من دخل المسجد فلا يجلس حتى يركع
مدة
قراءة المادة :
7 دقائق
.
تحقيق شرح سنن ابن ماجه لمغلطايمن دخل المسجد فلا يجلس حتى يركع
• حدثنا إبراهيم بن المنذر الحِزَامِي، ويعقوب بن حميد بن كاسب، قالا: ثنا ابن أبي فديك، عن كثير بن زيد، عن المطَّلِب بن عبدالله، عن أبي هريرة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دخل أحدُكم المسجد، فلا يجلس حتى يركع ركعتين)).
هذا حديث إسناده حسن؛ للاختلاف في حال كثيرٍ رَاويه، ورواه أبو قُرَّة بسند صحيح عن الثَّوري، عن سهيل، عن أبيه، عنه[1]، وفي الأوسط من حديث زكريا بن حكيم الحبطي البصري، عن الحسن، عن سُلَيك الغَطفاني، قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم يخطب، إذ دخلتُ المسجدَ، فجلستُ، فقال: ((ركعت الركعتين؟))، قلت: لا، قال: ((فقم، فاركعهما))، لم يروه عن زكريا إلاَّ داود بن منصور القاضي[2]، ومن حديث ابن لَهِيعة، عن خالد بن يزيد، عن صفوان بن سليم[3]، عن أبي صالح، عن أبي ذر: أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب، فقعد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((هل ركعت؟))، قال: لا، قال: ((فقم فاركع))، وفي الأوسط: لم يروه عن صفوان بن سليم إلاَّ خالد بن يزيد، تفرد به ابن لهيعة[4]، ولما ذكر حديث المطَّلِب قال: لم يروه عن المطلِب إلاَّ كَثِير، تفرد به ابن أبي فُدَيك[5]؛ فإن ابن عمار وثَّقه[6]، وقال ابنُ مَعين في رواية: صالح، وفي أخرى: ليس بذلك القوي، وعند ابن عَدي زيادة: ((وإذا دخل بيته، فلا يجلس حتى يركع ركعتين؛ فإن الله عز وجل جاعلٌ له من ركعته في بيته خيرًا))، ثم قال: إسناد منكر[7]، وعَزا الإشبيليُّ إلى البخاري أنه قال: هذه الزيادة لا أصل لها[8]، وأنكر ذلك ابن القطَّان[9].
• حدثنا العباس بن عثمان، ثنا الوليد بن مسلم، ثنا مالك، عن عَامر بن عبدالله بن الزبير، عن عمرو بن سليم الزُرَقِي، عن أبي قتادة: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا دخل أحدكم المسجد، فليصل ركعتين قبل أن يجلس)).
هذا حديثٌ اتفقا على تخريجه[10]، ولما ذكره ابنُ حِبَّان في صحيحه زاد: ((قبل أن يجلس أو يستخبر))[11]، وعند ابن القطَّان بسند عنه مرفوع عند ابن أبي شيبة: ((أعطوا المساجد حقَّها))، قيل: يا رسول الله، وما حقها؟ قال: ((ركعتان قبل أن تجلس))[12]، وقال الترمذي: روى سُهيل هذا الحديث، عن عامر، عن عمرو، عن جابر، وهو غير محفوظ، وقال ابن المَديني: حديث سهيل خطأ[13]، وقال ابن ماجه في بعض النسخ: رواه الأوزاعي عن يحيى بن سعيد، عن عامر، عن أبي قتادة، وهو وَهم[14]، وذكر البيهقي أن الشافعي قال: ذلك على سبيل الاختيار، لا الفرض، قال: ولم أعلم مخالفًا أن من تركها لم يقضهما، ورُوي عن عمر بن الخطاب أنه قَدِم من سفر، فوجد النبيَّ صلى الله عليه وسلم قاعدًا في المسجد، فقصد إليه، ليخبرَه عن عمرو بن العاص، وكان معه في جيش، قال: فأتيته ولم أركع، ثم دخل عمرو، فركع قبل أن يأتيَه، فظننتُ أو علمتُ أنه سيظفر، قال: ولم يحك أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بأن يقضي، تَرَكَه أن يبدأ بالنافلة"[15]، وحكى عياض عن داود وأصحابه وجوبها، وقال النوويُّ: هي سنةٌ بإجماع؛ فإن دخل وقتَ كراهةٍ، فكره أبو حنيفة، والليث، والأوزاعي صلاتهما، خلافًا للشافعي، وحكي عنه أيضًا الكراهة، والله تعالى أعلم.
[1] المعجم الأوسط (2328)، وقد جاء في الأصل قوله: وفي الأوسط: "لم يروه عن سفيان إلاَّ أبو قرة" بعد حديث أبي ذر، وكأنه انتقال بصر من الناسخ، والله أعلم.
[2] المعجم الأوسط (781)، وفيه: هل ركعت الركعتين؟ وليس فيه كلمة: فقم.
[3] سقط من الأصل ذكر صفوان بن سليم.
[4] المعجم الأوسط (4721)، وقد حدث خلل في الأصل، فأصلحته من المعجم الأوسط.
[5] المعجم الأوسط (8246).
[6] هذا الكلام عائد على كثير بن زيد، وكأن في الكلام تقديمًا وتأخيرًا، والله أعلم.
[7] الكامل (1 /252).
[8] الأحكام الوسطى (1 /299).
[9] بيان الوهم والإيهام (2 /300) رقم (289).
[10] البخاري (444)، ومسلم (714).
[11] الإحسان (2499).
[12] ابن أبي شيبة (3438) - ط الرشد، وبيان الوهم والإيهام (5 /597 - 598) رقم (2816).
[13] الترمذي (2 /129-130) رقم (316).
[14] ذكره المزي في تحفة الأشراف (9 /263).
[15] المعرفة (4 /99).