أما في نسيمِ الرّيحِ عرفٌ معرِّفُ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
أما في نسيمِ الرّيحِ عرفٌ معرِّفُ | لنا هل لذاتِ الوَقفِ بالجِزْعِ مَوْقِفُ |
فنَقضِيَ أوْطَارَ المُنى مِنْ زِيَارة ٍ، | لنَا كلفٌ منها بما نتكلّفُ |
ضَمَانٌ عَلَيْنَا أنْ تُزَارَ، وَدُونَها | رقاقُ الظُّبَى والسّمهرِيُّ المثقَّفُ |
غيارى يعدّونَ الغرامَ جريرة ً | بها، والهوى ظلماً يغيظُ ويؤسفُ |
يَوَدّونَ لَوْ يَثْنِي الوَعيدُ زَمَاعَنا؛ | وهيهاتَ ريحُ الشّوقِ من ذاكَ أعصفُ |
يسيرٌ لدى المشتاقِ، في جانبِ الهوى ، | نوى غربة ٍ أو مجهلٌ متعسَّفُ |
هلِ الرَّوعُ إلاّ غمرة ٌ ثمّ تنجلي؛ | أمِ الهولُ إلاّ غمّة ٌ ثمّ تكشفُ ؟ |
وَفي السِّيَرَاء الرّقْمِ، وَسطَ قِبَابِهمْ، | بعيدُ مناطِ القرطِ أحورُ أوطفُ |
تَبَايَنَ خَلْقاهُ، فَعَبْلٌ مِنَعَّمٌ، | تأوّدَ، في أعلاهُ، لدنٌ مهفهفُ |
فللعانكِ المرتجّ ما حازَ مئزرٌ؛ | وَللغُصُنِ المِهْتَزّ ما ضَمّ مِطْرَفُ |
حَبِيبٌ إلَيْهِ أنْ نُسَرّ بِوَصْلِهِ، | إذا نحنُ زرنَاهُ، ونهْنا ونسعَفُ |
وَلَيْلَة َ وَافَيْنَا الكَثيبَ لِمَوْعِدٍ، | سُرَى الأيمِ لمْ يُعْلَمْ لمَسرَاهُ مُزْحَفُ |
تَهَادى أناة َ الحَطْوِ، مُرْتَاعَة َ الحَشا، | كمَا رِيعَ يَعْفُورُ الفَلا المُتَشَوِّفُ |
فَما الشّمسُ رَقّ الغَيمُ دون إياتها، | سوَى ما أرَى ذاكَ الجَبِينُ المُنْصَّفُ |
فديتُكِ ! أنّى زرتِ نورُكِ واضحٌ، | وعطرُكِ نمّامٌ وحليُكِ مرجفُ |
هبيكِ اعتررْتِ الحيّ، واشيكِ هاجعٌ، | وفرعُكِ غربيبٌ، وليلُكِ أغضفُ |
فأنّى اعتسفَت الهولَ خطوُكِ مدمجٌ | وَرِدْفِكِ رَجرَاجٌ وَخَصرُكِ مُخطَفُ |
لجاجٌ، تمادي الحبّ في المعشرِ العِدا، | وَأَمٌّ الهَوَى الأفقَ الذي فيه نُشْنَفُ |
وَأنْ نَتَلَقّى السّخْطَ عانينَ بالرّضَى | لغيرَانَ أجْفَى ما يُرَى حينَ يَلطُفُ |
سَجايا، لمَنْ وَالاهُ، كالأرْى تُجنى ، | فَيُومىء طَرْفٌ، أوْ بَنَانٌ مُطَرَّفُ |
خليليّ ! مهلاً لا تلومَا، فإنّني، | فؤادي أليفُ البثّ، والجسمُ مدنفُ |
فأعْنَفُ ما يَلقَى المُحبُّ لحَاجَة ً | على نفسهِ في الحبّ، حينَ يعنَّفُ |
وإنّي ليستهوينيَ البرقُ صبوة ً، | إلى برقِ ثغرٍ إنْ بدَا كاد يخطفُ |
وما ولعي بالرّاحِ إلاّ توهّمٌ | لظَلْمٍ، بهِ كالرّاحِ، لوْ يُترَشّفِ |
وتذْكرُني العقدَ، المرنَّ جمانُهُ، | مُرِنّاتُ وُرْقٍ في ذُرَى الأيك تهتِفُ |
فما قيلَ من أهوَى طوى البدرَ هودجٌ | ولا صانَ ريمَ القفرِ خدرٌ مسجَّفُ |
ولا قبلَ عبّادٍ حوى البحرَ مجلسٌ، | ولا حملَ الطّودَ المعظَّمَ رفرَفُ |
