الترغيب في ترك اللغو والكلام الذي لا يعتد به
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
الترغيب في ترك اللغو والكلام الذي لا يعتد به
وصَف هندُ بن أبي هالة رضي الله عنه منطق رسول الله صلى الله عليه وسلم للحسن بن علي رضي الله عنه فقال: "...
كان طويل السكوت، لا يتكلم في غير حاجة، يفتتح الكلام ويختمه باسم الله تعالى، ويتكلم بجوامع الكلم، كلامه فصل، لا فضول ولا تقصير"؛ (مختصر الشمائل المحمدية للترمذي للألباني: ص20).
• وأخرج النسائي من حديث عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُكثر الذِّكر، ويقل اللغو، ويطيل الصلاة، ويقصر الخطبة، ولا يأنف أن يمشي مع الأرملة والمسكين فيقضي له الحاجة"؛ (صححه الألباني في سنن النسائي: 1341).
والمقصود من اللغو هنا - كما قال الكفوي رحمه الله -: "كل مطروحٍ من الكلام لا يعتد به"؛ (الكليات: 778).
• وسأل الحسين بن علي رضي الله عنه أباه عن مخرجه صلى الله عليه وسلم، كيف كان يصنع فيه؟ فقال رضي الله عنه: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخزن[1] لسانه إلا فيما يعنيه..."؛ (مختصر الشمائل: ص23).
• وقال أيضًا: "كان صلى الله عليه وسلم لا يذُمُّ أحدًا، ولا يَعِيبه، ولا يطلب عورته[2]، ولا يتكلم إلا فيما رجا ثوابه"؛ (المصدر السابق: ص25).
وأخرج البيهقي والطبراني والبغوي من حديث ركب المصري[3] قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((طوبى[4] لمن عمِل بعمله، وأنفق من ماله، وأمسك الفضل من القول))؛ (قال ابن عبدالبر: "حديث حسن، ولكن الراجح ضعفه").
• وتلا الحسن البصري رحمه الله قول الله تعالى: ﴿ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ﴾ [ق: 17]، فقال: يا بن آدم، بسطت لك صحيفة، ووكل بك ملكان كريمان، أحدهما عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن يسارك فيحفظ سيئاتك، فاعمل ما شئت، أقلِلْ أو أكثر...".
• ومن الأمثلة التي تدل على ترك فضول الكلام: ما رواه الترمذي وأبو داود وابن أبي الدنيا، واللفظ له، عن مطرف بن عبدالله عن أبيه قال: "قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من بني عامر، فقالوا: أنت والدنا، وأنت سيدنا، وأنت أفضلنا علينا فضلاً، وأنت أطولنا علينا طولاً، وأنت الجفنة الغراء، وأنت...
وأنت، فقال: ((قولوا قولكم، ولا يستهوينكم الشيطان))".
يقول الغزالي رحمه الله: "وفي هذا الحديث إشارة إلى أن اللسان إذا أطنب بالثناء، ولو بالصدق، فيخشى أن يستهويه الشيطان إلى الزيادة المستغنى عنها"؛ اهـ.
[1] يخزن: يحبس.
[2] لا يطلب عورته: أي لا يطلب عورة أحد، وهي ما يستحى منه إذا ظهر، والمعنى: لا يظهر ما يريد الشخص ستره، ويخفيه عن الناس.
[3] وركب المصري فيه خلاف، قال البغوي: "لا أدري أسمع النبي صلى الله عليه وسلم أم لا، وقال ابن منده: مجهول لا نعرف له صحبة، وروى هذا الحديث البزار من حديث أنس رضي الله عنه بسند ضعيف؛ (ضعيف الترغيب والترهيب: 1705).
[4] طوبى: شجرة عظيمة في الجنة، يخرج منها ثياب أهل الجنة.