أرشيف المقالات

حصِّـنوا مصر بالعدل لا بالجدار

مدة قراءة المادة : 18 دقائق .


بالعدل تشتد قلوب الرعية، وتعيش في طمأنينة وسلام، وتحيا صادقة الإخلاص، كاملة الولاء للعقيدة والأرض والراعي، وتسترخص الفداء والتضحية بالنفس، وبكل غال ونفيس.

ومما يرويه التاريخ بفخر واعتزاز أن خامس الخلفاء الراشدين عمر بن عبدالعزيز (63 - 101هـ) كتب إليه أحد عماله (ولاته) يطلب منه أن يُقطعه مالا (أي يحدد له ميزانية) لترميم المدينة التي يتولي أمرها، ويبني حولها سورا يحصّنها به.
فكتب إليه الخليفة عمر بن عبدالعزيز ردّا يقول فيه "...بل حصّنها بالعدل، ورمّمها بتنقية طرقها من الظلم..".

ولم يبالغ عمر رضي الله عنه؛ فالسور الحجري سرعان ما ينهار تحت أقدام الأعداء إذا كانت الأمة مظلومة مرعوشة الكيان، لا تستشعر الولاء للوطن بسبب ظلم حكامها، أما (السور البشري) من مواطنين يعيشون العدل، بكينونة قوية شامخة فهو الأقوي، والأثبت، الذي لا يسقط ولا يهون.


ومن الحقائق التاريخية أن الجدر والأسوار لم تحْمِ شعبا، ولم تسجل نصرا، وهذا يقتضي منا أن نلقي إضاءة سريعة على الأسوار والجدران المشتهرة في التاريخ:

فقد سقطت كل حصون اليهود وأسوارهم في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين وخصوصا حصون (قبيلة خيبر) أعتى وأقوى التجمعات اليهودية، فحصون هؤلاء: بني قينقاع، وبني النضير، وبني قريظة، وخيبر...
كلها سقطت لأن من أقاموها كانوا كافرين بالقيم العليا، ومعتمدين على البغي والعدوانية، وقد أشار القرآن إلى هذه الصورة في قوله: {لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ .
لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ}
[سورة الحشر: 13ــ 14].

وصدق خليل مطران حينما وجه كلامه لملك أراد أن يبني جدارا عاليا يحمي مملكته:

خدعتك كاذبة المنى بوعودهــــا *** والحر يُخدَع والأماني تَكــذِب
وإذا نظرت إلى الحقيقة صادقــا *** فالذكر ليس يعيد عمرا يذهـب
أما الجدار فلو رفعت بنـــــــاءه *** حتى استقر على ذُراه الكوكب

ولو الجبال جعلن بعض حجاره *** ولُحِمْن حتى الماءُ لا يتسـرب
فليحدثن الناس ما هو فوقـــــــه *** عظما وإتقانا وما هو أغــرب
ولتُصنعنَّ نواسف تُثفى الربــى *** بدخانها منثورة تتلهـــــــــــب

ومن حقنا وحق كل مواطن مصري أن يطرح على حكام مصر المطحونة الأسئلة الآتية:

1 ـ لماذا قام العمل في الجدار المصري في كتمان شديد، ولم يعلن عنه إلا بعد أن كتبت عنه بتفصيل الصحف الإسرائيلية، ووكالات الأنباء العالمية؟!!

2 ـ إذا كان هذا الجدار ضرورة لحماية حدود مصر...
فلماذا تأخرت إقامته مع أنه لم يجد جديد في ساحة السياسة؟!!...
ألا يعد هذا ــ بمنطق حكامنا ــ تفريطا في أرضنا المصرية؟!!

3 ـ أين صنعت هذه الصفائح الفولاذية الجبارة التي لا تؤثر فيها الألغام والقنابل كما ذكر الخبراء المختصون؟

إن الواقع الأليم يقطع بأن "خامات" هذا الجدار مصنوعة في الخارج، وهناك شبه إجماع على أنها مصنوعة في الولايات المتحدة.