هوَ الملكُ الجعدُ، الذي في ظلالِهِ | تكفّ صروفُ الحادثاتِ وتصرفُ |
هُمَامٌ يَزِينُ الدّهْرَ مِنْهُ وَأهلَهُ؛ | مليكٌ فقيهٌ، كاتبٌ متفلْسفُ |
يَتِيهُ بِمَرْقَاهُ سَرِيرٌ وَمِنْبَرٌ، | وَيَحْمَدُ مَسْعَاهُ حُسامٌ وَمُصْحَفُ |
رويتُهُ في الحادثِ الإدّ لحظة ٌ؛ | |
يذلّ لهُ الجبّارُ، خيفة َ بأسِهِ، | ويعنو إليهِ الأبلجُ المتغطرِفُ |
حذارَكَ، إذْ تبغي عليهِ، من الرّدى ، | وَدُونَك فاستَوْفِ المُنى حينَ تُنصِفُ |
ستعتامُهمْ في البرّ والبحرِ، بالتّوَى ، | كتائبُ تزجى ، أو سفائنُ تجدَفُ |
أغرُّ، متى نَدرُسْ دَوَاوِينَ مَجدِهِ | يَرْقْنَا غَرِيبٌ مُجمَلٌ أوْ مُصَنَّفُ |
إذا نحنُ قرّطناهُ قصّرَ مطنبٌ، | ولمْ يتجاوزْ غاية َ القصدِ مسرفُ |
وأروَعُ؛ لا الباغي أخاهُ مبلَّغٌ | مناهُ، ولا الرّاجي نداهُ مسوَّفُ |
ممرُّ القوَى ، لا يملأ الخطبُ صدرَه، | وليسَ لأمرٍ فائتٍ يتلهّفُ |
لهُ ظلُّ نعمَى ، يذكرُ الهمُّ عندهُ | ظِلالَ الصِّبا، بل ذاكَ أندى وَأوْرَفُ |
جحيمٌ لعاصيهِ، يشبّ وقودُه، | وجنّة ُ عدنٍ للمطيعينَ تزلفُ |
مَحاسِنُ، غَرْبُ الذّمّ عَنها مُفَلَّلٌ | كَهامٌ، وَشَملُ المَجدِ فيها مؤلَّفُ |
تَنَاهَتْ، فعِقدُ المَجدِ مِنها مُفصَّلٌ | سَنَاءً، وَبُرْدُ الفَخرِ منها مُفَوَّفُ |
طَلاقَة ُ وَجْهٍ، في مَضَاءٍ، كمِثلِ ما | يروقُ فرندُ السيفِ والحدُّ مرهفُ |
على السّيفِ مِن تِلكَ الشّهامة ِ مِيسَمٌ، | وَفي الرّوْضِ من تلكَ الطّلاقَة ِ زُخرُفُ |
تعودُ لمنْ عاداهُ كالشرْيِ ينقفُ | |
يراقبُ منهُ اللهَ معتضدٌ، بهِ | يَدَ الدّهْرِ، يَقسو في رِضَاه وَيَرْأفُ |
فقُل للمُلوكِ الحاسِديهِ: متى ادّعى | سِباقَ العَتِيقِ الفائِتِ الشأوِ مُقِرفُ |
ألَيْسَ بَنُو عَبّادٍ القِبْلَة َ الّتي | عليها لآمالِ البريّة ِ معكفُ؟ |
مُلوكٌ يُرَى أحيائهم فَخَرَ دَهرِهمْ، | وَيَخْلُفُ مَوْتَاهُمْ ثَنَاءٌ مُخَلَّفُ |
بِهمْ باهَتِ الأرْضُ السّماءَ فأوْجُهٌ | شموسٌ، وأيدٍ من حيا المزن أوكفُ |
أشارحَ معنى المجدِ وهو معمَّسٌ | وَمُجْزِلَ حظّ الحمد وَهوَ مُسفَسِفُ |
لعمرُ العدا المستدرجيكَ بزعمهمْ | إلى غِرَّة ٍ كادَتْ لها الشمسُ تُكسَفُ |
لَكالُوكَ صَاعَ الغَدرِ، لُؤمَ سجيّة ٍ، | وكيلَ لهمْ صَاعُ الجزَاء المُطَفَّفُ |
لقد حاولوا العظمى التي لا شوَى لها، | فأعجلهُمْ عقدٌ من الهمّ محصفُ |
وَلَمّا رَأيتَ الغَدْرَ هَبّ نَسِيمُهُ، | تلقّاهُ إعصارٌ لبطشِكَ حرجَفُ |
أظَنّ الأعادي أنّ حَزْمَكَ نَائِمٌ؟ | لقد تعدُ الفسلَ الظُّنونُ فتخلفُ |
