أرشيف الاستشارات

عنوان الاستشارة : توجيهات لمصاب بالخوف من الموت لرؤيا بعد وفاة زوجته

مدة قراءة السؤال : دقيقتان

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
توفيت زوجتي أمام عيني بعد أن عانت من المرض مدة سنة، وخلفت طفلين: الأصغر كان قد أصيب بمرض مزمن منذ ولادته، وقد قرر الأطباء أنه لابد من زرع النخاع العظمي، وهذا النوع من العلاج غير متوافر في بلادنا، فقمنا بطرق بعض الأبواب ويسر الله لنا الذهاب إلى فرنسا لكن دون زوجتي، فقد كانت فارقت الحياة قبل شهر واحد، سافرنا وقد تركت والدي طريح الفراش بين الموت والحياة، الأطباء قدروا الوقت اللازم بـ (7) أشهر على الأقل مع احتمال وفاة طفلي، مرت (6) أشهر والحمد لله طفلي الآن في تحسن.

مشكلتي وهي: بعد أن بدأت بوادر الشفاء بدأت أفكر في زوجتي كثيراً وبطريقة وفاتها، وذات يوم بدأت أتفكر في الموت بطريقةٍ إيجابية، وفي تلك الليلة رأيت حلماً قمت منه مفزوعاً خائفاً من الموت خوفاً ما رأيت مثله أبداً، برودة في الأطراف، رعشة شديدة، ودخول إلى دورة المياه أكثر من مرة، ثم بعد ذلك لازمني ذلك الخوف مع غم وهم شديد.

سؤالي هو: ما تفسيركم لهذه الحالة؟ وما العلاج منها؟

وجزاكم الله خيراً، كما أطلب من كل من قرأ رسالتي أن يدعو الله لي أن يملأ قلبي حباً له حباً يدفع الله به هذا البلاء ويجعلنا نحب لقاءه سبحانه.

مدة قراءة الإجابة : 6 دقائق

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Fayçal حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله لزوجتك الرحمة والمغفرة ولك الصبر وحسن العزاء.

ما ذكرته في رسالتك هو تعبيرٌ عما يحدث في حالة الأحزان المتعلقة بفقد عزيز، وهنالك مراحل للحزن معروفة في الصحة النفسية، وهذه المراحل تنقسم إلى مرحلة النكران وعدم التصديق، وهذه ربما تستمر ساعاتٍ أو أياماً، تأتي بعدها مرحلة التعبير عن الفقد، وهذه هي مرحلة الحزن الحقيقية، ثم تأتي بعد ذلك مرحلة القبول والتكيف والتواؤم ومسايرة الحياة في غياب الفقيد.

هذه الفترة بمراحلها الثلاث تستغرق حوالي ستة أشهر حينما يكون الحزن على الفقيد من النوع العادي، ولكن هنالك تفاعلات غير عادية، فقد تكون فترة الأحزان أطول، وقد تكون فترة الأحزان لم يعبر عنها من الوهلة الأولى، وربما تتأخر وتظهر بعد مدةٍ طويلة، أو يكون الحزن من النوع العميق المكدر والمعطل للحياة، وهنالك أيضاً من قد تنتابه أفكار وتصرفات غير طبيعية فربما يحدث نوع من الهلاوس السماعية لبعض الأشخاص؛ حيث إنه يسمع صوت الفقيد بالرغم من قناعته بأنه ميت وهكذا، وهنالك تفاعلات أخرى، منها ظهور الأحلام، وأنت بالطبع الذي حدث لك هو في هذا السياق، والتعبير عن الأحزان ربما يكون واضحاً وصريحاً أو ربما يكون بصورة غير مباشرة، ومنها التعبير عن طريق الأحلام، وأنا أقول لك يا أخي: إن هذا الأمر خيرٌ إن شاء الله؛ لأن الحلم مهما كان فهو يعتبر نوعاً من التفريغ النفسي غير المباشر، والخوف من الموت هو أمر طبيعي لدى الكثير من الناس، والحمد لله يا أخي فأنت على علم واستبصار وعلى قناعة كاملة، وكما أرى أنك على درجة من التوكل واليقين بفضل الله، وأنت تعرف جيداً حقيقة الموت وحقيقة الحياة وأن الأمر كله بيد الله تعالى، وأن الآجال هي بيد الله تعالى، وهنالك حقيقة أيضاً وهي أن الإنسان دائماً يخاف من مصادر خوفه ويبتعد عنها، أما الخوف من الله تعالى فعلى عكس ذلك؛ فهو يقرّب الإنسان إلى الله، وبما أن الموت والحياة هي بيد الله تعالى فعلى الإنسان أن يؤمن بهذه الحقائق ويستعد لها، ويجعل قناعاته بحقيقة الموت وأبدية الموت مقبولة، وحين يقبل الإنسان هذه الحقيقة سوف تخف المخاوف لديه.

