إمسحوا عن ناظري كحلَ السُّهادْ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
إمسحوا عن ناظري كحلَ السُّهادْ | وانفضُوا عن مضْجعي شوك القَتادْ |
أو خذوا منّي ما أبقيتمُ | لا أُحبُّ الجسْمَ مسلوبَ الفؤاد |
هل تجيرونَ محبَّاً منْ هوى ً | أو تفكُّونَ أسيراً من صفاد؟ |
أسلوّاً عنكمُ أهجركمْ | قلّما يسلو عن الماءِ الصَّواد |
إنّما كانتْ خطوبٌ قُيِّضَتْ | فَعَدَتْنا عنكمُ إحدى العَواد |
فعلى الأيّامِ من بَعْدِكُمُ | ما على الثَّكلاءِ من لُبسِ الحداد |
لا مَزارٌ منكُمُ يدنو سِوى | أن أرى أعلامَ هضبٍ ونجاد |
قد عقلْنَا العِيسَ في أوطانها | و هي أنضاءُ ذميلٌ ووخاد |
قَل تَنْويلُ خَيالٍ مِنكُمُ | يطَّبي بين جفونٍ وسهاد |
وحديثٌ عنكمُ أكثَرُه | عن نسيم الريح أو برق الغواد |
لم يزدنا القربُ إلاّ هجرة ً | فرضينا بالتَّنائي والبعاد |
وإذا شاءَ زمانٌ رابَنَا | برقيبٍ أو حَسودٍ أو مُعاد |
فهداكمْ بارقٌ منْ أضلعي | وسُقِيتُمْ بغَمامٍ مِن وَداد |
وإذا انهَلَّتْ سماءٌ فَعَلى | ما رفعتمْ من سماءٍ وعماد |
و إذا كانت صلاة ٌ فعلى | هاشمِ البطحاءِ أربابِ العباد |
هُمْ أقَرُّوا جانبَ الدَّهرِ وهُمْ | أصلحوا الأيّامَ من بعدِ الفساد |
من إمامٍ قائمٍ بالقسطِ أو | مُنذِرٍ مُنتخَبٍ للوَحي هَاد |
أهلُ حوضِ اللّهِ يجري سلسلاً | بالطّهور العذبِ والصفو البراد |
أسواهم أبتغي يومَ النَّدى | أم سواهم أرتجي يومَ المَعاد؟ |
همْ أباحوا كلَّ ممنوعِ الحمى | وأذلُّوا كلَّ جبّارِ العناد |
وإذا ما ابتَدَرَ النّاسُ العُلى | فلهم عاديُّها من قبل عاد |
فَلَهُمْ كلُّ نِجادٍ مُرْتَدى ً | و لهمْ كلُّ سليلٍ مستجاد |
تَطلَعُ الأقمارُ من تيجانهم | و عليهمْ سابغاتٌ كالدَّآد |
كلُّ رقراقِ الحواشي فوقهمْ | كعيونٍ من أفاعٍ أو جراد |
فعلى الأجساد وَقْدٌ من سنى َ | وعلى الماذيِّ صِبْغٌ من جِساد |
بجِيادٍ في الوَغَى صافِنَة ٍ | تفحصُ الهامَ وأخرى في الطِّراد |
و إذا ما ضرَّجوهاعلقاً | بَدَّلوا شُهْباً بشُقْرٍ وَوِراد |
وإذا ما اختَضَبَتْ أيديهِمِ | فرّقوا بينَ الأسارى والصِّفاد |
تلكَ أيدٍ وهبت ما كسبتْ | للمعالي من طريفٍ وتِلاد |
هم أماتُوا حاتماً في طّيءٍ | مَيْتَة َ الدَّهْرِ وكعباً في إياد |
و همُ كانوا الحيا قبل الحيا | و عهادَ المزنِ من قبل العهاد |
حاصَرُوا مكَّة َ في صُيّابَة ٍ | عقدوا خيرَ حبى ً في خيرِ ناد |
فلهُمْ ما انجابَ عنه فَجرُها | من قَليبٍ أو مَصادٍ أو مَراد |
أو شِعابٍ أو هِضابٍ أو رُبى ً | أو بطاحٍ أو نجادٍ أو وهاد |
في حريمِ الله إذْ يَحمُونَهُ | بالعَوالي السُّمْرِ والبِيضِ الحِداد |
ضارَبوا أبْرَهَة ً من دونِهِ | بعدما لفَّ بياضاً بسواد |
شغلوا الفيلَ عليه في الوغى | بتوامِ الطَّعنِ في الخطوِ الفراد |
