أرشيف المقالات

الإسلام دين الهداية

مدة قراءة المادة : 7 دقائق .
2الإسلام دين الهداية   الدين هو طريق الهداية، والنبي صلى الله عليه وسلم هادٍ للناس؛ كما قال تعالى: ﴿ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ ﴾ [الرعد: 7]، وهو يهدي ويرشد الناس ويدلهم - في جميع شؤونهم الدينية والدنيوية - إلى الملة التي هي أقوم الملل وأعدلها، وهي ملة الإسلام؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ﴾ [الإسراء: 9]، فمن يستجب لهذه الهداية، يظفر بالسعادة؛ لأنه يدخل تحت مظلة الرحمة التي جاء بها صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107].   اكتمال الرسالة: وحينما أراد الله الإسلام لهذه الأمة، أوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم القرآن آية آية: ﴿ وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا ﴾ [الإسراء: 106]، حتى انتهى الأمر إلى الختام النهائي، حينما قال تعالى: ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ﴾ [المائدة: 3]، فكانت تلك الآية هي الخاتم والطابع بأن الإسلام كامل وتام، ولم يَعِشْ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعد هذه الآية إلا قليلًا؛ ولذلك كان الإمام مالك رحمه الله يقول: "ما لم يكن يومئذٍ دينًا، لا يكون اليوم دينًا"[1]، فالصيغة النهائية للدين خُتمت بوفاة النبي صلى الله عليه وسلم.   الانتقاص من الدين: والإسلام هو الاستسلام والتسليم لرب العالمين، فيجب قبول الدين كاملًا، فلو رفض إنسان آية واحدة من كتاب الله لم يكن مؤمنًا، فالإيمان يتم بالتسليم المطلق لله تعالى دون تحفظ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ﴾ [البقرة: 208].   الزيادة في الدين: والزيادة في الدين افتراء على الله؛ ولذلك كان الإمام مالك رحمه الله يقول: "من ابتدع في الإسلام بدعة، فقد زعم أن محمدًا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة"[2]، فكأن صاحب البدعة يجبر النقص الذي في الرسالة، وهذا خطأ كبير؛ فالله سبحانه قد ائتمن نبيه صلى الله عليه وسلم على الرسالة.   العقيدة البناء الأول: والدين مؤلف من شقين كبيرين؛ أولًا: العقيدة، وهي البناء الذي بُني عليه الإسلام، وتلك العقيدة صاغت المسلمين صياغة أخرى غير التي كان عليها الناس، فقد كان العرب في الجاهلية رغم البطولات والفروسية التي اشتهروا بها؛ كما جاء ذلك في أشعارهم: وإن صخرًا لوالينا وسيدنا وإن صخرًا إذا نشتو لنحَّارُ وإن صخرًا لمقدامٌ إذا ركبوا وإن صخرًا إذا جاعوا لعقَّارُ[3]   رغم ذلك كانوا مهزوزين من الداخل، فكانوا في أسفارهم لا يستطيعون أن ينزلوا في مكان في الصحراء حتى يستأذنوا مَن في هذا المكان من الجن، فيستعيذون بالأخيار منهم من شر الأشرار منهم؛ وقد ذكر القرآن الكريم ذلك: ﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴾ [الجن: 6]، كذلك كانوا يخافون من العواصف ومن النجوم، وكانوا يقولون: مُطرنا بنوء فلان، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك[4].   فما حرر الله كل هؤلاء إلا بالعقيدة، فالعقيدة جعلت منهم رجالًا وشجعانًا وأبطالًا، فأصبح الإنسان لا يخاف إلا الله، وهذا أعظم تحرير للإنسان، ولذلك من لم يعرف الله، لا بد أن يخاف من كل ما سوى الله، فالحرية الكاملة للإنسان هي العقيدة السليمة حينما يربط الإنسان مصيره بالله، ويعتقد أنه لا مقدِّر إلا الله.   وللأسف نرى اليوم الكثير من الناس دائمًا خائفين، فقد وقعوا في أسر الدجالين الكذابين المشعوذين؛ وذلك لأن العقيدة لم تتمكن تمكنًا كاملًا من قلوبهم، ولم يدركوا أن إرادة الله سابقة لكل شيء وفوق كل شي: ﴿ وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 102].   كمال الشريعة: أما الشق الثاني وهي الشريعة، فهي الأحكام التي أُمرنا بها، وتتمثل في (افعل) و(لا تفعل)، وهذه الشريعة ليست قاصرة، ولا حق لأي إنسان أن يحجزها ويمنعها، وهي أحكام شاملة واسعة تتناول علاقة الإنسان مع ربه وتلك هي العبادات، وعلاقة الإنسان مع الأهل وتلك هي أحكام الأسرة، والأحكام السلطانية، وعلاقة المسلمين بغير المسلمين وتلك أحكام السير؛ وكما قال الإمام الشافعي: "إننا نعلم قطعًا أنه لا يجوز أن تخلو حادثة عن حكم لله تعالى منسوب إلى شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم"[5].   هذه الشريعة كُلفنا أن نلتزم بها؛ كما قال تعالى: ﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [الجاثية: 18]، فهي خارطة الطريق بين العبد وربه، ويوم القيامة يُسأل عنها العبد أمام الله، فإن أعد الإنسان لهذا السؤال جوابًا فهو على خير؛ لأن الجواب يأتيه من القرآن الكريم والسنة المطهرة.   وأخيرًا لا بد للمسلم أن يتعلم من الفقه الإسلامي ما يخصه، فالفقه هو علم الشريعة، ففي العبادة لا بد للمسلم أن يتعلم أحكام الطهارة والصلاة والصيام والزكاة ونحو ذلك، وإذا كان المسلم تاجرًا لا بد أن يتعلم أحكام البيع والشراء وما يتعلق بهما، وإذا كان طبيبًا لا بد أن يتعلم أحكام الجراحة الطبية وغيرها، وإذا كان مهندسًا لا بد أن يتعلم أحكام البناء، وما يجوز منه وما لا يجوز، وما يكون فيه غش، وغير ذلك.


[1] الشاطبي، الاعتصام، ت: الهلالي، الرياض: دار ابن عفان، 1/ 65. [2] الشاطبي، الاعتصام، ت: الهلالي، الرياض: دار ابن عفان، 1/ 65. [3] رائية الخنساء، المبرد، الكامل في اللغة والأدب، ت: محمد أبو الفضل، القاهرة: دار الفكر العربي، 4/ 40. [4] صحيح البخاري، حديث رقم: (3850)، صحيح مسلم، حديث رقم: (106). [5] محمد سليمان الأشقر، أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم، بيروت: مؤسسة الرسالة، ص: 130.



شارك الخبر

مشكاة أسفل ٣