بكرتْ تُغازلهُ الدُّمى الأبكار
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
بكرتْ تُغازلهُ الدُّمى الأبكار | فهفا له حلمٌ وطاشَ وقارُ |
وأظنّهُ مترنّحاً من نَشْوَة ٍ | كاساتها بهوى العيون تُدارُ |
يا لُوّمي، ومتى بُليت بلوّم | إلا وهمْ بيليّتي أغمارُ |
فُكوا الغضنفر من إشار غزالة ٍ | قَيْداهُ خَلْخَالٌ لها وسوار |
ما أحْرَقَتْ خَدّي سواكبُ أدمعي | إلاّ بماءٍ في حشاه نارُ |
والماءُ منفجرٌ من النار التي | في القلب منها يستطير شرار |
عجبي لأضدادٍ عليّ تناصَرتْ | جوراً عليّ وليس لي أنصار |
فخذوا الهوى عني بنقل ملاحة ٍ | عن أعينٍ يرنو بهنّ صُوَار |
ومباسماً تجلو شقائقَ روضة ٍ | للأقْحُوانة ِ بينها نوّار |
إن المها تُمْهي سيوفَ جفونها | فَحَذارِ منها لو يُطاقُ حِذار |
من كل مشربة ٍ بجريال الصبا | لوناً كما لمسَ اللجين نضارُ |
في خلقها الإنسيّ من وحشية | كُحْلٌ وحُسْنُ تلفّتٍ وَنِفار |
طرفي برجعته إليّ أذاقتي | منها الردى لا طرفها السحّارُ |
غَرَضاً له، فالجُرْحُ من جبار | |
طَرَقَتْ تَهادى في اختياله شبيبة ٍ | تٌخطي مطيلَ الوجد وهي قصار |
سفرتْ فما درتِ الظنون ضميرها | أسفورها من صبحها إسفار |
حَتَّى إذا خافتْ مُراقِبَها، عَلا | منها على الوجه المنير عِجَار |
وكأنَّما زُهْرُ النجوم حمائمٌ | بيضٌ، مغاربها لها أوكار |
وكأنما تذكي ذُكاءُ توهجاً | فيه يذوب من الدجنة قار |
يا هذه لا تسألي عن عبرتي | عيني على عيني عليك تغار |
هل كان نهدكِ صنو قلبكِ تتقي | عن لمسه في صدرك الأزرار |
ما كنتُ أحسبُ غصنَ بانٍ في نقا | تشكو أليمَ القطفِ منه ثمارُ |
نصَّلتِ سهمي مقلتيك ليصميا | بنصالِ سحرِ الطرف فهي حرار |
وهما المعلّى والرقيبُ وإنَّما | فربُوعهُ بالمعتقين أوَاهِلٌ |
لا ثأر يدركَ منك في المهج التي | أرديتها أوَ منكَ يُدرك ثارُ |
هلاَّ التفتِّ كما تلفّتُ مغزلٌ | لترى مكان الخشفِ وهي نوار |
وبَرَدْتِ حرّ الشّوْقِ بالبرد الذي | شهدٌ ومسكٌ دونه وعقار |
إني دفعتُ إلى هواك وغربة ٍ | هَتَفَتْ بها العَزَمَاتُ والأسفار |
وغرستُ عمري في الزَّماع فمرّرتْ | لفمي جنّاه نجائب وقفار |
وجعلتُ داري في النوى فمؤانسي | وحشُ الفلا ومَجَالسي الأكوار |
لولا ذُرَى الحسن الهمامِ وَفَضْلُهُ | ما قرّ بي في الخافقين قرار |
هذا الذي بذلتْ أنامله الندى | وهُدِيْ الكرامُ إليه لمَّا حاروا |
هذا الذي سلّ السيوف مجاهداً | فبِضَرْبِها للمُشْرِكِينَ دَمَار |
هذا الذي جرّ الرماح لحربهم | سَعْي الأساود، جيشُهُ الجرّار |
قَهَرَتْ ظُبَا توحيده تثليثَهمْ | وقضى بذاك الواحد القهار |
غَضَباً على الأعلاج منه فَرَبّهُ | يَرْضَى به ونَبِيّهُ المختار |
فلوجهه البادي عليه سنا الهدى | ضربتْ وجوهَ عداته الأقدار |
