عنوان الفتوى : اليمين الغموس: حكمها وكفارتها

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

ما حكم من حلف كذبا متعمدا ؟ وهل لذلك كفارة ؟ وهل يختلف الأمر إذا ترتب على هذا الحلف إضرار بالآخرين؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
فإنه يَجب على كل حالِفٍ أن يَتحرَّى الصدْق عند حلِفه حتى لا يَقع في مُحرَّم ، لأن تعمد الكذب في الحلف من الكبائر ، ويسمى (اليمين الغموس) التي تَغمِس صاحبها في الإثْم ، ثم في النار إن لم يتب منها .
فإذا حلَف أحد كذِبًا وترتَّبَ على حلفه ضيَاعُ أموال على أصحابها، أو أي إضرار بالآخرين؛ فإنَّه آثم تجب عليه التوبة مع رد الحقوق إلى أصحابها، أو تعويضهم عما أصابهم من ضرر، أو طلب السماح منهم ، ولكن لا كفَّارَةَ فيها ؛ سوى التوْبة والاستغفار وعدم العودة لمثل ذلك، لعلَّ الله أن يَتقبَّل منه ذلك .

يقول الدكتور نصر فريد واصل، مفتي مصر:

اليَمينُ هو الحلِف أو القسَم، وفي الحديث الشريف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يَمِينُك على ما يُصدِّقُكَ صاحبُكَ”. أي يجب أن تَحلف له على ما يُصدِّقك به إذا حلفتَ، ثم إن الحالف إذا حلف كاذبًا وترتَّب عليه ضيَاع أموال على أصحابها، أو إخفاء حقائقَ يجب أن تُعلم ، فإنما يكون حلِفه هذا من قَبيل اليمينِ الغَموس، وهي التي تَغمس صاحبها في الإثْم ثم في النار .

ولا كفَّارة في اليمين الغموس ؛ لأنها كبيرة مَحْضة، فقد رَوى مسلم والترمذيُّ عن وائل بن حُجر: جاء رجل مِن حَضْرَمَوتَ ورجل من كِنْدةَ إلى النبيِّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ فقال الحضرميُّ: يا رسول الله ، إن هذا قد غلَبني على أرضٍ كانت لأبي ، قال الكنديُّ: هي أرضي في يدي أزرعُها، ليس له فيها حقٌّ ، فقال النبيُّ ـ صلى الله عليه وسلم ـ للحَضرميِّ: “ألَكَ بيِّنَة ؟ ” قال: لا ، قال : ” فلَكَ يَمينُه ” فقال: يا رسول الله الرجل فاجِر لا يُبالي على ما حلَف عليه، وليس يَتورَّع من شيء! قال: “ليس لك منه إلا ذلك” فانطلقَ لِيَحْلِفَ، فقال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ لمَّا أصرَّ الرجل: “أمَا لَئِنْ حلَفَ على مالٍ ليَأكلَه ظُلْمًا لَيَلْقَيَنَّ اللهَ وهو عنه مُعرِضٌ “.

فيَجب على كلِّ حالِف أن يَتحرَّى الصدْق عند حلِفه حتى لا يَقع في مُحرَّم، ولقوله تعالى: (يا أيُّها الذينَ آمنوا لا تَأْكُلوا أموالَكم بيْنَكم بالباطل) (النساء: 29) .

واليَمين الغَمُوس ليس له كفَّارةٌ سوى العمل على ردِّ الحُقوق إلى أصحابها، والتوْبة والندم على ذلك، وكثْرة الصدَقات وعدم العودة إلى مثل ذلك مُستقبلًا .
ومما ذُكِرَ يُعلَمُ الجواب عمَّا جاء بالسؤال .
والله سبحانه وتعالى أعلم.