4 ـ وتكاليف هذا الجدار الجبار الذي يعد أضخم وأقوى جدار في التاريخ...
هذه التكاليف من يتكفل بها؟

إن قلتم: إنها الولايات المتحدة، ومعها إسرائيل ــ أو بدون إسرائيل ــ هي التي ستتحمل كل التكاليف...
إن صح هذا كان دليلا قاطعا على تبعية حكامنا واستسلامهم للسياسة الأمريكية.

وإن قلتم إن الخزانة المصرية هي التي تتكفل بكل هذه التكاليف...
كان معنى هذا إهدارا للثروة القومية يصل إلى حد الخيانة، لأن هذا التبذير يرتكب في وقت يعيش فيه الشعب المصري تحت خط الفقر...
يعيش حياة لا تليق ببشر، يعيش مشكلات في الطعام...
والشراب...
والسكن... والمرافق...
والصحة...
والتعليم.
هذا الشعب الذي كان يمد الشعوب المجاورة بالمعونات، هذا الشعب الذي كانت جيوش العالم تأكل من خيراته في الحرب العالمية الثانية.


5 ـ ولماذا يا حكامنا الأشاوس لم تفتحوا آذانكم للرأي العالمي ــ وخصوصا الخبراء ــ بتجريم إقامة هذا الجدار؟

6 ـ ولماذا لا تتذكرون مقولة قائد إسرائيلي كبير "إن إسرائيل -إذا ألحت الضرورة- قد تلجأ إلى نسف السد العالي بصواريخ خفية، مما يترتب عليه إغراق مصر كلها"؟

إن أحد نشامى الحكم المصري حينما سئل عن رأيه فيما قاله هذا الكبير الصهيوني أجاب بقوله: "لقد كذب هذا الدعيّ؛ فإن مصر قادرة على أن تحمي كل شبر من حدودها".

وواضح أنها إجابة هروبية؛ لأنها لا تصلح أن تكون إجابة على السؤال المطروح.


7 ـ ولماذا لم تقرؤوا، أو تفتحوا آذانكم لتصريح باراك الذي قال فيه: "إن إسرائيل قد تضطر إلى القضاء على حماس في غزة العام القادم أو الذي يليه"؟

وطبعا ستكون مذبحة لأهالي غزة جميعا ؛ لأنهم محصورون بين جدارين ظالمين : الجدار الإسرائيلي والجدار المصري .

8 ـ ولماذا ينسى حكامنا ما صرح به يعض القادة الإسرائيليين ــ من عدة سنوات ـ من أنهم تخلوا عن سيناء باختيارهم؛ لأنهم في حاجة إلى قوة بشرية، وعندما يتوفر عند إسرائيل من القوة البشرية قرابة ثلاثة ملايين إسرائيلي...
ستضطر إسرائيل إلى استعادة سيناء وضمها إلى إسرائيل الأم؟

وأذكر أن عمدة "بير سبع" الإسرائيلي -بعد كامب ديفيد في حفل احتفاء بالسادات- خطب بالعربية الفصحى قائلا: "ولتعلم يا سيادة الرئيس أننا بهذه الاتفاقية قد منحناكم أرضا مساحتها ثلاثة أمثال مساحة إسرائيل".


**********

عن الجدران والأسوار

ولنلق نظرة على ما عرفه العالم من من جدران وأسوار؛ لنرى إلى أي حد حققت الأهداف التي أقيمت من أجلها:

1 ـ خط ماجينو:

بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى وانتصار فرنسا عام 1918، بدأت الدراسات حول ما يجنب فرنسا أي عدوان مرتقب، خصوصا على الحدود الشمالية الشرقية مع ألمانيا، في منطقتي الألزاس Alsace واللورين Lorraine.
وبعد دراسة الإستراتيجية الألمانية التي تبنت نظرية الحرب الخاطفة اتخذت فرنسا إستراتيجية دفاعية، اعتمدت على بناء خط من التحصينات القوية المستديمة "خط ماجينو".
ليكون قادراً على وقف تقدم القوات الألمانية المهاجمة، ما يسهل قيام القوات الفرنسية المدافعة بتوجيه ضربات مضادة إليها وسحقها.

