أرشيف المقالات

مقدمة الأنوار البهية في المسائل الفقهية

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
الأنوار البهية في المسائل الفقهية

المقدمة:
إن الحمد لله نَحمَده، ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يَهدِه الله فلا مُضلَّ له، ومَن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
 
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].
 
﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ [النساء: 1].
 
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].
 
أما بعد:
فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور مُحدَثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
 
قال الله تعالى: ﴿ يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴾ [المجادلة: 11]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن يُرِد الله به خيرًا، يفقهه في الدين))؛ الصحيحة، للعلم فَضْل كبير، ودور عظيم في حياة الناس، وتهذيب نفوسهم، وتزكية قلوبهم، وتصحيح عقائدهم وأفكارهم، أثنى الله عليه في كتابه، وأكَّد عليه نبيُّه صلى الله عليه وسلم حتى قال: ((طلبُ العلم فريضة على كلِّ مسلم، وإن طالب العلم يستغفر له كلُّ شيء، حتى الحيتان في البحر))، وقال: ((مَن سلك طريقًا يَطلُب فيه علمًا، سلك الله به طريقًا من طرق الجنة، وإن الملائكة لَتضعُ أجنحتها لطالب العلم رضًا بما يصنع، وإن العالم لَيَستغفِرُ له من في السموات ومن في الأرض والحيتان في جوف الماء، وإن فضل العالم على العابد كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يُورِّثوا دينارًا ولا درهمًا؛ إنما ورَّثوا العِلمَ؛ فمن أخذه، أخذ بحظٍّ وافِر))؛ صحيح الجامع، وانطلاقًا من الآية الكريمة والأحاديث السابقة، عزمتُ أمري، وشحنتُ همَّتي لكتابة الفقه، وتناوله بأسلوب سلس سهل، وبشكل موسَّع، إلا أن قَدَر الله تعالى كان غالبًا لإرادتي، وكل شيء بمشيئة الله يجري؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا تَشَاؤُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ ﴾ [التكوير: 29]، وقال: ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ﴾ [يوسف: 21]، حال قَدَرُ الله تعالى بيني وبين ما أريد بتسليط الكفار علينا بذنوبنا ومعاصينا، فجمعوا جيوشَهم، وحشدوا دروعَهم وآلياتهم وكل إمكانياتهم العلميَّة والمادية والمعنوية، وغزَوا العراق واحتلُّوه في عام 2003م، ودمَّروا بلدنا، ونهبوا ثرواتنا وخيراتنا، وعادوا ببلدنا إلى القرون الوسطى، فعانينا ما عانينا، وتَحمَّلنا ما تحملنا، ولم نجد مع الأسف الشديد من الإخوة والأشقاء ما يَسُر خواطرنا، ويُسعِد قلوبنا، وعلى كلِّ حال قضى الله أمرًا كان مفعولاً، ونسأل الله العلي القدير أن يُحرِّر بلدنا من الاحتلال البغيض، وبعد ضياع العمر وذَهاب العزيمة والهمة، عاودت لكتابة ما أريد، ولكني فضَّلت أن أكتبه بشكل مُلخَّص ومُختَصر لكل مسائله؛ ليتماشى مع الوضع الحالي في العالم، ويكون أسهل لمن يروم طلب العلم والعمل به، وحرَصت أن يكون قريبًا من الجميع، وخاصة للبعيدين عن علماء التوحيد، واعتمدت في كتابته على متن "الدُّرر البهية"؛ للإمام الشوكاني، وما كنت قد قيَّدتُه عليه من فوائد علمية ومسائل خلافيَّة، إضافة إلى دفتري الخاص الذي كنتُ أدوِّن فيه المسائل النادرة، والتحقيقات الهادفة، وسمَّيته: (الأنوار البهية في المسائل الفقهية)، وجعلته أجزاء، وحرَصت على ألا يتعدَّى الجزء الواحد منه ثلاث صفحات؛ ليَسهُل على القارئ الكريم مراجعته وفَهْمه، أسأل الله العلي القدير أن ينفع به المسلمين، ويجعله لنا نورًا ونجاة في الدنيا والآخرة.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