أرشيف المقالات

تفسير: (وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا)

مدة قراءة المادة : 6 دقائق .
تفسير: (وبرزوا لله جميعا فقال الضعفاء للذين استكبروا إنا كنا لكم تبعا)

♦ الآية: ﴿ وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَهَدَيْنَاكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْنَا أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِنْ مَحِيصٍ ﴾.
♦ السورة ورقم الآية: إبراهيم (21).
♦ الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي: ﴿ وبرزوا لله جميعاً ﴾ خرجوا من قبورهم إلى المحشر ﴿ فقال الضعفاء ﴾ وهم الأتباع لأكابرهم الذين ﴿ استكبروا ﴾ عن عبادة الله: ﴿ إنَّا كنَّا ﴾ في الدُّنيا ﴿ لكم تبعاً فهل أنتم مغنون ﴾ دافعون ﴿ عَنَّا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قَالُوا لو هدانا الله لهديناكم ﴾ أَيْ: إنَّما دعوناكم إلى الضَّلال لأنَّا كنَّا عليه ولو أرشدنا الله لأرشدناكم.
♦ تفسير البغوي "معالم التنزيل": قوله تعالى: ﴿ وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً ﴾ أَيْ: خَرَجُوا مِنْ قُبُورِهِمْ إِلَى اللَّهِ وَظَهَرُوا جَمِيعًا، فَقالَ ﴿ الضُّعَفاءُ ﴾، يَعْنِي الْأَتْبَاعَ، ﴿ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا ﴾، أَيْ: تَكَبَّرُوا عَلَى النَّاسِ وَهُمُ الْقَادَةُ وَالرُّؤَسَاءُ، ﴿ إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً ﴾ جَمْعُ تَابِعٍ مِثْلُ حَرَسٍ وَحَارِسٍ، ﴿ فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ ﴾، دَافِعُونَ، ﴿ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا ﴾، يَعْنِي القادة للمتبوعين، ﴿ لَوْ هَدانَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُمْ ﴾، أَيْ: لَوْ هَدَانَا اللَّهُ لَدَعَوْنَاكُمْ إِلَى الْهُدَى، فَلَمَّا أَضَلَّنَا دَعَوْنَاكُمْ إِلَى الضَّلَالَةِ، ﴿ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا مَا لَنا مِنْ مَحِيصٍ ﴾، مَهْرَبٍ وَلَا مَنْجَاةٍ.
قَالَ مُقَاتِلٌ: يَقُولُونَ فِي النَّارِ تَعَالَوْا نَجْزَعُ فَيَجْزَعُونَ خَمْسَمِائَةِ عَامٍ فَلَا يَنْفَعُهُمُ الْجَزَعُ، ثُمَّ يَقُولُونَ: تَعَالَوْا نَصْبِرُ فيصبرون خمسمائة عام فلا بنفعهم الصبر، فَحِينَئِذٍ يَقُولُونَ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا مَا لَنا مِنْ مَحِيصٍ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: بَلَغَنِي أَنَّ أَهْلَ النَّارِ استغاثوا بالخزنة، كما قال تَعَالَى: ﴿ وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ ﴾ [غَافِرٍ: 49]، فردت الخزنة عليهم: ﴿ أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى ﴾ [غافر: 50]، فردت الخزنة عليهم قَالُوا: ﴿ فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ ﴾ [غَافِرٍ: 50]، فَلَمَّا يَئِسُوا مِمَّا عِنْدَ الْخَزَنَةِ ﴿ نَادَوْا يَا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ ﴾ [الزُّخْرُفِ: 77] سَأَلُوا الْمَوْتَ فَلَا يُجِيبُهُمْ ثمانين سنة والسنة ثلاثمائة وستون يَوْمًا وَالْيَوْمُ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ، ثُمَّ لَحَظَ إِلَيْهِمْ بَعْدَ الثمانين ﴿ إِنَّكُمْ ماكِثُونَ ﴾ [الزخرف: 77]، فلما أيسوا مِمَّا قَبْلَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ إِنَّهُ قَدْ نَزَلَ بِكُمْ مِنَ الْبَلَاءِ مَا تَرَوْنَ فَهَلُمُّوا فَلْنَصْبِرْ فَلَعَلَّ الصَّبْرَ يَنْفَعُنَا كَمَا صَبَرَ أَهْلُ الدُّنْيَا عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ فَنَفَعَهُمْ، فَأَجْمَعُوا عَلَى الصَّبْرِ فَطَالَ صبرهم ثم جزعوا فطال جزعهم فَنَادَوْا سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا مَا لَنا مِنْ مَحِيصٍ أي: من منجاة.
قَالَ فَقَامَ إِبْلِيسُ عِنْدَ ذَلِكَ فخطبهم.
وذلك قوله تعالى: وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ الْآيَةَ، فَلَمَّا سَمِعُوا مَقَالَتَهُ مَقَتُوا أَنْفُسَهُمْ فَنُودُوا لَمَقْتُ اللَّهِ أَكْبَرُ مِنْ مَقْتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ إِذْ تُدْعَوْنَ إلى الإيمان فتكفرون، قال فَنَادَوُا الثَّانِيَةَ ﴿ فَارْجِعْنا نَعْمَلْ صالِحاً إِنَّا مُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 12] فَرَدَّ عَلَيْهِمْ: ﴿ وَلَوْ شِئْنا لَآتَيْنا كُلَّ نَفْسٍ هُداها ﴾[السجدة: 13] الآيات، فَنَادَوُا الثَّالِثَةَ: رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعِ الرُّسُلَ [إِبْرَاهِيمَ: 44]، فَرَدَّ عَلَيْهِمْ: ﴿ أَوَلَمْ تَكُونُوا أَقْسَمْتُمْ مِنْ قَبْلُ مَا لَكُمْ مِنْ زَوالٍ ﴾ [إبراهيم: 44] الآيات، ثُمَّ نَادَوُا الرَّابِعَةَ: ﴿ رَبَّنا أَخْرِجْنا نَعْمَلْ صالِحاً غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ ﴾ [فاطر: 37] فَرَدَّ عَلَيْهِمْ: أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجاءَكُمُ النَّذِيرُ [فاطر: 37]، الآية قال: ثم مكث عَنْهُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ، ثُمَّ نَادَاهُمْ: أَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَكُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (105) [المؤمنون: 105]، فَلَمَّا سَمِعُوا ذَلِكَ قَالُوا: الْآنَ يَرْحَمُنَا، فَقَالُوا عِنْدَ ذَلِكَ: ﴿ رَبَّنا غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وَكُنَّا قَوْماً ضالِّينَ * رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ ﴾ [المؤمنون: 106- 107]، قال لهم عند ذلك: ﴿ اخْسَؤُوا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 108] فَانْقَطَعَ عِنْدَ ذَلِكَ الرَّجَاءُ وَالدُّعَاءُ عَنْهُمْ، فأقبل بعضهم على بعض ينفخ بَعْضُهُمْ فِي وُجُوهِ بَعْضٍ وَأُطْبِقَتْ عليهم النار.
تفسير القرآن الكريم

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