إنّ النضيرة َ ربة َ الخدرِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
إنّ النضيرة َ ربة َ الخدرِ | أسرتْ إليكَ، ولم تكنْ تسري |
فوقفتُ بالبيداءِ أسألها: | أنى اهتديتِ لمنزلِ السفرِ |
والعيسُ قدْ رفضتْ أزمتها، | مما يرونَ بها منَ الفترِ |
وَعَلَتْ مَسَاوِئُهَا مَحاسِنَها، | مِمّا أضَرّ بِها مِنَ الضُّمْرِ |
كنا إذا ركدَ النهارَ لنا، | نَغْتَالُهُ بِنَجَائِبٍ صُعْرِ |
عوجٍ، نواجٍ، يعتلينَ بنا، | يُعْفِينَ دونَ النَّصّ، والزَّجْرِ |
مستقبلاتٍ كلَّ هاجرة ٍ، | يَنْفَحْنَ في حَلَقٍ مِنَ الصُّفْرِ |
ومناخها في كلّ منزلة ٍ، | كمبيتِ جونيّ القطا الكدرِ |
وسما على عودٍ، فعارضنا | حِرْبَاؤها، أوْ هَمَّ بِالخَطْرِ |
وَتَكَلُّفي اليَوْمَ الطّويلَ وقَدْ | صرتْ جنادبهُ منَ الظهرِ |
والليلة َ الظلماءَ أدلجها | بالقَوْمِ في الدّيْمومَة ِ القَفْرِ |
يَنْعى الصَّدَى فيها أخاهُ كما | يَنْعَى المُفجَّعُ صَاحِبَ القَبْرِ |
وتحولُ دونَ لكفّ ظلمتها، | حتى تشقّ على الذي يسري |
وَلَقَدْ أرَيْتُ الرَّكبَ أهْلَهُمُ، | وَهَدَيْتُهُمْ بمَهَامِهٍ غُبْرِ |
وَبَذلْتُ ذا رَحْلي، وكنتُ بِهِ | سَمْحاً لَهُمْ في العُسْرِ واليُسْرِ |
فإذا الحوادثُ ما تضعضعني، | وَلا يَضِيقُ بِحاجَتي صَدْري |
يُعْيي سِقَاطي مَنْ يُوَازِنُني، | إنّي لَعَمْرُكَ لَسْتُ بالهَذْرِ |
إنّي أُكارِمُ مَنْ يُكَارِمُني، | وَعلى المُكاشِحِ ينْتحي ظُفرِي |
لا أسْرِقُ الشُّعَرَاءَ ما نَطَقُوا، | بَلْ لا يُوَافِقُ شِعْرَهُمْ شِعْري |
إنّي أبَى لي ذَلِكُمْ حَسَبي، | ومقالة ٌ كمقاطعِ الصخرِ |
وأخي منَ الجنّ البصيرُ، إذا | حاكَ الكَلامَ بأحْسَنِ الحِبْرِ |
أنَضِيرَ مَا بَيْني وبَيْنَكُمُ | صرمٌ، وما أحدثتُ منْ هجرِ |
جودي فإنّ الجودَ مكرمة ٌ، | واجزي الحسامَ ببعضِ ما يفري |
وحَلَفْتُ لا أنْسَاكُمُ أبَداً، | ما ردّ طرفّ العينِ ذو شفرِ |
وحَلَفْتُ لا أنْسَى حديثَكِ ما | ذَكَرَ الغَوِيُّ لَذَاذَة الخَمْرِ |
ولأنتِ أحسنُ، إذْ برزتِ لنا، | يَوْمَ الخُرُوجِ بساحَة ِ القَصْرِ |
منْ درة ٍ أغلى الملوكُ بها، | مِمّا تَرَبّبَ حَائِرُ البَحْرِ |
ممكورة ُ الساقينِ، شبههما | بَرْدِيّتَا مُتَحَيِّرٍ غَمْرِ |
تَنْمي كما تَنْمي أرُومَتُها، | بمحلّ أهلِ المجدِ والفخرِ |
يعتادني شوقٌ، فأذكرها، | مِنْ غَيْرِ ما نَسَبٍ وَلا صِهْرِ |
كتذكرِ الصادي، وليسَ لهُ | مَاءٌ بِقُنّة ِ شاهقٍ وَعْرِ |
وَلَقَدْ تُجالِسُني، فَيَمْنَعُني | ضيقُ الذراعِ، وعلة ُ الخفرِ |
لوْ كنتِ لا تهوينَ لم تردي، | أو كُنْتِ، مَا تَلْوِينَ في وَكْرِ |
لأتَيْتُهُ، لا بُدّ، طالِبَهُ، | فاقنيْ حياءكِ، واقبلي عذري |
قلْ للنضيرة ِ إنْ عرضتَ لها: | لَيْسَ الجَوادُ بِصَاحِبِ النَّزْرِ |
قَوْمي بَنُو النّجّارِ رِفْدُهُمُ | حسنٌ، وهمْ لي حاضرو النصرِ |
الموتُ دوني لستُ مهتضماً، | وذوو المكارمِ منْ بني عمرو |
جُرْثُومَة ٌ، عِزٌّ مَعَاقِلُها، | كانتْ لنا في سالفِ الدهرِ |