أرشيف المقالات

تعريف التغرير في عقد النكاح

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
تعريف التغرير في عقد النكاح

الفرع الأول: التغرير لغة:
تفيد قواميس اللغة العربية، أنّ غره يغره غروراً، خدعه، وأطمعه بالباطل، وأنا غريرك من هذا، أي أنا الذي غرك منه، أي لم يكن الأمر على ما تحب، والغرور ما غرك من إنسان، وشيطان، والغرور الأباطيل، ويجوز أن يكون الغرور جمع غار مثل شاهد وشهود وقاعد وقعود، والغرور بالضم ما اغتر به من متاع الدنيا، وفي التنزيل العزيز: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ ﴾ فاطر: 5، أي لا تغرنكم الدنيا، فإن كان لكم حظ فيها ينقص من دينكم فلا تؤثروا ذلك الحظ، والغرور الشيطان يغر الناس بالوعد الكاذب والتمنية [1].
 
إذا ثبت هذا: فالتغرير في اللغة يدل على معنى الخداع كملاً.
 
الفرع الثاني: عقد النكاح لغة:
تفيد قواميس اللغة العربية، أن العقد: بفتح العين، الربط بين أطراف الشيء حسياً، يقال: عقدت الحبل، أي ربطت بين طرفيه.
 
ويطلق أيضا على الإحكام - بكسر الهمزة - أي التقوية المعنوية، أو الربط المعنوي فضلاً عن التقوية المادية، يقال تعاقد القوم، أي تعاهدوا.[2]
 
وتفيد قواميس اللغة العربية، أن النكاح: الزواج، مصدر نكح، يقال: نكح فلان امرأة ينكحها نكاحاً إذا تزوجها، و نكحها ينكحها باضعها، ونَكَحَه الدَّواءُ إِذا خامَرَه، وغَلَبَه، أَو من تَناكُحِ الأَشجارِ إِذا انضَمَّ بعضُهَا إِلى بعض، أَو من نَكَحَ المطَرُ الأَرضَ إِذا اختلَط في ثَرَاهَا.[3]
 
إذا ثبت هذا:
فإن النكاح يطلق على الوطء، وعقد التزويج؛ لأن عقد التزويج سبب الوطء المباح، وقال ابن فارس: النون، والكاف، والحاء، أصل واحد، وبهذا يتبين أن نكح في اللغة يستعمل في كل من الوطء، وعقد التزويج، وهذا لا خلاف فيه، وإنما وقع الخلاف في تعيين المعنى الحقيقي في كل من المعنيين، هل هو حقيقة في الكل، أو مجاز في الكل، أو حقيقة في أحدهما مجاز في الآخر، والراجح ما قاله صاحب المصباح المنير، أن أصل النكاح الضم والجمع والاختلاط، هذا هو المعنى الحقيقي، ويطلق مجازا على العقد والوطء، ولا يعرف المراد منهما إلا بقرينة، وذلك من علامات المجاز.[4]
 
الفرع الثالث: التغرير في النكاح اصطلاحا:
أولاً: تعريف النكاح اصطلاحاً:
النكاح ورد تعريفه لدى الفقهاء بعدة تعريفات منها:
عقد يتضمن إباحة وطء بلفظ نكاح، أو تزويج، أو ترجمته.[5]
 
وعرفه البهوتي بأنه: عقد التزويج،[6] وهذا ما ترجح لدي؛ لأنه مختصر، ومانع، ويشير إلى أن النكاح عقد ينشئ بين الرجل والمرأة حقوقا شرعية تقوم على المودة، والرحمة، والمعروف والإحسان، ومنها حل الاستمتاع بين الزوجين، وهو أمر مشترك بينهما لا ملك منفعة الاستمتاع؛ لأن ملك المنفعة غير مستساغ هنا شرعا وعقلا وواقعا، ولفظ الحل هو ما ورد في القرآن الكريم، قال تعالى: ﴿ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً حَكِيماً ﴾ النساء: 24.
 
وعرف قانون الأحوال الشخصية الأردني رقم (36) لسنة 2010م النكاح في المادة رقم (5) وجاء فيها: الزواج عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعاً؛ لتكوين أسرة، وإيجاد نسل.
 
ثانيا: تعريف التغرير اصطلاحاً:
عرف الأستاذ الزرقاء التغرير بقوله: الإغراء بوسيلة قوليه، أو فعلية كاذبة؛ لترغيب أحد المتعاقدين في العقد، وحمله عليه.[7]
 
إذا ثبت هذا:
فيمكن تعريف التغرير في النكاح بأنه إغراء بوسيلة قوليه، أو فعلية كاذبة؛ لترغيب أحد الزوجين في الزواج، وحمله عليه.
 
أي استعمال طرق احتياليّة تؤدي إلى عقد تزويج غير مرغوب فيه؛ لما فيه من الضرر المادي أو المعنوي، أو كليهما معا، ولولا التضليل والخداع لما أقدم المخدوع على هذا الزواج، والتضليل قد يكون بالقول المصاحب للعقد أو السابق له، أو بالفعل، أو بمخالفة الشرط المقترن بالعقد، وقد يكون من أحد الزوجين، أو من غيرهما، والضرر يجب أن يدفع، ويرفع بقدر الإمكان شرعاً، وعقلاً، وواقعاً؛ لارتباط أحكامه بمقاصد الشريعة المتمثلة بجلب المصلحة، ودرء المفسدة عن المكلف، والتعريف يشمل ذلك بعمومه، وإطلاقه.

[1] لسان العرب ج 5 ص 11، 12، وأساس لبلاغة ج 1 ص 447.

[2] انظر: لسان العرب ج 3 ص 296، وتاج العروس ج 8 ص 403، وأساس البلاغة ج 1 ص 429، ومختار الصحاح ج 1 ص 186.

[3] انظر: لسان العرب ج 2 ص 225، وتاج العروس ج 7 ص 196،وأساس البلاغة ج 1ص 654.

[4] انظر: معجم مقاييس اللغة ج 5 ص 475، مادة نكح، والمصباح المنير ج 2 ص 624، وتهذيب اللغة للأزهري ج 4 ص 204.

[5] مغني المحتاج ج 3 ص 123.

[6] كشاف القناع ج 5 ص 5.

[7] المدخل الفقهي العام ج 1 ص 463.

شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن