مسألة الآية رقم 6 من سورة لقمان
مدة
قراءة المادة :
3 دقائق
.
مسألة الآية رقم 6 من سورة لقمانآيةٌ كريمة تدخُلُ بنا إلى عُمْق حركة الفعل والعقيدة لفئة من الناس، هذه الفئة هم تجَّار، وتجارتُهم تقوم على بذل الغالي والنفيس من أجل توفير الثمن المطلوب للحصول على لهو الحديث؛ الذي هو كلُّ انشغال، واستمتاع بشيءٍ ما غير الحقِّ، وعادةً ما يحاكي شهواتِ الإنسان ورغباته؛ وذلك ليحققوا وينالوا التخلُّص من الحق وصوتِه فيهم؛ فبذلك هم يجعلون صوتَ القيم والأخلاق والفضيلة والحقيقة فيهم صوتًا مظلولاً لا يُرى، ولا يظهر، مخفيًّا غير مسموع فيهم!
إذًا هو سَعْيٌ وفعلٌ كان سببُه ودافعه عقيدةً سارت إليها هذه الفئة من الناس، وهي الكفر بالحق ورفضُه، وطمسُه فيهم؛ فكان نيل اللهو من الحديث وشراؤه غايةً وهدفًا منشودًا على الدوام بالنسبة لهم؛ حتى يغطوا، ويخفوا ويتخلَّصوا من صوت الحقِّ، والمنطق، والاعتدال، والفطرة السليمة في السلوك والفعل والعمل لديهم، بل إنهم يعتبرون أن لَهْوَ الحديثِ بما فيه من دلائل واضحةٍ وجليَّة تقيمُ الحجَّة على الحق والمنطق، من حيث إن المتعةَ بأي صنفٍ من صنوف اللهو قد تُجلِّي حقيقةً لا مفرَّ منها، وهي صوت الحقيقة، والمنطق، والحق، والواقع، والعبرة؛ فتلك الجزئية لم تعُدْ تعنيهم، أو تثيرهم بالمرة؛ لأنهم اعتبروا واعتقدوا اعتقادًا راسخًا أن لَهْوَ الحديث هو هُزُوٌ؛ بمعنى أنه أمر للتسلية، والانشغال، خالٍ من الرد والإشارة إلى صوت الحقِّ والمنطقِ، الذي يجعل الإنسان يتنبَّهُ ويُفيق إلى حالته ووضعيَّته فيعود عن طريق اللَّهو والانشغال والكفر إلى الحق.
إذًا هي فئة عقيدتُها كانت يُغيَّب صوتُ الحق فيها، فكان عملها وسعيها لهوًا وانشغالاً ومتعًا وشهوات دون أدنى تبصُّر أو انتباه إلى صوت المنطق والحق، وضرورة العود والتوبة والرجوع.
حالة ووضعيَّة وعقيدة، وفعل، وعمل كان سببًا واضحا في تميُّز هذه الفئة من الناس بالألم والمعاناة، والعذاب المهين المتمثِّل في تساؤلهم وحيرتهم: لماذا نحن على هذا المنهج والسلوك؛ منهجِ وسلوك المتعةِ والشهوات واللَّهو والانشغال؟
لماذا لسنا على طريق الحقِّ والسلامة، والسبيل الصحيح السليم؟
عذابٌ ولَّد تساؤلاً غاب جواب أو قدرةُ جوابِ تلك الفئة من الناس عنه وعيًا وتمكنًا وعلمًا وعقلاً؛ لأنهم كفروا، ولم يؤمنوا بالحقِّ عقيدةً سليمة صادقة؛ فكان ذلك حالهم حتى يؤمنوا ويقيموا الحقَّ إيمانًا وتصديقًا وعقيدة.