دواعي نفاقٍ أنذرتْكَ بأنّهُ | سيشرَى ويذوِي العضوُ من حيثُ يشأفُ |
تحمّلتَ عبءْ الدّهرِ عنهم، وكلّهمْ | بنعماكَ موصولُ التّنعّمِ، مترفُ |
فإنْ يكفُرُوا النّعْمَى فتِلكَ دِيَارُهمْ | بسيفِكَ قاعٌ صفصَفُ الرّسْمِ تنسفُ |
وطيَّ الثّرَى مثوى ً يكون قصارهُمْ، | وَإنْ طالَ منهُمْ في الأداهمِ مَرْسَفُ |
وَبُشرَاكَ عِيدٌ بالسّرُورِ مُظَلَّلٌ، | وبالحظّ، في نيلِ المُنى ، متكنَّفُ |
بَشِيرٌ بِأعْيَادٍ تُوَافِيكَ بَعْدَهُ، | كما يَنسُفُ النّظمَ المُوالي، وَيَرْصُفُ |
تُجَرِّدُ فِيهِ سَيْفَ دَوْلَتِكَ، الّذي | دماءُ العِدَى دأباً بغربَيْهِ تظلَفُ |
هُوَ الصّارِمُ العَضْبُ الذي العَزْمُ حدُّه، | وحليتُهُ بذلُ النّدى والتعفّفُ |
همامٌ سمَا للملْكِ، إذْ هوَ يافعٌ، | وتمّتْ لهُ آياتُهُ، هوَ مخلِفُ |
كرِيمٌ، يَعُدّ الحَمدَ أنْفَسَ قِينَة ٍ، | فيُولَعُ بالفِعلِ الجَميلِ، وَيُشغَفُ |
غدَا بخميسٍ، يقسِمُ الغيمُ أنّهُ | لأحفَلُ منها، مكفهرّاً، وأكثفُ |
هوَ الغَيمُ من زُرْقِ الأسِنّة ِ بَرْقُهُ، | وللطّبْلِ رعدٌ، في نواحيهِ، يقصِفُ |
فَلَمّا قَضَيْنَا مَا عَنَانَا أدَاؤهُ، | وَكلٌّ بما يُرْضِيكَ داعٍ، فَمُلْحِفُ |
قَرَنَا بحَمْدِ اللَّهِ حَمْدَكَ، إنّهُ | لأوْكَدُ ما يُحْظى لدَيْهِ، وَيُزْلَفُ |
وَعُدْنَا إلى القَصْرِ، الذي هوَ كَعبة ٌ، | يُغادِيهِ مِنّا نَاظِرٌ، أوْ مُطَرَّفُ |
فإذْ نَحنُ طالَعْنَاهُ، وَالأفقُ لابِسٌ | عجاجتَهُ، والأرضُب بالخيلِ ترجُفُ |
رَأيْناكَ في أعْلى المُصَلّى ، كَأنّمَا | تَطَلّعَ، من محْرَابِ داودَ، يُوسُفُ |
ولمّا حضرْنا الإذْنَ، والدّهرُ خادمٌ، | تُشِيرُ فيُمضِي، وَالقَضَاءُ مُصَرِّفُ |
وصلْنا فقبّلْنا النّدى منكَ في يدٍ، | بها يُتْلَفُ المَالُ الجسيمُ، ويُخلَفُ |
لقد جُدتَ حتى ما بنَفسٍ خَصَاصَة ٌ، | وأمّنْتَ حَتى ما بِقَلْبٍ تَخَوُّفُ |
وَلَوْلاَكَ لم يَسهُلْ من الدُّهرِ جانبٌ؛ | وَلا ذَلّ مُقْتَادٌ، وَلا لانَ مَعطِفُ |
لكَ الخيرُ، أنّى لي بشكركَ نهضة ٌ؟ | وَكيفَ أُودّي فرْضَ ما أنتَ مُسلِفُ؟ |
أفَدْتَ بَهِيمَ الحالِ مِنّيَ غُرَّة ً، | يُقَابِلُها طَرْفُ الجَمُوحِ فيُطرَفُ |
وبوّأتَهُ دنيْاكَ دارَ مقامة ٍ، | بحَيْثُ دَنا ظِلٌّ وَذُلّلَ مَقْطِفُ |
وكمْ نعمة ٍ، ألبستُها، سندسيّة ٍ، | أُسَرْبَلُها في كلّ حِينٍ وأُلْحَفُ |
مَوَاهِبُ فَيّاضِ اليَدَيْنِ، كَأنّمَا | من المُزْنِ تُمرَى أوْ من البحرِ تُغزَفُ |
فإنْ أكُ عبداً قد تملّكْتَ رقَّهُ، | فأرفَعُ أحوالي، وأسْنى وأشرفُ |