أرشيف المقالات

العمل في مجال المحاسبة خارج ديار الإسلام (1)

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
العمل في مجال المحاسبة خارج ديار الإسلام (1)

يتطلب الحديث عن مدى مشروعية العمل في مجال المحاسبة أن نحدد - أولاً - تكييف العمل المحاسبي، قبل أن نبين - ثانيًا - الحكم الشرعي للعمل في هذا المجال، وذلك في مطلبين متعاقبين.
 
المطلب الأول: تكييف العمل المحاسبي[1]:
تعريف المحاسبة:
وضعت لجنة المصطلحات للمعهد الأمريكي للمحاسبين (Aicpa) تعريفًا للمحاسبة بأنها: فن تسجيل وتصنيف وتلخيص عمليات وأحداث ذات طبيعة مالية وتفسير نتائجها.
وعرف قاموس أكسفورد الموجز البريطاني المحاسبة بأنها: عملية أو فن مسك الحسابات والتحقق منها.
 
فإذا كان الحساب يتعلق بأحداث ومعاملات وقعت بالفعل، فإنه ينصب على الماضي.
وإذا كان يتعلق بأحداث ومعاملات قائمة فعلاً، فإنه ينصب على الحاضر.
أما إذا كان يتعلق بأحداث لم تقع، بل يقدر حدوثها في المستقبل، فإنه ينصب على المستقبل.
وفي جميع الأحوال لابد أن ترتبط هذه الأحداث والمعاملات بالثروة والرفاهية، أي أن تكون لها آثار ونتائج اقتصادية.
 
تطور المحاسبة:
كانت المحاسبة - في بداية ظهورها - نظامًا مبسطًا لتسجيل المعاملات المالية للتجار، ومع نشوء المشروعات الكبيرة مست الحاجة إلى توفير معلومات أكثر تفصيلاً ودقة مما أدى إلى توسيع مجال العمل المحاسبي، فلم يعد يقتصر على المحاسبة المالية (Financial Acc) وإنما ظهرت محاسبة التكاليف (Cost Accounting) لتفي بحاجة المشروعات الصناعية من معلومات عن تكلفة ما تنتجه عن طريق تحليل وحصر وتبويب وتجميع عناصر التكلفة، كما ظهرت المحاسبة الحكومية (Governmental Acc) لتنظيم وضبط ورقابة تصرفات الحكومة المالية، وكذلك المحاسبة الإدارية (Management Acc) لتوفر للإدارة المعلومات الملائمة في الوقت المناسب وفي الصورة التي تساعد على حل مشكلة محددة أو لاتخاذ قرار معين، ومع توسع المنشآت في معاملاتها الداخلية والخارجية، وظهور المنشآت متعددة الجنسيات، تبلور فرع جديد للمحاسبة يطلق عليه «المحاسبة الدولية»، التي يقصد بها: مجموعة القواعد والمفاهيم المحاسبية المتفق عليها, وتتبعها أكثر من منشأة في أكثر من دولة لإعداد تقاريرها المالية وللقياس بغرض صنع القرار، وبعبارة أخرى: وجود تعامل مالي ومحاسبي مشترك بين أكثر من منشأة في أكثر من دولة.
 
ومع تطبيق النظام العالمي الجديد - في التجارة والاقتصاد - وضعت بعض الدول الكبرى (المتطورة اقتصاديًا) معايير محاسبة دولية تطبق فيما بينها، وتضطر الدول الأخرى إلى العمل بهذا النظام العالمي للمحاسبة، كي تتمكن من حسن التعامل مع تلك الدول المتقدمة وتحقيق مصالحها الاقتصادية.
 
ويقوم الاتحاد الدولي للمحاسبين (Ifac) بإعداد إرشادات دولية فنية وأخلاقية وتعليمية لمهنة المحاسبة وتنميتها في كل أنحاء العالم مع إيجاد معايير دولية موحدة.
 
هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية:
من المعلوم أن المؤسسات المالية الإسلامية قامت على أساس التعامل المعتمد شرعًا، فاستبدلت بالنظام الربوي القائم أساسًا على الإقراض والاقتراض نظام المعاملات الشرعية من استثمار وتشارك ومضاربة ونحوها، وهذا يجعلها بحاجة إلى مجموعة من معايير المحاسبة والمراجعة التي تتلاءم مع أنشطتها الاقتصادية والمالية.
وبالفعل: اتفقت بعض المؤسسات المالية برعاية البنك الإسلامي للتنمية على إنشاء «هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية»، وتم تسجيلها في دولة البحرين بتاريخ11/رمضان/1411هـ (7/مارس/1991م)، لتطوير فكر المحاسبة والمراجعة بما يتلاءم وأنشطة المؤسسات المالية الإسلامية، ولنشر وتطبيق هذا الفكر عن طريق التدريب والندوات وإصدار البحوث والنشرات، والقيام بإعداد معايير للمحاسبة والمراجعة وتفسيرها وتعديلها بما يتفق وأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، وتنمية الثقة لدى مستخدمي القوائم المالية وتشجيعهم على الاستثمار في هذه المؤسسات المالية والإفادة من خبراتها وخدماتها.
 
وفي يونيو 1998م: اعتمدت الهيئة النص الكامل لمعايير المحاسبة والمراجعة، وميثاق أخلاقيات المحاسب والمراجع الخارجي للمؤسسات المالية الإسلامية، وبدأ العمل بهذه المعايير في أوائل سنة 1999م.

[1] بعض مراجع المطلب الأول:

1-  حسين القاضي ومأمون حمدان، نظرية المحاسبة، دار الثقافة - عمان: 2000.2- رضوان حلوة، تطور الفكر المحاسبي، دار الثقافة - عمان: 2000.3- صلاح الدين عبد الرحمن فهمي، مقارنة معايير المحاسبة الدولية، مكتبة الانجلو المصرية: 2000.4- عبد الحي مرعي ومحمد عباس بدوي، مقدمة في أصول المحاسبة المالية، دار الجامعة الجديدة للنشر - الإسكندرية: 2003.5- هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، معايير المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، المنامة - البحرين: 1419هـ.

شارك الخبر

روائع الشيخ عبدالكريم خضير