عنوان الفتوى : حكم الاقتراض بالربا لمساعدة الأخ العاجز عن تكاليف الزواج

مدة قراءة السؤال : 4 دقائق

إخوتي الأفاضل، أريد من فضيلتكم حلا وجزاكم الله كل خير: أنا أعيش بأسرة مترابطة جدا ـ والحمد لله ـ وهذه الأسرة بسيطة ومتواضعة، قام إخوتي وأبي بتعليم أخي الأخير حتى حصل على الدكتوراه مع التخصص، وتطلب ذلك سنوات طويلة وأيضا مالا كثيرا، وقد عاد أخي من الخارج سنة 1994 وهو حامل لشهادة الكل يعتز بها على أمل أن يحصل على وظيفة في بلدنا، ولكن للأسف من ذلك الوقت حتى اليوم لم يحصل على وظيفة، فنحن في بلد يعتمد المواطن على وظيفة حكومية فهي المستقبل والاستقرار، وأيضا يعتمد المواطن على الواسطة والمحسوبيات ونحن لا نعرف أحدا ودائما متوكلين على الله في كل شيء، قام أخي بفتح عيادة والعمل بها، وبكل صراحة العيادة لا تلبي جميع المستلزمات فهي لا تكاد تقوم بدفع إيجار العيادة ومصروف أخي اليومي ، وها هي السنين تمر وتمر وأصبح عمر أخي 39 سنة وهو أعزب ولا يوفر مالا ليكي يتزوج وأبي كبير في السن ولا يعمل، وإخوتي الاثنان متزوجان وهما يعيلان أسرهما التي يبلغ عدد كل أسرة منهما سبعة أشخاص ولا يستطيعون تزويجه ومع هذا فهم يحاولون أن يقدموا ما يستطيعون، ولكن للأسف الزواج يحتاج مستلزمات كثيرة وما باليد حيلة، وأبي وأمي أصبحا كبيرين في السن ويريدان أن يطمئنا ويفرحا به قبل مجئ المنية، وأخي إذا بقي يعتمد على قوته من العيادة فلن يتزوج أبدا لأن الدخل قليل جدا، فلجأ أخي إلى البنك الإسلامي لعله يأخذ قرضا منه، ولكن للأسف البنك الإسلامي لا يقرض المواطنين مالا نقدا بل يقوم بشراء أرض أو شقة ...الخ ويسجل باسمه حتى ينهي العميل القسط فيتنازل عن العقار أو ..الخ وأخي بكل صراحة بحاجة إلى مال نقدا وليس عقارا وأنتم تعرفون مستلزمات الزواج يحتاج مالا لا فقط شقة أو عفش ، فاسودت الدنيا في وجه أخي فقد تقدم بطلب للعمل في دول الخليح ومع هذا لم يأته القبول حتى اليوم فنحن جدا يائسون ولم نعرف كيف نساعده، أنا موظفة وراتبي ينزل في البنك العربي، وخوفا من الحرام أقوم بسحبه أول ما ينزل ولا أبقي في حسابي فلسا، فأنا أفكر جديا أن أخذ قرضا باسمي من البنك العربي وأعطيه لأخي كي يتزوج، ونقوم نحن كل العائلة بمساعدته في سداد القرض لأنه لا يوجد وسيلة ثانية وأخي كبر وملامح وجهه بدأت أعراض الكبر تظهر عليه. فهل هذا حرام شرعا؟ وإذا كان حراما شرعا فما هو الحل؟ أرشدوني بربكم فأنا حزينة على وضع أخي جدا وأحس بضيق واكتئاب وكذلك أبي وأمي وإخوتي، حتى الأقارب والأصدقاء لا يصدقون أننا لا نملك مالا لكي نزوجه، فدائما يلوموننا ويحاسبوننا فأخي أصبح عصبيا وحساسا جدا ولا يريد أحد أن يفتح الموضوع أمامه نهائيا وهذه المشكلة انعكست علينا كلنا في البيت. فما هو الحل برأيكم أرجو الإجابة بأسرع وقت ممكن؟ وأريد أيضا أن تكون الإجابة واضحة حتى أستطيع فهم الحكم الشرعي في هذه الحالة ولكم مني جزيل الشكر والعرفان وبارك الله فيكم.

مدة قراءة الإجابة : 3 دقائق

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا شك أن حزنك لحال أخيك ورغبتك في إعانته أمرٌ محمودٌ شرعاً، نسأل الله أن يجزيك عليه خيرا، ولكن لا يجوز لك مساعدته بأمر محرم، وحرمة الاقتراض بالربا ثابتة بالكتاب والسنة وإجماع العلماء، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله، ولا يجوز الإقدام على هذه الكبيرة إلا في حالة الضرورة، وحد الضرورة هو ما يغلب على الظن وقوع المرء بسببه في الهلكة، أو أن تلحقه بسببه مشقة لا تحتمل، أو لا يتمكن المرء معها من تحقيق الحد الأدنى من حياة الفقراء، و ما ذكرت من حال أخيك لا يبيح لأحدكما الاقتراض بالربا، وراجعي لمزيد بيان الفتاوى الآتية أرقامها: 25124، 30242، 74299، 104923، 116347.

والذي ننصحكم به هو التوكل على الله تعالى وأن تتقوه سبحانه ما استطعتم، ثم عليكم ببذل الأسباب المشروعة لتحصيل النفقات الضرورية للزواج والاقتصار على الأمور المهمة والنفقات اللازمة لذلك، ويمكنك الاطلاع على نصائح لمن ضاق عليه الرزق في الفتوى رقم: 7768. وإن عجزتم بعد ذلك عن تزويج أخيكم فعليكم بالصبر الجميل ففيه الأجر الجزيل، ففي صحيح مسلم عن صُهَيْبٍ قال: قال رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إلا لِلْمُؤْمِنِ إن أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا له وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا له.

ومما يعينكم على الصبر أن تنظروا إلى من هو دونكم في الدنيا ممن لا يجد الكثير من ضروريات الحياة ويعاني من الجوع ولا يجد مأوىً، ففي الصحيحين عن أبي هُرَيْرَةَ عن رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال: إذا نَظَرَ أحدكم إلى من فُضِّلَ عليه في الْمَالِ وَالْخَلْقِ فَلْيَنْظُرْ إلى من هو أَسْفَلَ منه. وفي رواية لمسلم: انْظُرُوا إلى من أَسْفَلَ مِنْكُمْ ولا تَنْظُرُوا إلى من هو فَوْقَكُمْ فَهُوَ أَجْدَرُ أَنْ لَا تَزْدَرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ.

وننصحك بمراسلة قسم الاستشارات بموقعنا، ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوالكم وأن يغنيكم من فضله العظيم.

والله أعلم.