امامك فانظرْ أيّ نهجْيك تنهجُ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
امامك فانظرْ أيّ نهجْيك تنهجُ | طريقان شتى : مستقيم واعوجُ |
ألا أيهذ االناسُ طال ضريرُكم | بآل رسول اللَّه فاخشوا أو ارْتجوا |
أكل أوانٍ للنبي محمد | قتيلٌ زكيٌ بالدماء مُضرَّجُ |
تبيعون فيه الدينَ شرَّائِمة ٍ | فلله دينُ اللَّه قد كاد يَمْرَجُ |
بني المصطفى ! كم يأكل الناس شُلَوَكم؟ | لِبَلْواكُم عما قليل مُفَرَّجُ |
أما فيهم راعٍ لحق نبيّهِ؟ | ولا خائفٌ من ربه يتحرجُ |
لقد عَمَهُوا ما أنزل اللَّه فيكُم | كأنَّ كتاب الله فيهم مُمجمج |
ألا خاب من أنساه منكم نصيبَه | متاعٌ من الدنيا قليلٌ وزبرج |
أبعد المُكنّى بالحسين شهيدكم | تضيئ مصابيح السماء فتسرج |
لنا وعلينا ولا عليه ولا له | تسحسح أسراب الدموع وتنشج |
وكيف نُبكِّي فائزاً عند ربه | له في جنان الخلد عيشٌ مُخرفجُ |
وقد نال في الدنيا سناءً وصيتة ً | وقام مقاماً لم يقمه مزلجُ |
فأنْ لا يكن حيا لدينا فأنه | لدى الله حيٌ في الجنان مزوج |
وكنا نرجّيه لكشف عماية ٍ | بأمثاله أمثالُها تتبلَّجُ |
فسَاهَمنَا ذو العرش في ابن نبيه | ففاز به والله أعلى وأفلجُ |
أيحيى العلي لهفى لذكراك لهفة ً | يباشر مَكْواها الفؤادَ فيَنْضجُ |
لمن تستجدُ الأرضَ بعدك زينة َ | فتصبح في أثوابها تتبرّجُ؟ |
سلامٌ وريحان وروح ورحمة | عليك وممدود من الظل سجسجُ |
ولا برح القاع الذي انت جاره | يرفّ عليه الاقحوان المفلّجُ |
ويا أسفي ألاَّ تَرُدَّ تحية ً | سوى أرج من طيب رمسك يأرجُ |
ألا انما ناح الحمائم بعدما | ثَوَيْتَ، وكانت قبل ذلك تَهْزَجُ |
ألا أيها المستبشرون بيومه | أظلت عليكم غُمة ٌ لا تفرَّجُ |
أكلُّكُم أمسى اطمأن مِهادُه | فليس بها للصالحين مُعَرَّجُ |
فلا تشمتوا وليخسأ المرء منكم | بوجهٍ كأَنَّ اللون منه اليَرَنْدَجُ |
فلو شهد الهيجا بقلبِ أبيكُم | غداه التقى الجمعان والخيل تمعجُ |
لأعطى يدَ العاني أو ارتدّ هارباً | كما ارْمَدَّ بالقاع الظليمُ المهيَّجُ |
ولكنه ما زال يغشى بنحره | شَبا الحرب حتى قال ذو الجهل: أهوجُ |
وحاش له من تلكم غير إنه | أبَى خطة َ الأمر التي هي أسمجُ |
وأين به عن ذاك؟لاأين- إنه | إليه بِعِرْقَيْهِ الزَّكيين مُحْرَجُ |
كأني به كالليث يحمي عرينه | وأشباله لا يزدهيه المهجهجُ |
كأني أراه والرماح تَنوشُه | شوارع كالأشطان تدلى وتخلجُ |
كأني أراه إذ هوى عن جواده | وعُفِّر بالتُّرْبِ الجبينُ المشجَّج |
فحبِّ به جسماً الى الأرض إذ هوى | وحُبَّ به روحاً إلى اللَّه تعرجُ |
أأرديتم يحيى ! ولم يطوأيطلٌ | طِراداً ولم يُدْبر من الخيل مَنْسِجُ |
تأتتْ لكم فيه مُنى السوء هينة ً | وذاك لكم بالغي أغرى وألهجُ |
وما بكُم أن تنصروا أوليائكم | ويُستدرج المغرور منكم فيدرجُ |
أجنوا بني العباس من شنآنكم | وأوكوا على ما في العياب وأشرجوا |
لأعنِقُ فيما ساءكم وأُهَمْلِجُ | فأحر بهم أن يغرقوا حيث لججوا |