فشل خط ماجينو في حماية فرنسا من الغزو الألماني في الحرب العالمية الثانية؛ إذ أن الخطة الألمانية لاجتياح فرنسا عام 1940 أخذت بالحسبان وجود هذا الخط؛ حيث وضع الألمان قوة شكلية في مقابل الخط لخداع الفرنسيين، بينما اندفعت قوات الألمان عبر (هولندا وبلجيكا) وعبر غابة الأردين الواقعة شمال التحصينات الفرنسية الرئيسية.
وبذلك نجح الألمان في الولوج إلى فرنسا دون الاصطدام بشكل مباشر بخط ماجينو.
ومن هناك قاموا بمهاجمة الخط والسيطرة على فرنسا.

بدأ الهجوم الألماني في 10 مايو، وفي 14 يونيو 1940 كانت العاصمة الفرنسية باريس قد سقطت في أيدي النازيين.
واستمرت المعارك حول الخط حتى تم توقيع الاستسلام من قبل الفرنسيين وأمر الجيش الفرنسي بمغادرة تحصيناته .

**********

2 ــ خط بارليف:

سمي الخط بذلك الاسم نسبة إلى حاييم بارليف القائد العسكري الإسرائيلي، وقد تكلف بناؤه حوالي 500 مليون دولار، ومن سمات خط بارليف ساتر ترابي ذو ارتفاع كبير - من 20 إلى 22 مترا - وانحدار بزاوية 45.

كان خط بارليف وهو أقوى خط دفاعي في التاريخ الحديث يبدأ من قناة السويس وحتى عمق 12 كم داخل شبه جزيرة سيناء على امتداد الضفة الشرقية للقناة.

ضم خط بارليف 22 موقعا دفاعيا، 26 نقطة حصينة، وتم تحصين مبانيها بالأسمنت المسلح والكتل الخرسانية وقضبان السكك الحديدية للوقاية ضد كل أعمال القصف، كما كانت كل نقطة تضم 26 دشمة للرشاشات، 24ملجأ للأفراد بالإضافة إلى مجموعة من الدشم الخاصة بالأسلحة المضادة للدبابات ومرابض للدبابات والهاونات، و 15 نطاقا من الأسلاك الشائكة ومناطق الألغام وكل نقطة حصينة عبارة عن منشأة هندسية معقدة وتتكون من عدة طوابق.

تمكن الجيش المصري في يوم السادس من أكتوبر عام 1973 م من عبور الخط وأفقد العدو توازنه في أقل من ست ساعات.

ومن ثم تم الاستيلاء على أغلب نقاطه الحصينة بخسائر محدودة ومن ال 441 عسكري إسرائيلي قتل 126 وأسر 161.

**********

3 ــ الجدار الإسرائيلي:

بدأت القوات الإسرائيلية في أعمال بناء الجدار الذي تقدر تكاليفه الإجمالية بمليار دولار، يوم الأحد 16-6-2002 بزعم منع تسلل الفلسطينيين منفذي العمليات الفدائية إلى إسرائيل، ويتكون من سور يبلغ ارتفاعه 8 أمتار وطوله 750 كيلومتراً، وهو عبارة عن سلسلة من الخنادق والقنوات العميقة والجدران الإسمنتية المرتفعة والأسلاك الشائكة المكهربة وأجهزة المراقبة.

ويلتف الجدار الفاصل على مسافة حوالي 45 كيلومترا حول القطاع الشمالي من الضفة الغربية، ويسير على امتداد السفوح الشرقية لتلك المنطقة بطريقة تسمح لإسرائيل بالاحتفاظ بالسيطرة على غور الأردن، وبذلك يطوق هذا الجدار الضفة الغربية بأكملها.
كما يمر الجدار على الخط الأخضر من الشمال إلى الجنوب، ويضم القطاع الشرقي من القدس الذي احتلته إسرائيل وضمته في العام 1967 ليفصل بذلك هذا القطاع من المدينة المقدسة -الذي يريد الفلسطينيون أن يجعلوا منه عاصمة لدولتهم المقبلة- عن بقية الضفة الغربية.