أمّا عُلا حسنٍ فبين مصامها | شَرَفاً وبين الفرقدين جوار |
خَلُصَتْ خلائقه ولم يَعْلَقْ بها | جَبْرِيّة ٌ لم يَرْضَها الجبّار |
وسما له حلمٌ وجلّ تنفضلٌ | وزكا له فَرْعٌ وطابَ نجار |
يَنْدى بلا وَعْدٍ وكم من عارضٍ | من غير بَرْقٍ صوبه مدرار |
وبَنَاتُهُ بالمَكرُمات بحار | |
وإذا عفا صفحاً عفا عن قُدرة ٍ | والحلمُ في الملك القدير فخار |
سُلّتْ صوارمه الحداد ففلّقتْ | هاماً عليها للجياد عثار |
في جحفلٍ كالبحر ماج بضمرٍ | فَتَكَتْ على صَهوَاتِها الأذْمار |
لا يجزعونَ من المنون كأنما | آجالهمْ لنفوسهمْ أعمار |
فصعيدُ وجهِ الأرض منه مبعثرٌ | وذَرُورُ عين الشمس منه غبار |
إنّ الحروب وأنتم آسادها | فتكاتكم في عُربها أبكار |
أضحتْ لصونكم الثغور كأعين | وشفاركمْ من حولها أشفار |
زانت سيادتكم كرامة َ برِّكم | خيرُ الملوكُ السادة ُ الأبرار |
يا من عِتَاقُ الخَيْلِ تُوسَمُ باسمِهِ | والدرهمُ المضروب والدينار |
وبكلّ أرضٍ تَستنيرُ بذكره | خطَبٌ من الفصحاءِ أو أشعار |
خدمتْ رئاستَكَ السعودُ وأصْبَحتْ | للفضل تَحْسُدُ عصرَكَ الأعصار |
ورجالُ دولتكَ الذين لقدرهم | بك في الورى الإجلال والإكبار |
فمن المقدّم والزمام كفاية ٌ | نُجْحٌ بها الإيراد والإصدار |
فهما وزيراك اللذان عليهما | لنفوذ أمركَف السداد مدار |
جبلان يقترنانِ للرأي الذي | لِعِداكَ منه مذلّة ٌ وصَغار |
فالملك بينهما حديثٌ حُسْنُهُ | قَطَعَتْ لياليَها به السُّمّار |
وكأن ذا سمعٌ وذا بصرٌ له | حَسَدتْهُما الأسْماعُ والأبصار |
والليثُ إبراهيمُ قائدُك الّذي | تدمى بصولته له أظفار |
يرمي شداد المعضلات بنفسه | بَطَلُ الكفاحِ وذِمْرُها المغوار |
وإذا تفجّرَ جدولٌ من غمده | شرقتْ بماءِ غمامهِ الفجّارُ |
وعبيدكَ الغلمان إن ناديتهم | نهضوا، مواثبة َ الأسود، وثاروا |
وَمَشَوْا مع التّأييدِ قاماتٍ إلى | هيجاءَ مَشْيُ حُماتِهَا أشبار |
سبحوا إلى الأعلاج إذ لم ينزلوا | من فلكهم فحجالها تيار |
وَرَمَوْهُمُ بجنادلٍ فكأنّها | لأجورها عند الإله جمار |
وبكلّ سهمٍ واقعٍ لكنه | بثلاثِ أجنحة ٍ له طيّار |
وحموا حمى الأسوار وهي وراءهم | حتى كأنهم لها الأسوار |
وكأنّما حَرّ المنايا عندهم | بردٌ إذا ما اشتدّ منه أوارُ |
لا يتقي في الضرب سَيْفُكَ مِغْفَراً | فله من القَدَرِ المُطاعِ غِرَار |
لو أن أعْرَاضاً تُجَوْهَرُ أصْبَحَتْ | في كفّكَ العزماتُ وهي شفار |
أو أنّ للأرض الجماد تنقلاً | حَجّتْ إلى أمْصارِكَ الأمْصار |
فليهنِك الشهرُ المعظَّمُ إنّهُ | ضيفٌ قراه البرّ والإيثارُ |
أصبحتَ فيه لوجهِ ربّك صائماً | لكن لكفكَ بالندى إفطار |
ضيفٌ أتاك به لتعرف حقّهُ | فَلَكٌ بقدرة ِ ربّهِ دَوّار |
لا زالتِ الأيامُ وافدة ٍ على | ما تشتهي منها وما تختارُ |