أعرفُكِ راحَ في عرفِ الرّياحِ؟
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أعرفُكِ راحَ في عرفِ الرّياحِ؟ | فهزّ، منَ الهوى ، عطفَ ارتياحي |
وذكرُكِ ما تعرّضَ أمْ عذابٌ؟ | غصصتُ عليهِ بالعذبِ القراحِ |
وهَلْ أنا مِنْكَ في نَشَواتِ شوْقٍ، | هفَتْ بالعَقْلِ، أو نشَواتِ راحِ؟ |
لعمرُ هواكِ! ما وريَتْ زنادٌ، | لوَصْلٍ مِنكِ، طالَ لها اقتداحي |
وكمْ أسقمْتِ، منْ قلبٍ صحيحٍ، | بِسُقمِ جُفُونِكِ المَرْضَى الصّحاحِ |
متَى أخْفِ الغَرامَ يَصِفْهُ جِسمي | بألسنة ِ الضّنى الخرسِ، الفصاحِ |
فَلَوْ أنّ الثّيابَ فُحِصْنَ عَنّي | خَفِيتُ خَفاءَ خَصْرِكِ في الوِشاحِ |
للقِّينَا من الواشين، حتى | رضينَا الرُّسلَ أنفاسَ الرّياحِ |
وربّ ظلامِ ليلٍ جنّ فوقي، | فَنُبْتِ، عَنِ الصّباحِ، إلى الصّباحِ |
فَهلْ عَدَتِ العَفافَ هُنَاكَ نَفسي، | فديتُكِ، أو جنحتُ إلى الجناحِ؟ |
وكيفَ ألِجّ، لا يثْني عناني | رَشَادُ العَزْمِ عَنْ غَيّ الجِماحِ؟ |
ومنْ سرِّ ابنِ عبّادٍ دليلٌ، | بهِ بَانَ الفَسادُ مِنَ الصّلاحِ |
هوَ الملكُ، الذي برّتْ، فسرّتْ | خِلالٌ مِنْهُ طاهِرَة ُ النّواحي |
همامٌ خطّن بالهمَمِ السّوامي، | مِنَ العَلْياء في الخِططِ الفِسَاحِ |
أغرُّ، إذا تجهَّمَ وجهُ دهرٍ، | تَبَلّجَ فِيهِ كالقَمَرِ اللِّيَاحِ |
سَميعُ النّصْرِ لاسْتِعْداء جَارٍ؛ | أصمُّ الجودِ عنْ تفنيدِ لاحِ |
ضرائبُ جهمة ٌ، في العتبِ تتْلى | بأخلاقٍ، لدَى العتبَى ، ملاحِ |
إذا أرِجَ الثّناءُ الرَّوْعُ مِنْهَا، | فكمْ للمسكِ عنهُ منِ افتضاحِ |
هوَ المبقي ملوكَ الأرضِ تدْمَى | قلوبُهُمُ، كأفواهِ الجراحِ |
رآهُ اللهُ أجودَ بالعطايا؛ | وأطعنَ بالمكايدِ والرّماحِ |
وَأفْرَسَ للمَنَابِرِ وَالمَذَاكِي؛ | وأبْهَى في البُرُودِ وفي السّلاحِ |
وأمنعَهُمْ حمى عرضٍ مصونٍ؛ | وَأوْسَعَهُمْ ذُرَا مَالٍ مُباحٍ |
فَراضَ لهُ الوَرى ، حتى تأدّتْ | إليهِ إتاوة ُ الحيّ اللَّقاحِ |
لِمُعْتَضِدٍ بهِ أرْضاهُ سَعْياً، | فأقبلَ وجهَهُ وجهَ الفلاحِ |
فَمَنْ قَاسَ المُلُوكَ إلَيهِ جَهْلاً، | كمنْ قاسَ النّجومَ إلى براحِ |
وَمُعْتَقِدُ الرّياسَة ِ في سِوَاهُ، | كمعتقدِ النّبوّة ِ في سجاحِ |
أبحرَ الجودِ، في يومِ العطايا، | وليثَ البأسِ، في يومِ الكفاحِ |
لقَدْ سَفَرتْ، بعِلّتِك، اللّيالي | لَنَا عَنْ وَجْهِ حادِثَة ٍ وَقَاحِ |
ألَسْتَ مُصِحّهَا مِنْ كُلّ داءٍ | وَمُبدِيَ حُسْنِ أوجُهِها الصِّباحِ؟ |
ولو كشَفتْ عنِ الصّفحاتِ، شامتْ | بروقَ الموتِ منْ بيضِ الصِّفَاحِ |
وقاكَ اللهُ ما تخشَىن ووَالى | عليكَ بصنعِهِ المغْدَى المراحِ |
فَلَوْ أنّ السّعادَة َ سوّغَتْنَا | تجارَتَها، الملثّة َ بالرَّباحِ |
تجافَيْنَا عبيدَكَ عنْ نفوسٍ، | عَليكَ منَ الضّنى ، حَرّى شِحاحِ |
تُهَنّأُ فِيكَ بِالبُرْء المُوَفّى ؛ | وتبهجُ منكَ بالألمِ المزاحِ |
فدَيْتُكَ كمْ لعيني منْ سموٍّ، | لَدَيْكَ، وكَمْ لنَفسِي من طَماحِ |
ألا هلْ جاء، منْ فارَقْتُ، أنّي | بساحاتِ المُنى رفلُ المراحِ؟ |
وأنّي، منْ ظلالِكَ، في زمانٍ | ندي الآصالِ، رقراقِ الضّواحي |
تحيّيني بريحانِ التّحفّي؛ | وَتُصْبِحُني مُعَتَّقَهِ السّمَاحِ |
فهَا أنَا قدْ ثملْتُ منَ الأيادي، | إذا اتّصلَ اغْتِبَاقي في اصْطِباحي |
فإنْ أعجزْ، فإنّ النُّصحَ ثقفٌ، | وإنْ أشكرْ، فإنّ الشّكْرَ صاحِ |
لمَا أكسَبتَ قدرِي منْ سناءٍ؛ | وَما لَقيْتَ سَعْيي مِنْ نَجَاحِ |
لقدْ أنفذْتَ، في الآمالِ، حكمي؛ | وَأجْرَيْتَ الزّمانَ علَى اقْتِراحي |
وهلْ أخشَى وقوعاً، دونَ حظٍّ، | إذا ما أثَّ رِيشُكَ مِنْ جَنَاحي؟ |
فما استسقيْتُ منْ غيمٍ جهامٍ؛ | ولا استورَيْتُ من زندٍ شحاحِ |
وَواصَلَني جَمِيلُكَ، في مَغِيبي، | وَطالَعَني نَدَاكَ مَعَ انْتِزاحي |
ولمْ أنفكّ، إذْ عدَتِ العوادي، | إليكَ رهينَ شوقٍ والتياحِ |
فحسبي أنتَ، منْ مسدٍ لنعمَى ؛ | وَحَسْبُكَ بي بِشُكْرٍ وَامْتِداحِ |