عنوان الفتوى : سعوا في إقالة مديرهم الذي يهينهم ويعاملهم معاملة سيئة : فهل يعدّ ذلك ظلما له ؟

مدة قراءة السؤال : دقيقة واحدة

أنا موظف في شركة نفطية ، وكان يوجد عندنا مدير في السابق ، ولكنه عصبي جدا ، ويصعب التفاهم معه ، ويهيننا لأتفه الأسباب ويدخل الأمور الشخصية في العمل ، فقرر زملائي كلهم أن نقوم بكتابة ورقة للشركة شارحين فيها ما يتعلق بهذا المدير ، ومطالبين بتنحيته ، وقد قمنا جميعا بالتوقيع علي هذه الورقة ، وقام زملائي باختياري أنا وشخص آخر للإشراف علي القسم بدلا منه ، وهذا ما تم بالفعل ، فهل نحن ظالمون لهذا المدير؟

مدة قراءة الإجابة : 4 دقائق


الحمد لله
الواجب على من تقلد منصبا أو تولى ولاية أن يتقي الله فيمن تولى عليهم ، وأن يعاملهم بالحسنى ، ويرفق بهم ، ولا يشدد عليهم .
روى مسلم (1828) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ شِمَاسَةَ ، قَالَ : " أَتَيْتُ عَائِشَةَ أَسْأَلُهَا عَنْ شَيْءٍ ، فَقَالَتْ: مِمَّنْ أَنْتَ ؟ فَقُلْتُ: رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ ، فَقَالَتْ: كَيْفَ كَانَ صَاحِبُكُمْ لَكُمْ فِي غَزَاتِكُمْ هَذِهِ ؟ ، فَقَالَ: مَا نَقَمْنَا مِنْهُ شَيْئًا، إِنْ كَانَ لَيَمُوتُ لِلرَّجُلِ مِنَّا الْبَعِيرُ فَيُعْطِيهِ الْبَعِيرَ، وَالْعَبْدُ فَيُعْطِيهِ الْعَبْدَ، وَيَحْتَاجُ إِلَى النَّفَقَةِ ، فَيُعْطِيهِ النَّفَقَةَ ، فَقَالَتْ: أَمَا إِنَّهُ لَا يَمْنَعُنِي الَّذِي فَعَلَ فِي مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ أَخِي أَنْ أُخْبِرَكَ مَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ فِي بَيْتِي هَذَا: ( اللهُمَّ، مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَشَقَّ عَلَيْهِمْ ، فَاشْقُقْ عَلَيْهِ ، وَمَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ أُمَّتِي شَيْئًا فَرَفَقَ بِهِمْ ، فَارْفُقْ بِهِ )
قال المناوي رحمه الله :
" (اللهم من ولى من أمر أمتي شيئا) من الولاية كخلافة ، وسلطنة ، وقضاء ، وإمارة ، ونظارة ، ووصاية ، وغير ذلك ؛ نكرة ، مبالغة في الشيوع ، وإرادة للتعميم (فشق عليهم) أي حملهم على ما يشق عليهم ، أو أوصل المشقة إليهم بقول أو فعل ، ( فاشقق عليه) أي أوقعه في المشقة ، جزاء وفاقا ( ومن ولى من أمر أمتي شيئا فرفق بهم) ، أي عاملهم باللين والإحسان والشفقة ( فارفق به) ، أي افعل به ما فيه الرفق له ، مجازاة له بمثل فعله .. " انتهى من " فيض القدير" (2/ 106) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" وهذا دعاء من النبي صلى الله عليه وسلم على من تولى أمور المسلمين الخاصة والعامة ؛ حتى الإنسان يتولى أمر بيته ، وحتى مدير المدرسة يتولى أمر المدرسة ، وحتى المدرس يتولى أمر الفصل ، وحتى الإمام يتولى أمر المسجد.
ولهذا قال: (من ولي من أمر أمتي شيئاً) ، (وشيئاً) نكرة في سياق الشرط ، وقد ذكر علماء الأصول أن النكرة في سياق الشرط تفيد العموم ؛ أي شيء يكون " .
انتهى من " شرح رياض الصالحين" (3/ 633) .

فإذا كان المدير السابق بالوصف الذي ذكرتم ، وكنتم قد صدقتم عليه ، ولم تتهموه بما ليس فيه ؛ فلا حرج عليكم في شكايته ، والسعي في رفع ضرره وإذايته عنكم وعن زملائكم ؛ فإن الضرر يزال ، ولم يأمر الشرع بإقرار المشقة والأذى على الناس ؛ والله مطلع عليكم رقيب ، عليم خبير ، يعلم المفسد من المصلح .

والله تعالى أعلم .

أسئلة متعلقة أخري
لا يوجود محتوي حاليا مرتبط مع هذا المحتوي...