أرشيف المقالات

شرح باب وجوب أمر أهله وأولاده بطاعة الله

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
شرح باب وجوب أمر أهله وأولاده بطاعة الله
 
باب وجوب أمر أهله وأولاده المميزين وسائر من في رعيته بطاعة الله تعالى، ونهيهم عن المخالفة، وتأديبهم، ومنعهم من ارتكاب منهيٍّ عنه قال الله تعالى: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ [طه: 132]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا ﴾ [التحريم: 6].
 
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أخَذَ الحسنُ بن علي رضي الله عنهما تمرةً من تمر الصدقة فجعلها في فيه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كِخْ كِخْ، ارمِ بها، أمَا علِمتَ أنَّا لا نأكُلُ الصدقةَ؟))؛ متفق عليه.
 
وفي رواية: ((أنَّا لا تحلُّ لنا الصدقةُ؟))، وقوله: ((كخ كخ)) يقال بإسكان الخاء، ويقال بكسرها مع التنوين، وهي كلمة زجر للصبيِّ عن المستقذرات، وكان الحسن رضي الله عنه صبيًّا.
 
قال سَماحة العلَّامةِ الشيخ ابن عثيمين - رحمه الله -:
قال المؤلِّف - رحمه الله -: باب وجوب أمر أهله وأولاده المميزين وسائر مَن في رعيته بطاعة الله تعالى، ونهيِهم عن المخالفة، وتأديبهم، ومنعهم من ارتكاب منهيٍّ عنه.
 
ووجهُ المناسبة أن المؤلِّف رحمه الله لما ذكَرَ ما يجب للأهل من غذاء الجسم، ذكر لهم ما يجب من غذاء الروح على أبيهم ومَن له ولاية عليهم، وأَولى ما يؤمر به وأوجب وأفضل هي الصلاة، كما قال الله تعالى لنبيِّه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ [طه: 132]، فأمره أن يأمر أهله بالصلاة.
 
والأهل كلُّ مَن في البيت؛ مِن زوجة، وابن، وبنت، وعمة، وخالة، وأم، كل من في البيت أهلٌ، أمَرَه أن يأمرهم بالصلاة، وأمره أن يصطبر عليهم؛ يعني يحض نفسه على الصبر؛ ولهذا جاءت التاء التي فيها زيادة البنية، وفيها زيادة المعنى اصطبر؛ لأن أصلها اصتبر عليها.
 
وذكر الله عن إسماعيلَ أبي محمدٍ صلى الله عليه وسلم - إذ إنه أحد أجداده -: أنه كان يأمُرُ أهله بالصلاة والزكاة، وكان عند ربِّه مرضيًّا، فالإنسان مسؤول عن أهله، مسؤول عن تربيتهم، حتى ولو كانوا صغارًا إذا كانوا مميزين، أما غير المميز فإنه يؤمر بما يتحمله عقله.
 
ثم ذكر حديث الحسن بن علي بن أبي طالب رصي الله عنهما أنه أخذ تمرةً من الصدقة فجعلها في فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((كخ كخ))؛ يعني أنها لا تصلح لك، ثم أمره أن يُخرِجَها من فيه، وقال: إننا لا نحل لنا الصدقة.
 
فالصدقة لا تحلُّ لآل محمد؛ وذلك لأنهم أشرف الناس، والصدقات والزكوات أوساخُ الناس، ولا يتناسب لأشراف الناس أن يأخذوا أوساخ الناس، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم لعمِّه العباس بن عبدالمطلب رضي الله عنه: ((إنَّا آلَ محمد لا تحلُّ لنا الصدقة؛ إنما هي أوساخ الناس)).
 
ففي هذا دليلٌ على أن الإنسان بجب عليه أن يؤدِّب أولاده عن فعل المحرَّم، كما يجب عليه أن يؤدِّبهم على فعل الواجب، والله الموفق.
 
المصدر: «شرح رياض الصالحين» (3/ 167- 169)

شارك الخبر

المرئيات-١