خيالكِ للأجفان مثَّلهُ الفكرُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
خيالكِ للأجفان مثَّلهُ الفكرُ | فعينيَ ملأى بالهوى ويدي صِفْرُ |
سرى والدجى الغربيبُ يخفي مكانه | فنمّ عليه من تضوّعها نشرُ |
وقد صَوّبَ النسرُ المحلّقُ تالياً | أخاهُ ومات الليل إذْ وُلِدَ الفجر |
ألمّ بصبٍّ ليس يدري أمِرْجَلٌ | يفور بنيران الأسى منه أو صدر |
غريبٌ جنى أرْيَ الحياة وشَرْيَها | ويجني الفتى بالعيش ما يغرس الدهر |
أنازحة َ الدار التي لا أزورها | إذا لم يُشَقَّ البحرُ أو يُقْطَعِ القفر |
إذا بَعُدَتْ دارُ الأحبَّة بالنوى | فذاك لهم هجرٌ وإنْ يكن هجر |
رحلت ولم يَرْحَلْ عشيَّة َ بيننا | معي برحيل الجسم قلبٌ ولا صبر |
وداءُ خُمار الشُّربِ سوفَ يُذيبني | فقد نزحت في فيك غزر به الخمر |
وما زال ماءُ العين في الخد مُعْطِشي | إلى ماءِ وجهٍ في لقائي له بِشْر |
عسى البعدُ ينفي موجبُ القربِ حكمه | فعند انقباض العسر ينبسط اليسر |
عسى بيننا يبقي المودَّة بيننا | ولا ينتهي منّا إلى أجلٍ عمر |
فقلْ لأناسٍ عرّسوا بسفاقسٍ | لطائرِ قلبي في مُعَرَّسكم وَكْر |
وفرخٍ صغيرٍ لا نهوضَ لمثله | يُراطنُ أشكالاً مَلاقِطُها صُفْر |
إذا ما رأى في الجوّ ظلّ محلّقٍ | ترنّمَ واهتزت قوادمه العشر |
يظنّ أباه واقعاً فإذا أبى | وقوعاً عليه شُبّ في قلبه الحجر |
يلذّ بعيني أن تري عينه وأن | يُلفّ بنحري في التلاقي له نحرُ |
أحنّ إلى أوطانكم وكأنَّما | ألاقي بها عصر الصبا، سُقيَ العصر |
ولم أرَ أرضاً مثلَ أرضكُم التي | يُقبِّلُ ذيلَ القصرِ في شطها البحر |
يمدّ كجيشٍ زاحفٍ فإذا رأى | عطاءَ عليّ كان من مدّهِ جزر |
أما يخجلُ البحرُ الأجاجُ حلوله | ببحرٍ فراتٍ ما للجَّتهِ عبر |
جوادٌ إذا أسدى الغنى من يمينه | تحوّلَ عن أيمانِ قصّادهِ الفقر |
حمى ثغره بالسيف والرمح مقدماً | ويحمي عرينَ القَسْورِ النَّابُ والظفر |
إذا ما كسونا المدحَ أوصافَهُ ازدهى | فَطيّبَ أفواه القوافي له ذكر |
يصولُ بعضبٍ في الكفاح كأنَّه | لسانُ شواظ منه يضطرم الذعر |
وتحسبُ منه الريح تغدو بضيغم | على جسمه نِهيٌ وفي يده نهرُ |
ومعتذرٌ عما تنيلُ يمينه | وكلّ المنى في البعض منه فما العذر |
بصيرٌ بمردي الطعن يُغري سنانه | بجارحة ٍ في طيِّها الوِردُ والغَمر |
يجولُ فيلقي طعنة ً فوق طعنة ٍ | فأولاهما كَلْمٌ وأخراهما سَبْر |
إذا رفع المغرور للحين رأسه | يُعَجِّلُهُ من مَدّ عامله قَصْر |
وهيجاء لا يُفْشِي بها الموتُ سرّهُ | إذا لم يكن بالضرب من بيضها جهرُ |
تهادى بها جُرْدٌ كأن قتامها | ظلامٌ وأطرافَ القنا أنجمٌ زهر |
إذا قَدّتِ البيضُ الدروعَ حسبتها | جداولَ في الأيمان شُقّتْ بها غُدر |
فكم صافحت منها الحروب صفائحٌ | وفتْ بحصادِ الهام أوراقها الخضر |
ليهْنِ الرعايا منك عدلُ سياسة ٍ | ودفعُ خطوبٍ لليالي بها غدر |
ويسرٌ حَسَمْتَ العُسْرَ عنهم بصنعه | كما حَسَمَ الإسلامُ ما صَنَعَ الكفر |
فلا زلتَ تجني بالظبا قِمَمَ العِدى | وتثمرُ في الأيدي بها الأسَل السمر |