ضَنّ عنّي فلم يضِرني حَسودي، | وحَباني رَبٌّ عليٌّ، سَخيّ |
و فلاة ٍ عمياءَ يردى بها السفـ | ـرُ، خَلاءٍ، يَهابُها الجِنّيّ |
تَقِفُ العُصَّفُ الزّعازعُ فيها، | و لها قبلها جناحٌ سريّ |
قد تجاوزتها ، وتحتي سبوحٌ ، | ذو مطارٍ في عدوهِ مهريّ |
و يمدُّ الزمامُ منهُ بجزعٍ | مثلَ ما مدّ حية ٌ مطويّ |
كابنِ قفرٍ أصابَ غيثاً خلاءً ، | جادهُ صوبُ وابلٍ وسميّ |
و أجادتْ بلادهُ بنباتٍ | عِرقُهُ بارِدُ الشّرابِ غَنيّ |
قاعداً في الثرى يطيرُ ساقاً ، | يتمشى فيها شبابٌ وريّ |
و له ، كلما تغلغلَ في الأر | ضِ، فِراشٌ من التّرابِ وَطّي |
فخلا منهُ آمناً باغيَ الطلـ | ـعِ ، ولهُ مشربٌ ، وبقلٌ جنيّ |
شاحِجٌ، يَرفعُ النّهيقَ كما غَـ | ـرّدَ حادٍ بأينُقٍ نَجدِيّ |