هنالكَ عهدي بالخليطِ المزايلِ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
هنالكَ عهدي بالخليطِ المزايلِ | و في ذلكَ الوادي أصيبتْ مقاتلي |
فلا مثلَ أيّامٍ لنا ذهبيّة ٍ | قصيرة ِ أعمارِ البقاءِ قلائل |
إذِِ الشَّملُ مجموعٌ بمنزلِ غبطة ٍ | و دارِ أمانٍ من صروفِ الغوائل |
ليَاليَ لم تأتِ اللّيالي مَساءتي | ولم تَقْتَسِمْ دَمْعي رُسومُ المنازل |
و أسماءُ لم يبعدْ لهجرٍ مزارها | و لم تتقطَّعْ باقياتُ الرّسائل |
ألا طرقتْ تسري بأنفاسِ روضة ٍ | وأعْطافِ مَيّاسِ من البانِ ذائل |
فيا لكَ وحشيّاً من العينِ شارداً | أتيحَ لإنسيٍّ ضعيفِ الحبائل |
أأسماءُ ما عهدي ولا عهدُ عاهدٍ | بخدركِ يسري في الفيافي المجاهل |
فإنّكِ ما تَدرينَ أيَّ تَنائِفٍ | قطعتُ بمكحولِ المدامعِ خاذل |
تأوَّبَ مُرخَاة ً عليه سُنُورُهُ | هِدُوءاً وقد نامَتْ عيونُ العَواذل |
و إنّي إذا يسري إليَّ لخائفٌ | عليه حبالاتِ العيونِ الحوائل |
أغارُ عليْهِ أن يُجاذبَهُ الصِّبَا | فُضُولَ بُرُودٍ أو ذُيولَ غلائل |
و قد شاقني إيماضُ برقٍ بذي الغضى | كما حُرِّكتْ في الشمس بيض المناصل |
إذا لم يَهِجْ شوْقي خَيالٌ مُؤرِّقٌ | تَطَلّعَ من أُفقِ البُدورِ الأوافِل |
و ما النَّاسُ إلاّ ظاعنٌ ومودِّعٌ | وثاوٍ قريح الجفنِ يبكي لراحل |
فهل هذه الأيّامُ إلا كما خَلا | وهل نحنُ إلاّ كالقُرُونِ الأوائل |
نُساقُ من الدّنيا إلى غيرِ دائِمٍ | و نبكي من الدنيا على غيرِ طائل |
فما عاجِلٌ تَرْجوه إلاّ كآجِلٍ | و لا آجلٍ نخشاه إلاّ كعاجل |
فلو أوطأتني الشمسَ نعلاً وتوَّجتْ | عِبِدّايَ تِيجانَ المُلوكِ العباهِل |
ولو خُلِّدَتْ لم أقضِ منْها لُبانَة ً | و كيفَ ولم تخلدْ لبكرِ بن وائل |
لقومٍ نموا مثلَ الأميرِ محمَّدٍ | ففاؤوا كما فاءتْ شموسُ الأصائل |
وإنّ بهِ منهُمْ لكُفْواً ومَقْنعاً | و لكنّنا نأسى لفقدِ المقاول |
إذا نحنُ لم نجزعْ لمن كان قبلنا | لَهِوْنَا عن الأيّام لَهْوَ العقائل |
و لكن إذا ما دامَ مثلُ محمّدٍ | ففي طيِّ ثوبيهِ جميعُ القبائل |
تسلَّ به عمّنْ سواه ومثلهُ | يريكُ أباه في صدورِ المحافل |
و إنّ ملوكاً أنجبتْ لي مثلهُ | أحقُّ بني الدنيا بتأبينِ عاقل |
ولو زِيدَ فِيها مثلُ ذَرع الحَمائل | و هم خيرُ حافٍ في البلاد وناعل |
لهم من مساعيهمْ دروعٌ حصينة ٌ | تُوَقّيهِمُ من كلِّ قوْلٍ وقائل |
وهم يتَقُونَ الذَّمَّ حتى كأنّهُ | ذُعافُ الأفاعي في شِفارِ المناصل |
وحقَّ لهم أن يتقوه فلم تكنْ | تُصابُ بهِ الأعراضُ دونَ المَقاتل |
أولئك لا يحسنُ الجودَ غيرهم | ولا الطعنِ شزراً بالرماحِ الذوابل |
فلم يَدْرِ إلاّ الله ما خُلُقُوا لهُ | ولا ما أثاروا من كُنوزِ الفضائل |
شبيهٌ بأعلامِ النُّبوَّة ِ ما أرى | لهم في النَّدى من مُعجزاتِ الشَّمائل |
أجلّك عز الله ذكركَ فارساً | إذا صرَّ آذانُ الجيادِ الصواهل |
وما لسيوفِ الهندِ دونَك بَسْطَة ٌ | ولو زيدٌ فيها مثلَ زرعِ الحمائل |
ترشفها في السلمِ ماءَ جفونها | فتَجزأُ عن ماء الطُلى والبآدل |
وتَقلِسُ مِنْ رِيٍّ إذا ما أمَرْتَها | بتصد يعِ هاماتٍ وفتقِ أباجل |
فلا تتبعْ الحسادَ منك ملامة ٌ | فما شرفُ الحسّادِ منك بباطل |
وكم قد رأينَا من مَسُولٍ وسائِلٍ | قديماً ومن مَفضُولِ قومٍ وفاضل |
فكُلُّهُمُ يَفْديكَ من مُتَهلِّلٍ | إلى المجتدي العافي وأربدَ باسل |
تقيكَ دماءُ القرنِ من متخمِّطٍ | على القِرنِ مشبوحِ اليدين حُلاحِل |
ضَمِينٌ بلَفِّ الصّفِّ بالصّفِّ كلما | تَبَاعَدَ ما بينَ الكلى والعوامل |
تُؤنِّسُهُ الهَيجا ويُطرِبُ سَمعَهُ | صريرُ العَوالي في صُدورِ الجَحافل |
هو التّاركُ الثثغْرَ القصيَّ دروبهُ | مَقَرّاً لفُسطاطٍ وداراً لنازل |
فعارِضُهُ الأهْمَى لأوّلِ شائِمٍ | ودِرَّتُهُ الأولى لأوّلِ سائل |
تَجودُكَ مِن يُمْناهُ خمسة ُ أبحُرٍ | تفيضُ دِهاقاً وهي خمسُ أنامل |
عطاءٌ بلا منٍّ يكددِّرُ صفوهُ | فليسَ بمنّانٍ وليسَ بباخل |
ترى الملكَ المخدومَ في زيّ خادمٍ | حواليهِ والمأمولَ في ثوبِ آمل |
كأنا بنوه أهلهُ وعشيرهُ | يُرَشِّحُنَا بالمَأثُراتِ الجلائل |
يُطيفُ بطلق الوجهِ للعُرْفِ قائلٍ | وبالعرفِ أمّارٍ وللعرفِ فاعل |
بمبسوط كفِّ الجودِ للرّزقِ قاسمٍ | ومسلولِ سيفِ النصرِ للدين شامل |
فتى ً كلُّ سعيٍ من مساعيهِ قِبلة ٌ | يصلّي أليها كلُّ مجدٍ ونائل |
وفي كلّ يومٍ فيهِ للشعرِ مذهبٌ | على أنّهُ لم يبقِ قولاً لقائل |