مَنْ كان عنهُ يُدافعِ القَدَرُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
مَنْ كان عنهُ يُدافعِ القَدَرُ | لم يُرْدِهِ جِنٌّ ولا بَشَرُ |
وثَنَى الردى عنهُ الردى جَزَعاً | وَسَعَتْ على غيراتِهِ غِيَر |
ورمى عِداه بكلّ داهية ٍ | دهياءَ لا تُبقي ولا تذرُ |
لا عيبَ فيما كان من جللٍ | يجري بكلّ مقدَّرٍ قدر |
إنَّ الملوكَ، وإنْ همُ عظموا، | تُغْرى العُداة ُ بهم، وإن حقروا |
والغدرُ قد ملىء الزمان به | قِدْماً، وكم نَطَقَتْ به السير |
وأولو المكايدِ إنْ رأوا فُرَصاً | ركبوا لها العَزماتِ وابتدروا |
والمُصْطَفَى سَمّتْهُ كافِرة ٌ | لتضيرهُ، أو مَسّهُ الضّرَر |
وعلا معاوية ً بذي شُطَبٍ | عندَ الصباحِ لشجهِ غُدر |
وعصابة ٍ للحينِ قادَ بها | ظُلمُ النفوس وساقها الأشر |
حتى إذا ظنوا بأنهم | ربحوا وأنْجَحَ سَعْيُهُمْ، خسروا |
وردوا الحتوفَ وبئس ما وردوا | لكنَّهمْ وَرَدوا وما صدروا |
مثلَ الفراش تقحمتْ سُعراً | فانْظُرْ إلى ما تصْنَعُ السُّعُر |
خذلوا وما نصروا على ملكٍ، | ما زالَ بالّرحمن يَنْتَصِرُ |
ردّوا المكايد في نحورهم | عن عادلٍ بِسيوفِهِ نُحِروا |
كان ابتداءُ فسادِهِمْ لَهُمُ | وعليهمُ بصلاحه الخبرُ |
رفعوا عُيْونَهُمُ إلى قَمَرٍ | فرماهمُ برجومهِ القمر |
صبّ الحديدَ عليهمُ ذَرِباً | فكأنهم من حولهِ جزرُ |
عجباً لهم بُطنوا بعيشهمُ | وبقتلهمْ إذْ صُلّبُوا ظَهَروا |
يبستْ جذوعهمُ وهمْ ثمرٌ | للضُّبْعِ أينعَ ذلك الثّمر |
من كلّ رَابٍ سَلْهَبٍ رَسَخَتْ | منهُ القوائمُ ما له حُضُر |
وكأنما الحرباءُ منهُ علا | عُوداً، ونارُ الشمسِ تستعر |
أوَما رأوا يحيى ، سعادتهُ | وقفٌ عليها النَّصْرُ والظّفَر |
إنّ الزمان خديمُ دولته | يُفْني أعاديها وإنْ كثروا |
مَلكٌ على الإسلامِ ذمتهُ | سِتْرٌ مَديدٌ، ظِلّهُ خَصر |
سَمْحٌ تَبَرّجَ جودُ راحتِهِ | لعُفاتِهِ، ولعرضه خَفر |
ذو هيبَة ٍ كالشّمْسِ مُنْقَبِضٌ | عنها، إذا انبسطتْ، له النّظر |
والعَدلُ فيها والتّقَى جُمِعَا | فكأنَّ ذا سمعٌ وذا بصر |
خفض الجناح وخفضهُ شرفٌ | وعلى السمّاكِ علا له قدرُ |
مُتَيَقّظُ العَزَمَاتِ تحسبُها | ينتابها من خوفِهِ السّهرُ |
كالسيفِ هُزّ غِرارُهُ بيدٍ | للضربِ، وهو مصَمِّمٌ ذكر |
وكأنّ طيب ثنائِهِ أرجٌ | عن روضه يتنفسُ السحرُ |
تنْمِي على الأعداءِ عَزْمَتُهُ | والزند أوّلُ نارهِ شررُ |
وكأن ركنَ أناتهِ سبلٌ | بمواردِ المعروفِ ينفجرُ |
يا فاتِكاً بِعُداتِهِ أبدا | إنّ الذئاب تُبيدها الهُصُر |
شكرا فإنَّ السّعْدَ متّصِلٌ | وُصِلَتْ بهِ أيَّامُكَ الغرر |
واسْلَمْ فإنَّكَ في الندى مَطَرٌ | يمحو المحولَ، وللهدى وزرُ |