سمات التيسير ورفع الحرج في الحج: الاستطاعة البدنية
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
سمات التيسير ورفع الحرج في الحجالاستطاعة البدنية
يقول الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾ [آل عمران: 97].
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: ((بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلاً))[1].
وفي حديث - متفق عليه - عن ابن عباس رضي الله عنهما: "أن امرأة من خثعم قالت: يا رسول الله، إن فريضة الله على عباده في الحج أدركَتْ أبي شيخًا كبيرًا، لا يستطيع أن يثبت على الراحلة، أفأحج عنه؟ قال: ((نعم))، وذلك في حجة الوداع"[2].
جاء في المغني:
(وجملة ذلك أن من وُجدت فيه شرائط وجوب الحج، وكان عاجزًا عنه لمانع مأيوس من زواله، كزمانة، أو مرض لا يرجى زواله، أو كان نضو الخَلْق لا يقدر على الثبوت على الراحلة إلا بمشقة غير محتملة، والشيخ الفاني، ومن كان مثله متى وجد من ينوب عنه في الحج، وما لا يستنيبه به، لزمه ذلك، وبهذا قال أبو حنيفة والشافعي، وقال مالك: لا حج عليه إلا أن يستطيع بنفسه، ولا أرى له ذلك؛ لأن الله تعالى قال: ﴿ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾ [آل عمران: 97]، وهذا غير مستطيع، ولأن هذه عبادة لا تدخلها النيابة مع القدرة، فلا تدخلها مع العجز، كالصوم والصلاة)[3].
وقال الشافعي رحمه الله[4]:
لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخثعمية بالحج عن أبيها، دلت سنةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن قوله تعالى: ﴿ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا ﴾ [آل عمران: 97] على معنيين:
أحدهما: أن يستطيعه بنفسه وماله.
وثانيهما: أن يعجِز عنه بنفسه بعارض كِبَر أو سقم أو فطرة خلقة لا يقدر معها على الثبوت على المركب، ويكون من يطيعه إذا أمره بالحج عنه، إما بشيء يعطيه إياه وهو واجد له، وإما بغير شيء، فيجب عليه أن يعطيه إذا وجد، أو يأمر إن أطيع، وهذه إحدى الاستطاعتين.
[1] متفق عليه: البخاري: 1 /8 - 9، 6 /32، مسلم: 1 /45، الترمذي، عارضة الأحوذي: 1 /74، النسائي، المجتبى: 8 /95، ابن ماجه: 1 /24، الإمام أحمد، المسند: 2 /26، 120، 143.
[2] البخاري: 2 /163، 3 /23، 5 /222، 8 /63، مسلم: 2 /973 - 974، أبو داود: 1 /420، الترمذي، عارضة الأحوذي: 4 /157، النسائي، المجتبى: 5 /87، ابن ماجه: 2 /970، أحمد، المسند: 1 /212 وما بعدها، مالك، الموطأ: 1 /359.
[3] ابن قدامة، المغني: 5 /19 - 20.
[4] الشافعي: الأم: 1 /104.