ما بَعدَ يَوْمِكَ ما يَسلُو بهِ السّالي
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
ما بَعدَ يَوْمِكَ ما يَسلُو بهِ السّالي | ومثل يومك لم يخطر على بالي |
وَكَيفَ يَسلُو فُؤادٌ هاضَ جانِبَهُ | قوارع من جوى همّ وبلبال |
يا قَلْبِ صَبراً، فَإنّ الصّبرَ مَنزِلَة ٌ | بعد الغلو إليها يرجع الغالي |
وَلا تَقُلْ سَابِقٌ لمْ يَعْدُ غايَتَهُ | فَمَا المُقَدَّمُ بالنّاجي، وَلا التّالي |
نقص الجديدين من عمري يزيد على | ما ينقصان على الأيام من حالي |
دَهْرٌ تُؤثِّرُ في جِسْمي نَوَائِبُهُ | فما اهتمامي إذا أودى بسربالي |
نَغتَرّ بالحِفْظِ مِنهُ، وَهوَ يَختُلُنا | كمَا يَغُرّ ذُبُولُ الجَمْرَة الصّالي |
مَضَى الذي كُنتُ في الأيّامِ آمُلُهُ | من الرجال فيا بعداً لآمالي |
قد كان شغلي من الدنيا فمذ فرغت | منه يدي زاد طول الوجد إشغالي |
تركته لذيول الريح مدرجة | وَرُحْتُ أسْحَبُ عَنْهُ فَضْلَ أذيالي |
كأنّني لم أدَعْ في الأرْضِ، يوْمَ ثوَى | مُوَدِّعاً، شَطْرَ أعضَائي وَأوْصَالي |
ما باليَ اليوم لم ألحق به كمداً | أو أنزع الصبر والسلوان من بالي |
عَوَاطِفُ الهَمّ ما تَنفَكُّ تُرْجِعُ لي | مِن ذاهِبٍ وَجديدِ الوَجْدِ من بَالِ |
ما شئت من والد يودي ومن ولد | يمضى الزمان بآسادي وأشبالي |
بالمال طوراً وبالأهلين آونة | مَا أضْيَعَ المَرْءَ بَعْدَ الأهْلِ وَالمَالِ |
اليحُ منه رويداً أو على عجل | لو كان ينفع أروادي وأعجالي |
مَا أعجَبَ الدّهرَ، وَالأيّامُ دائِبَة ٌ | تَسعَى عَلى عَمَدٍ نَحوِي وَتَسعى لي |
نُحِبُّهَا، وَعَلى رُغْمٍ نُوَدّعُهَا | إلى المنون وداع الصارم القالي |
كم أنزل الدهر من علياء شاعقة | وشال من قعر نأي الغور منهال |
وكم هوى بعظيم في عشيرته | مِطْعَامِ أنْدِيَة ٍ طَعّانِ أبْطَالِ |
عَالٍ عَلى نَظَرِ الأعداءِ يَلحَظُهُمْ | لواحظ الصقر فوق المربأ العالي |
لئن ترامت بك الأعواد معجلة | عن الديار إلى مزورة الخالي |
فليس حيّ من الدنيا على ثقة | وَالدّهْرُ أعوَجُ لا يَبقَى عَلى حَالِ |
فلا يسرّك إكثاري ولا جدتي | ولا يغمّك اقتاري وإقلالي |
أرى يقين المنى شكاً فأرفضه | مَا أشْبَهَ المَاءَ في عَيْنيّ بِالآلِ |
قُبّحْتِ، يا دارُ، مِنْ دارٍ نُغَرُّبها | فأنت أغدر مظعان ومحلال |