بداية وقت القيام زمن التابعين
مدة
قراءة المادة :
7 دقائق
.
بداية وقت القيام زمن التابعينالتابعون من أهل البصرة كانوا يؤخرون العشاء إلى ربع الليل، فعن هشام بن حسان القُرْدُوسي قال: «كانوا إذ ذاك يؤخرون العشاء في شهر رمضان إلى أن يذهب ربع الليل»[1].
وهشام بن حسان من صغار تابعي البصرة.
وعن مجاهد، قال: «كان [علي الأزدي] يختم القرآن في رمضان كل ليلة، وكان ينام ما بين المغرب والعشاء»[2].
وعلي بن عبدالله الأزدي من الطبقة الوسطى من تابعي البصرة.
وعن أبي المعتمر قال: سألت الحسن: أي ساعة أقوم، قال: «انظر أرفق ذلك بالقوم»[3]، فلو كانت الصلاة في رمضان كالعادة في بقية الشهور، لَما سأل سليمان بن طرخان البصري الحسن البصري، والله أعلم، فلم تكن صلاة العشاء والقيام عند أهل البصرة أول الليل.
وكذلك تابعو الكوفة كانوا يؤخرون العشاء في رمضان، فعن إبراهيم النخعي عن الأسود «أنَّه كان يختم القرآن في شهر رمضان في كل ليلتين، وكان ينام ما بين المغرب والعشاء»[4].
والأسود بن يزيد النخعي من كبار تابعي الكوفة، ومن خاصة ابن مسعود رضي الله عنه، وله رواية عن علي رضي الله عنه.
وعن الحكم بن عتيبة قال: «كانوا ينامون نومة قبل القيام في شهر رمضان»[5].
والحكم بن عتيبة من صغار تابعي الكوفة، ويحتمل النوم قبل صلاة العشاء أو بعدها.
وعن أبي شهاب عبد ربه بن نافع قال: «كان سعيد بن جبير يصلي بنا العتمة في رمضان، ثم يرجع فيمكث هنيهة، ثم يرجع فيصلي بنا ست ترويحات، ويوتر بثلاث، ويقنت بقدر خمسين آية»[6].
وتحمل صلاة ست ترويحات على العشر، فيأتي أنَّه يصلي خمس ترويحات، فإذا دخلت العشر صلى ستًّا[7].
ورُوي أَنَّ سعيد بن جبير كان ينام قبل أن يصلي العشاء، ثم يقوم في رمضان»[8].
وسعيد بن جبير من الطبقة الوسطى من تابعي الكوفة، وتقدم عنه مرسلًا عن الصحابة في عهد عمر رضي الله عنهم.
ولم تبيِّن الروايات التي وقفت عليها وقت القيام في رمضان عند تابعي الكوفة، والذي يغلب على الظن بعد ربع الليل كأهل البصرة، والله أعلم.
[1] رواه أبو نعيم في الحلية (3/ 57) حدثنا أبو محمد بن حيان، قال: ثنا أحمد بن الحسين، قال: ثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي، قال: حدثني محمد بن عيينة، قال: حدثني مخلد بن الحسين، عن هشام بن حسان، قال: «كنت أصلي أنا ومنصور بن زاذان جميعًا، وأشار مخلد بأصبعيه السبابة والتي تليها، فكان إذا جاء شهر رمضان ختم القرآن فيما بين المغرب والعشاء ختمتين، ثم يقرأ إلى الطواسين قبل أن تقام الصلاة، قال: وكانوا إذ ذاك يؤخرون العشاء في شهر رمضان إلى أن يذهب ربع الليل، فكان منصور يجيء والحسن جالس مع أصحابه، فيقوم إلى عمود يصلي فيختم القرآن، ثم يأتي الحسن فيجلس قبل أن يفترق أصحابه، وكان يختم القرآن فيما بين الظهر والعصر، ويختمه فيما بين المغرب والعشاء في غير شهر رمضان، وكان يأتي وقد سدل عمامته على عاتقه، فيقوم فيصلي ويبكي، ويمسح بعمامته عينيه، فلا يزالون حتى يبلها كلها بدموعه، ثم يلفها ويضعها بين يديه، قال مخلد: ولو أن غير هشام يخبرني بهذا ما صدقته، قال مخلد: وكان هو وهشام يصليان جميعًا»، ورواته موثقون.
محمد بن عيينة الفزاري ذكره ابن حبان في ثقاته وقال ابن حجر: مقبول وأحمد بن الحسين هو الحذاء، وثقه الدارقطني وبقية رواته ثقات، وأبو محمد بن حيان هو عبدالله بن محمد بن جعفر أبو الشيخ الحافظ المصنف، ورواه الحافظ ابن حجر في نتائج الأفكار (3/ 158) بإسناده عن أبي نعيم به، وقال: هذا أثر صحيح؛ أخرجه محمد بن نصر المروزي عن الدورقي، ولم أقف عليه في نسختي من مختصر قيام الليل.
[2] رواه ابن أبي شيبة (2/ 335) حدثنا عبيدة بن حميد، عن منصور، عن مجاهد، عن علي الأزدي، قال: فذكره وإسناده صحيح، وعبيدة بن حميد هو التيمي، ومنصور هو ابن المعتمر.
[3] رواه ابن أبي شيبة (2/ 396) حدثنا وكيع عن أبي المعتمر قال: فذكره وإسناده صحيح، وأبو المعتمر هو يزيد بن طَهْمَان.
ذكر ابن نصر مختصر قيام الليل ص (205) عمران بن حدير : أرسلت إلى الحسن، فسألته عن صلاة العشاء في رمضان أنصلي، ثم نرجع إلى بيوتنا فننام، ثم نعود بعد ذلك؟ فأبى، قال: «لا، صلاة العشاء ثم القيام»، وهو يخالف رأيه في الرواية السابقة ولم أقف عليه مسندًا.
[4] رواه ابن أبي شيبة (2/ 335) حدثنا جرير وعبدالرزاق (2148) عن الثوري، وابن سعد في الطبقات (6/ 73) قال: أخبرنا الفضل بن دكين، ومحمد بن عبدالله الأسدي، وأبو المنذر إسماعيل بن عمر قالوا: حدثنا سفيان، وسعيد بن منصور في التفسير (151) قال: نا فضيل بن عياض يروونه عن منصور، عن إبراهيم، عن الأسود، فذكره وإسناده صحيح، وجرير هو ابن عبدالحميد ومنصور هو ابن المعتمر.
[5] رواه ابن أبي شيبة (2/ 396) حدثنا وكيع، قال: حدثنا شعبة، عن الحكم قال: فذكره وإسناده صحيح.
[6] انظر: ص(90).
[7] انظر: ص (150).
[8] رواه ابن أبي شيبة (2/ 335) حدثنا ابن مهدي، عن سفيان، عن وقاء أَنَّ سعيد بن جبير كان، فذكره وإسناده ضعيف، وِقاء هو ابن إياس ليِّن الحديث.