فيهِمُ نارُ القِرى يَكنُفُها | مثلُ أجبالِ شرورى من رماد |
لهُمُ الجودُ وإنْ جادَ الورى | ما بِحَارٌ مُتْرَعاتٌ من ثِماد |
وإذا ما أمْرَعَتْ شُهْبُ الرُّبَى | لم يكُنْ عامُ انتِقافٍ واهْتِباد |
لكمُ الذَّروة ُ من تلك الذُّرى | و الهوادي الشُّمُّ من تلك الهواد |
يا أميري أمراءِ الناس منْ | هاشمٍ في الرَّيدِ منها والمصاد |
و سليلي ليثها المنصور في | غِيلِها مِنْ مُرْهَفاتٍ وصِعاد |
يا شبيهيهِ ندى ً يومَ ندى ً | و جلاداً صادقاً يوم جلاد |
إنّما عُوِّدْتُما في ذا الورى | عادة َ الأنواءِ في الأرض الجماد |
ما اصطناعُ النفس في طُرقِ الهوى | كاصطناع النفس في طرق الرشاد |
إنَّ يحيَى بنَ علّي أهلُ ما | جئتماهُ منْ جزيلات الأياد |
كانَ رقَّاً تالداً أوّلهُ | فأتَى الفضْلُ برِقٍ مُستَفاد |
كم عليهِ من غَمامٍ لكما | و لديه من رجاءٍ واعتداد |
عندهُ ما شاءتِ الاملاكُ منْ | عَزمة ٍ فصْلٍ وذَبٍّ وذِياد |
و اضطلاعٍ بالّذي حمِّلهُ | واكتفاءٍ وانتصاحٍ واجتِهاد |
مِثْلُهُ حاطَ ثُغورَ المُلكِ في | كلِّ دهياء َ على الملك نآد |
أيُّ زندٍ فاقدحاهُ ثم في | أيِّ كفٍّ فصِلاها بامتِداد |
وغنى ُّ مثلُهُ ما دُمْتُمَا | عن حسامٍ وقناة ٍ وجواد |
إنَّ من جرَّد سيفاً واحداً | لمنيعُ الركن من كيد الأعاد |
كيف من كان له سيفاً وغى ً | منكما وهو كميٌّ في الجلاد |
إنَّ أكنْ انبيكماعن شاكرٍ | فلقد أُخبِرُ عن حَيَّة ِ واد |
نِعمَ مُنضي العِيسِ في ديمومَة ٍ | ومُكِلٌّ الأعوَجِيّاتِ الجِياد |
تحتَ برقٍ من حُسامٍ أو غَمامٍ | من لِواءٍ أو وشاحٍ من نِجاد |
نَبّهَا المُلكَ على تجريدِهِ | فهُو السيْفُ مَصُوناً في الغِماد |
كمْ مقامٍ لكما من دونهِ | يبتنى المجدُ على السَّبع الشِّداد |
نعمٌ أصغرها أكبرها | ويَدٌ معروفُها للخَلقِ باد |
قد أمنّا بعمدي هاشمٍ | نوبَ الأيّامِ من ممسٍ وغاد |
بالأميرِ الطّاهرِ الغمرِ الندى | و الحسينِ الأبلج الواري الزِّناد |
ذاكَ ليثٌ يَضْغَمُ الليثَ وذا | حيَّة ٌ تأكُلُ حَيّاتِ البِلاد |
أنتما خيرُ عتادٍ لامرىء ٍ | هو من بعدكما خيرُ عَتاد |
بكما انقاذَ لنا الدَّهرُ على | بُعْدِ عَهدِ منَا بانقياد |
وبما رفَّعتما لي علماً | ينظُرُ النّجمُ إليه من بُعاد |
والقوافي كالمطايا لمْ تكنْ | تنبري إذ تنحني إلاّ بحاد |
جوهَرٌ آليْتُ لا أُوقِفُهُ | موقفَ الذِّلَّة ِ في سوقِ الكساد |
وإذا الشِّعْرُ تَلاقَى أهْلَهُ | أشرقتِْ غرَّتهُ بعد اربداد |
وإذا ما قدحتهُ عزَّة ٌ | لم يزدْ غيرَاشتعالٍ واتِّقاد |
كقناة الخطِّ إنْ زعزعتها | لم تَزِدْ غيرَ اعتِدالٍ واطِّراد |
يا بنيِ المنصورِ والقائمِ إنْ | عدَّ والمهديِّ مهديِّ الرشاد |
لا أرى بيتَ مديحٍ شاردٍ | في سواكم غيرَ كفرٍ وارتداد |
ولقد جِئتُمْ كما قد شِئْتُمُ | ليس في فخركُمُ من مُستَزاد |