**********

4 ـ سور الصين العظيم:

ذكر تاريخ هذا السور أن الجزء المتبقي من السور - الذي بني إبان عهد أسرة مينغ التي حكمت الصين في الفترة من العام 1368 حتى العام 1644- يبلغ طوله وحده 8851 كلم بزيادة قدرها 2551 كلم عما كان معروفا حتى الآن.

وأجزاء السور التي بنيت في عهد أسرة مينغ كان طولها يبلغ 6259.6 كلم، وخنادق بطول 359.7 كلم، وحواجز طبيعية كالجبال والأنهار يبلغ طولها 2232.5 كلم.

ويضم أبوابا وخنادق وحواجز طبيعية كالأنهار والجبال استخدمت لتعزيز غرضه الدفاعي.

وقد حقق السور أهدافه الدفاعية بحماية الصين من إغارات القبائل والجيوش المعادية، كما يعد حاليا موردا مهما من الدخل السياحي؛ بوصفه أطول سور في تاريخ البشرية.

**********

5 ـ حائط برلين

كانوا يسمونه (حائط أو جدار أو سور برلين)، وهو يفصل بين ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية، وأقام عليه حكام ألمانيا الشرقية أبراج الحراسة بامتداد الحائط‏،‏ ثم اتبعوها بوضع الألغام واسلحة إطلاق النار أوتوماتيكيا، ومع ذلك سقط سور برلين العتيد تحت أقدام الزاحفين من الجماهير الهادرة المتطلعة لحياة الحرية والعزة والكرامة، وهوت عليه المعاول الثائرة، لتصنع من بعض أحجاره تماثيل وعرائس ولعبًا للأطفال وطفايات للسجاير، تباع على الأرصفة وفي الحوانيت.
كان ذلك يوم 9 من نوفمبر 1989.ويعتبر هذا اليوم عند الألمان عيدا من أعياد الحرية.

**********

6 ـ الجدار المصري على أنفاس المصريين:

وهو جدار معنوي أقامه حكامنا الأشاوس لحماية عروشهم على حساب حرية الشعب وحاضره ومستقبله، واسمه قانون الطوارئ.

ويعلم الله أنني ما نظرت إلى قانون الطوارئ، وتطبيقاته العملية ـ على مستوى الشعب ـ إلا وقفز إلى ذهني وتصوري شبيه لهذا القانون، وهو الجدار الإسرائيلي.


وهذا الاستدعاء التصوري يرجع إلى ما أراه من وجوه الشبه بين قانون الطوارئ والجدار الذي أقامته إسرائيل لخنق الشعب الفلسطيني.
وأهم هذه الوجوه ما يأتي:

الوجه الأول: الشذوذ:

فكلاهما قام شيطانيًّا "عديم الأصالة": فالأصل ألا يكون هناك مثل هذا الجدار المعرقل الذي يمنع المسيرة الطبيعية للشعب الفلسطيني، سعيًّا إلى أماكن الارتزاق، أو المدارس، أو المستشفيات.

والشذوذ كذلك من أظهر ملامح قانون الطوارئ، فهو خروج خسيس حقير على الأصل الأصيل، وهو حكم الشعب بقوانينه العادية مدنية وجنائية.

وقد نزل بنا قانون الطوارئ ليزيح قوانينا الطبيعية السوية، ويجثم على صدورنا، ويعربد، ويدمر، ويقتل، ويظلم كما شاء حكامنا على مدى ثلاثين عاما.

ألا ما أمرّ الشذوذ، والخروج على مقتضيات الدين، والعقل، والكرامة، والإنسانية.


الوجه الثاني: العدوانية:

فالجدار عدوان حسي على أرض فلسطين، فقد اقتطع الجدار منها مئات الأميال، وهو عدوان معنوي كذلك على حقوق الشعب الفلسطيني، وحقه في حياة آمنة كريمة.