أنا أعرف تماماً يا أخي أن شخصيتك ليست ضعيفة، وأن إيمانك ليس بالقليل، ولكن الذي أقوله لك هو من باب الذكرى.

أيها الأخ الفاضل! إذا قسنا الأمور بالمقاييس النفسية البحتة فالإنسان حين يفكر بالموت يجب أن يفكر أيضاً بالحياة، وعلى الإنسان أن يستفيد من حياته ويعمل لآخرته، ولا ينس نصيبه من الدنيا، هذا يا أخي هو المبدأ الذي يجب أن ننتهجه والذي يجب أن نتبعه.

عموماً: الحلم هو تعبيرٌ داخلي نفسي وجداني، هذا الحلم تحول بعد ذلك إلى نوع من الرهاب النفسي وهذا أيضاً متوقع في مثل هذه الحالات، وأسأل الله ألا تتكرر لك هذه الحالة مرةً أخرى.

نصيحتي لك هي ألا تتجنب الذكريات التي كانت تربطك بزوجتك؛ لأن التعبير عنها وعدم تجنبها أيضاً يؤدي إلى راحة نفسية في نهاية الأمر، ويقلل من هذه المخاوف، نسأل الله أن يرحم زوجتك.

أخي الكريم! أنا لا أرى أنك في حاجة لعلاج دوائي، ولكن إذا كانت هذه الأعراض فوق التحمل؛ فكما نعرف أن النفس البشرية قد لا تتحمل كل أمر خاصة إذا اشتد الكرب والحزن، ففي هذه الحالة لا مانع أن تتناول أحد الأدوية المضادة للاكتئاب والمضادة للرهاب والخوف، وسيكون الدواء الأفضل هو العقار الذي يُعرف باسم سبراليكس، والجرعة التي تتطلبها حالتك هي من الجرعات الصغيرة وهي (10) مليجرام ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، وهذا هو من الأدوية السليمة والفعالة جداً.

الحمد لله تعالى أن ابنك قد بدأ بالتحسن، ونسأل الله له الشفاء والعافية، وأنت على إدراك كامل أن المسئولية عليك عظيمة، وإن شاء الله أنت أهل لذلك، وهذا في حد ذاته يجب أن يكون محفزاً إيجابياً بالنسبة لك، وعليك يا أخي أيضاً أن تستأنس بصحبة الإخوة المسلمين في فرنسا، والحمد لله أن المسلمين هنالك كُثُر، وأنا أعرف أن هناك ترابطاً كبيراً جداً بين المسلمين، وعليه يا أخي سوف تجد إن شاء الله الدعم الكامل منهم، فعليك أن تستعين بجماعة المسلمين، ولا مانع مطلقاً أن تتحدث مع إمام المسجد عن مشاعرك عن الموت وعن فلسفة الموت وفلسفة الحياة، وأنا على قناعة كاملة أن مثل هذه النقاشات ستكون ذات عائد إيجابي جداً على صحتك النفسية؛ لأن فيها نوعاً من التفريغ النفسي وفي ذات الوقت فيها الكثير من التدعيم من قبل الإخوة الآخرين.

أخيراً: أسأل الله تعالى لابنك الشفاء، وأسأل الله لك أن يثبتك، وأن تكون من الصابرين، وأسأل الله أن يبارك في عمرك وفي رزقك وفي ولدك، وكل عام وأنتم بخير.
والله الموفق.
----------------------------------
ولمزيد من الفائدة يرجى التكرم بالاطلاع على الاستشارات التالية والتي تتناول علاج الخوف من الموت بالطرق الشرعية: ( 261797 - 263659 - 263760 - 272262 - 269199 ).



أسئلة متعلقة أخري شوهد التاريخ
وسواس الموت سبب لي العديد من الأمراض، فكيف أتخلص منه؟ 2871 الثلاثاء 21-07-2020 03:16 صـ
الخوف من الموت، كيف أتخلص منه؟ 2796 الأحد 19-07-2020 07:11 صـ
كرهت حياتي والناس كرهوني بسبب تبلد مشاعري.. أريد حلا 1107 الخميس 16-07-2020 02:42 صـ
فكرة الموت وذكريات طفولتي لا تفارقني، أرجو المساعدة. 2133 الثلاثاء 14-07-2020 02:54 صـ
أشعر بعدة أعراض ولا أعرف هل هي نفسية أم جسدية أو روحية؟ 1584 الأربعاء 15-07-2020 03:36 صـ