إلى أينَ مَرْمَى قَصْدِها وَسُرَاهَا
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
إلى أينَ مَرْمَى قَصْدِها وَسُرَاهَا | رمى الله من أخفافها بوجاها |
هُوَ اليَأسُ فليُحبَسْ هِبابُ رِقابِها | كما كان مغرور الرجاء حداها |
رَأتْ لامِعاً، فاستَشرَقَتْ لمَضَائِهِ | ولو كان من مزنِ الندى لشفاها |
تدافعها الحيّ اللئيم عماية | وأعرض طوع اللؤم وهو يراها |
فَماطَلَ أصْحابُ الحِياضِ وُرُودَها | وأعتم أرباب المبيت قراها |
تلطّمها الأيدي القصار عن الرقى | وخير من الريّ الذليل صداها |
تَرَى كُلّ مَيْلاءِ السّنَامِ كَأنّمَا | من الطودِ إلاَّ زجوها وخطاها |
مُنَاقِلَة ً تَنْجُو بِزَجْرَة ِ غَيرِهَا | وترهب سوط المرء راع سواها |
تكاد من الإسراعِ تسبق أمها | بمنتجها قبل اللقاح أباها |
تعود ولم تشرع بحوض ابن حرة | ولا عريت عند الكرام ذراها |
رَأينَ دِيَاراً بَينَ بُصْرَى وَجَاسِمٍ | مَرَاعي ليَوْمٍ لا تَلُسّ خَلاهَا |
نفوس لئام لا تحلّ عقودها | وأيدي جمود لا ينضّ صفاها |
ألا! لا تَلومُوا ظاعِناً قَذَفَتْ بِهِ | بنات السُرى عن أرضكم ونواها |
رَعَتْ ذُرْوَة ً فيكُمْ ضُحًى جاشرِيّة ٌ | فأجْشرْتُ في أوْطانِكُم، وَأعَاهَا |
تحمّل عنها شرّ دار إقامة | إذا قيل أيّ الأرض قال خلاها |
فكَمْ مُوحَشَاتٍ بالرّفاقِ أزَاحَها | ولمة ليل بالمطيِّ فلاها |
كان حماكم خطة الخسف للفتى | إذا سيمها الحرّ الكريم أباها |
ولو بابن ليلى كان ملقى رحالها | لَطَرّقَ مِنْ حُرّ النُّضَارِ ثَرَاهَا |
تَبايَنتَهَا فِعلاً، فَكَمْ من عَظيمَة ٍ | أتيت بها مرحولة وكفاها |
حَمَاكَ مُلِمّاً مُنتَضًى لَكَ حَدُّهُ | وَداهِيَة ً تَشْحُو لِضِغْنِكَ فَاهَا |
غداة أغامت بالعجاج سماؤها | وَدارتْ عَلى قُطبِ الطّعانِ رَحَاهَا |
إذا السيل والى في الركاءِ سجاله | وَأنْبَطَ، أَنقَوْتَ النّدى ، وَأمَاهَا |
أرى شجراً طالت وقصّر ظلها | فَلا أوْرَقَتْ يَوْماً وَطَالَ ذوَاهَا |
ولو جمعت لونين بذل شباكها | لَطالَبَهَا الرّاجي بِمَنْعِ جَنَاهَا |
أضرّاً ولؤماً لا أباً لأبيكمُ | سَفَاهاً لرَأيِ العَاجِزِينَ سَفَاهَا |
نلوم أكفّ المحسنين إذا جنت | فكيف بأيدٍ لا ينال جداها |
ضَلالاً لرَاجي نَشطَة ٍ من رَبيعِكُمْ | رَمَى الدّاءَ في أكْلائِكُمْ فحَمَاهَا |
وعين رجتكم أن تكونوا جلاءها | فكُنتُمْ عَلى عَكسِ الرّجاءِ قَذاهَا |
طلبتم ثنائي ثم عفتم سماعه | كمَنْ خَطَبَ العَذرَاءَ، ثمّ قَلاهَا |
وما كلّ جيد موضع لقلائدي | ولا قمنٌ من صوغها وحلاها |
فلا تغررن عينيك يا خابط الدجى | قباب بناها اللؤم حيث بناها |
وَدارُ لِئَامٍ إنْ رَأى الرّكْبُ سَمتَها | تَحَايَدَ عَنها عامِداً، وَطَوَاهَا |
مَسَاوٍ كَنِيرَانِ البِقَاعِ مُضِيئَة ٍ | ونار ظلام لا يضيء سناها |
ألا غَنّيَاني بالدّيَارِ، فَإنّني | أُحِبّ زَرُوداً مَا أقَامَ ثَرَاهَا |
وبين النقا والأنعمين محلة | حَبِيبٌ لِقَلْبي قَاعُهَا وَرُبَاهَا |
ونعمان يا سقيا لنعمان ما جرت | عَلَيْهِ النّعَامَى بَعْدَنَا وَصَبَاهَا |
وللقلب عند المأزّمين وجمعها | دُيُونٌ وَمَضَى خَيفِها وَمِنَاهَا |
وظبي بأطوار الجمار إذا غدا | رمى كبداً مقروحة ورماها |
وغيداءَ لم تصحبْ سوى الشمس أختها | وَلا جَاوَرَتْ إلاّ الغَزَالَ أخَاهَا |
وَخُلّة فُرْسَانٍ عُيُونُ ظِبَائِهَا | أمَضُّ جِرَاحاً مِنْ طِعانِ قَنَاهَا |
هيَ الدّارُ لا دارٌ بأكْنافِ بابِلٍ | جَدِيرٌ بِضَيْمِ النّازِلِينَ حِمَاهَا |
مَنازِلُ مَمْنُونٌ على الرّكْبِ زَادُها | نزور على كدّ المطال جداها |
فلا سقيت إلا الصوارم والقنا | ولا صاب إلا بالدماء حياها |