والطوارئ عدوان على حقوق الشعب المصري بحرمانه من المثول أمام قاضيه الطبيعي، وتعرضه للاعتقال العشوائي الغاشم.


الوجه الثالث: الحرص على المدّ:

فقادة إسرائيل لم يقنعوا بما أقاموه من هذا الجدار الأصم الغاشم، ولكنهم كثيرًا ما يلوحون بأنهم ـ حرصًا على أمن إسرائيل ـ مضطرون إلى "مدّ" الجدار إلى مناطق أخرى، وطبعًا الجدار لا يقام إلا على أرض مقتطعة من قرى الفلسطينيين ومزارعهم.


وما زال قانون الطوارئ يمتد ويمتد، والضحية هي شعبنا المطحون.

والحنكة أقوى، وأكثر فعالية من كل "استثنائي" أو "طارئ"، وفي هذا السياق أذكّر رئيس جمهوريتنا بـ "ونستون تشرشل" ـ 1874 ـ 1965م ـ الذي كان رئيسًا للوزارة الإنجليزية طيلة الحرب العالمية الثانية (1939م ـ 1945م)، وحقق على دول المحور أعظم انتصار في تاريخ البريطانيين، بل تاريخ أوروبا كلها على مدار التاريخ.
ورفض ـ يا مبارك ـ أن يعلن الأحكام العرفية لحكم شعبه أثناء الحرب، وقال قولته المشهورة "لا أجمع على شعبنا وطأة الحرب، ووطأة الأحكام العرفية".

وبعد هذا النصر العظيم فشل حزبه ـ حزب المحافظين ـ في الانتخابات العامة (النزيهة طبعًا) سنة 1945م.

ولم يفخر الرجل في الدعاية بما حققه من نصر تاريخي عظيم.
وترك الرجل الوزارة بصورة طبيعية، ولم يخرج إنجليزي واحد هاتفًا "بالروح بالدم نفديك يا تشرشل".


الوجه الرابع: الدلالة:

وخلاصتها: الشعور بالنقص، وانعدام ـ أو اهتزاز ـ الثقة بالنفس، والشعور بالعجز عن المواجهة المباشرة الصريحة.
فالحصون والجدران لازمة من لوازم "المجتمع اليهودي" في مختلف العصور.

وقانون الطوارئ هو الجدار البائس الذي يدل ويقطع بأن الحاكم يخاف شعبه، وأنه عاجز عن مواجهة أصحاب الحقوق بمنطق واع، ولكن من وراء قانون ظالم مستبد، وقوة بوليسية عاتية.


الوجه الخامس: الهادفية:

فأصحاب الجدار والطوارئ يدّعون أن الهدف هو تحقيق الحماية للشعب، فإسرائيل تدعي أن الجدار يحميها من غارات الإرهابيين الفلسطينيين، وتسللهم للقيام بالتخريب والتدمير.

والقيادات العليا في مصر تزعم أن الهدف من قانون الطوارئ "حماية الشعب" من الإرهاب والإرهابيين!!

وعلى هذه الوجوه الخمسة: الشذوذ، والعدوانية، والحرص على المد أو التمديد، والدلالة النفسية، والهادفية التي تتمثل في ادعاء "الحماية" يلتقي الجدار الإسرائيلي بقانون الطوارئ الذي يحكمنا ـ بل يخنقنا من ربع قرن، وفي ظله يعيش الشعب ضائع الحق، مهدر الكرامة، مخلوع القلب، لا يثق في حكامه، ويكاد ولاؤه لوطنه يهتز أو يضيع.

ويبقى الواقع المشهود على مدار التاريخ شاهدا على سقوط الأسوار والجدران العدوانية، والباقي مصيره إلى انهيار وزوال عن قريب، تحت أقدام الشعوب المؤمنة بالله والقيم الإنسانية العليا.

هذا وكل ماذكرته آنفا إنما يمثل مدخلا للموضوع الأساس، وهو: الجدار الفولاذي الغاشم الذي يقيمه حكامنا على الحدود المصرية الفلسطينية.


02-01-2010 م






شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