و حلوُ الدلالِ ، مليحُ الغضبْ ،
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
و حلوُ الدلالِ ، مليحُ الغضبْ ، | يشوبُ مواعيده بالكذبْ |
قصيرُ الوفاءِ لأحبابهِ ، | فهمْ من تلونهِ في تعبْ |
سَقاني، وقد سُلّ سيفُ الصّبا | حِ ، والليلُ من خوفه قد هرب |
عقاراً ، إذا ما جلتها السقا | ة ُ، ألبَسَها الماءُ تاجَ الحَبب |
فأصلحَ بَيني وبينَ الزّمانِ، | وأبدَلَني بالهُمومِ الطّرَب |
و ما العيشُ إلاّ لمستهترٍ ، | تظلُّ عواذلهُ في شغب |
يَهِيمُ إلى كلّ ما يشْتَهي، | وإن رَدّهُ العَذلُ لم يَنجذِب |
ويَسخو بما قدْ حَوتْ كفُّه، | و لا يتبعُ المنَّ ما قدْ وهب |
فكم فضّة ٍ فضّها في سرورِ | يومٍ ، وكم ذهبٍ قد ذهب |
ولا صِيدَ إلاّ بِوَثّابَة ٍ | تَطِيرُ عَلى أربَعٍ كالعَذَب |
وإن أطلقَتْ مِن قِلاداتِها، | وطارَ الغبارُ وجدّ الطّلَب |
فَزَوْبَعَة ٌ من بناتِ الرّياحِ | تريكَ على الأرضِ شداً عجب |
تَضُمُّ الطُّريدَ إلى نَحرِها، | كضَمّ المحِبّ لمَن قد أحبّ |
ألا ربّ يومٍ لها لا يذمُّ ، | أراقَت دماً، وأغابَت سَغَب |
لها مجلِسٌ في مَكانِ الرّديفِ، | كتركية ٍ قدْ سبتها العرب |
ومُقلتُها سائِلٌ كُحلُها، | و قد جليتْ سبجاً من ذهب |
فظلتْ لحومُ ظباءِ الفلاة ِ | على الجَمرِ مُعجَلة ً تُنتَهب |
و طافتْ سقاتهمُ يمزجون | بماءِ الغَديرِ بناتِ العِنَب |
و حثوا الندامى بمشمولة ٍ ، | إذا شاربٌ عبّ فيها قطَب |
فراحُوا نَشاوَى بأيدي المُدامِ، | وقد نَشطوا عن عِقالِ التّعَب |
إلى مجلسٍ أرضه نرجسٌ ، | وأوتارُ عِيدانِه تَصطخِبْ |
و حيطانه خراطُ كافورة ٍ ، | وأعلاه من ذَهَبٍ يَلتهِب |
فيا حسنه ، يا إمامَ الهدى ، | و خيرَ الخلائفِ نفساً واب |
غذا ما تربعَ فوقَ السريرِ ، | و بالتاجِ مفرقهُ معتصب |
له راحة ٌ ، يا لها راحة ً ، | ترَى جدّ نائِلِها كاللّعِب |
و أهيبَ ما كان عندَ الرضى ، | و ارحمَ ما كان عندَ الغضب |
وكم قد عَفا وأقرّ الحياة َ | في آيسٍ قلبه يضطرب |
على طرف العيسِ قد حدقت | إليه المنايا، وكادَت تَثِب |
وما زالَ مُذْ كان في مَهدِهِ، | ملياً خليقاً بأعلى الرتب |
كأنّا نَرَى الغيبَ في أمْرِهِ، | بأعينِ ظنًّ لنا لم تخب |
ونَسترزِقُ الله تمليكَه، | ونَستعجِلُ الدّهرَ فيما نُحِب |
ويَبدو لنا في المَنامِ الخَيالُ | بما نَشتهِيهِ، فتُنفَى الكُرَب |
بشارة ُ ربٍّ لنا بُلّغَت، | وكانَت لتَعجِيلِ شُكرٍ سَبب |
إلى أن دعتهُ إلى بيعة ٍ ، | فكم عتقِ رقًّ ، ونذرٍ وجب |
وَرِثتَ الخلافة َ عن والدٍ، | فأحرزتَ ميراثهُ عن كثب |
ولم تَحوِها دونَ مُستوجِبٍ، | و لا صادها لكَ سهمُ عزب |
فلا زِلتَ تَبقَى وتُوقى لنَا، | خطوبَ الزمانِ ، وصرفَ النوب |