عنوان الفتوى : هجر أولاده فلما مات أحدهم استأثر بديته
أرجوكم إفادتي في شخص هجر زوجته وأولاده بالسنين ولم ينفق أبدا على أحد أبنائه و عندما بلغ هذا الولد مبلغ الرجال تم اغتياله غدرا وكانت الأم التي ربت هذا الولد تريد أن تعفو عن الجاني لوجه الله إلا أن هذا الوالد الظالم ذهب و اتفق مع أهل القاتل علي مبلغ كبير اشتري منه منزلا لزوجته الثانية وعمل على تزويج أولاده من هذه الزوجة بدون أن يتشاور مع أم المقتول فما رأي الدين في هذا الامر خصوصا أن هذا الموضوع هز أسرة المقتول لدرجة أن والدته أصيبت بكثير من الأمراض كما أن إخوته أشقاءه صاروا شديدي البغض لوالدهم ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقبل الجواب عما سألت عنه، نريد أولا أن ننبهك إلى أن الأب يجب له البر والإحسان من أولاده ولو كان كافرا، وأحرى إذا كان مسلما عاصيا بسبب أنه لم يؤد ما عليه من الحقوق تجاه أبنائه. فقد قال تعالى في الوالدين الكافرين: وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون[لقمان:15].
وفيما يخص موضوع سؤالك، فإن قاتل الولد المذكور مستحق لأن يقتل قصاصا، إلا أن يرضى أولياؤه بالدية فإنها تكون لهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من قتل له قتيل فهو بخير النظرين: إما أن يقتل وإما أن يفدي. متفق عليه.
وما ذكرته عن الأب المذكور من كونه قد هجر زوجته وأولاده سنين ولم ينفق عليهم، فإنه يعتبر خطأ كبيرا منه، ولكنه لا يسقط حقه في الدم إذا قتل أحد أبنائه.
ومن ذلك تعلمين أن الأب موضوع السؤال ليس مخطئا فيما فعله من الصلح مع أهل القاتل على مبلغ من المال، وإنما الخطأ هو فيما إذا كان قد أخذ المال كله ولم يعط للأم منه شيئا؛ لأن دية القاتل تقسم على فرائض التركة، ويكون للأم السدس وباقيها للأب إذا لم يكن للمقتول زوجة أو أولاد.
والله أعلم.