نَظَارِ لكم أنْ يَرجع الحقَّ راجعٌ | إلى أهله يوماً فتشجُوا كما شجوا |
على حين لا عُذْرَى لمُعتذريكُم | ولا لكم من حجة الله مخرجُ |
لقد ألحجوكم في حبائل فتنة | وبينهم إن اللواقح تنتجُ |
غررتم لأن صدقتم أن حالة | وناتجها لو كان للأمر مَنْتَجُ |
لعل لهم في مُنْطوِي الغيب ثائراً | سيسمو لكم والصبح في الليل مولجُ |
بمَجْرٍ تضيق الأرض من زفراته | له زَجَلٌ ينفي الوحوشَ، وهَزْمَجُ |
إذا شيمَ بالأبصار أبرقَ بيضُه | بوارقَ لا يسطيعهنّ المحمَّجُ |
تُوامضه شمسُ الضحى فكأنما | يُرى البحرُ في أعراضه يتموجُ |
يؤيده ركنان ثبتان: رجلهٌ | وخيلٌ كأَرسال الجراد وأَوْثَجُ |
عليها رجال كالليوث بسالة ً | بأمثالها يُثْنَى الأبيُّ فَيُعْنَجُ |
تدانوا فما للنقع فيهم خصاصة ٌ | تُنَفِّسه عن خيلهم حين تُرْهجُ |
كان الزجاج اللهذميات فيهم | فَتِيلٌ بأطراف الرُّدْيِنيِّ مُسْرجُ |
يودُّ الذي لاقوة أن سلاحه | هنالك خلخال عليه ودُملجُ |
فيدركُ ثأرَ الله أنصارُ دينه | ولله أوسٌ آخرون وخزرجُ |
ويقضي إمام الحق فيكم قضاءَه | تماماً، وما كلُّ الحوامل تُخْدَجُ |
وتظعن خوفَ السبي بعد إقامة | ظَعائنُ لم يُضرب عليهنَّ هودجُ |
مَهٍ لا تعادَوا غِرة البغي بينكم | كما يتعادى شعلة َ النار عَرْفجُ |
أفي الحق أن يمسوا خماصاً وأنتم | يكاد أخوكم بطنة ً يتبعّجُ |
تَمشُون مختالين في حُجراتِكم | ثقالَ الخُطى أكفالكم تترجرجُ |
وليدُهُم بادي الطَّوى ووليدكم | من الريف ريَّانُ العظام خَدَلَّجُ |
بنفسي الألي كظتهم حسراتكم | فقد عَلِزُوا قبل الممات وحَشرجوا |
وعيرتموهم بالسَّواد ولم يزل | من العرب الامحاض أخضر أدعجُ |
ولكنكم زرقٌ يزين وجوهكم | بني الروم ألوانٌ من الروم نعّجُ |
أبى الله إلا أن يطيبوا وتخبثوا | وأن يسبقوا بالصالحات وتُفْلَجُوا |
وإن كنتم منهم وكان أبوكم | أباهم فان الصفو بالرنق يمزجُ |
لعمري لقد أَغرى القلوبَ ابنُ طاهر | ببغضائكم ما دامت الريح تَنْأَجُ |
سعى لكم مسعاة سوءِ ذميمة ٍ | سعى مثلها مستكرَه الرجل أعرجُ |
فلن تعدموا ما حنَّت النيِّبُ فتنة ً | تُحَشُّ كما حُشَّ الحريقُ المؤجَّجُ |
وقد بدأت لو تُزْجَرُون بريحها | بوائجُها من كل أوب تبوَّجُ |
دماءُ بني عباسكم وعلّيهم | لكم كدماء الترك والروم تُهْرَجُ |
يلي سفكَها العورانُ والعرج منكم | وغوغاؤكم جهلاً بذلك تَبْهَجُ |
ولكنْ هَناتٌ في القلوب تَنجنجُ | |
ولو أمكنتكم في الفريقين فرصة ٌ | لقد بينت أشياء تلوى وتحنجُ |
إذن لاستقدتم منها وترَ فارسٍ | وإن ولياكم فالوشائج أوشجُ |
أبَى أن تحبُّوهم يد الدهر ذكرُكم | لياليَ لا ينفكُّ منكم متوَّجُ |
وأني على الاسلام منكم لخائفٌ | بوائقَ شتى بابُها الآن مُرتَجُ |
وفي الحزم أن يستدرِك الناسُ أمركم | وحبلهم مستحكم العقد مدمجُ |
نَظَارِ فإن اللَّه طالبُ وتره | بني مصعبٍ لن يسبق الله مدلجُ |
لعل قلوبا قد أطلتم غليلها | ستظفر يوماً بالشفاء فتثلجُ |