أرشيف المقالات

من البعثة إلى الهجرة (5)

مدة قراءة المادة : 18 دقائق .
2من البعثة إلى الهجرة (5) الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية في ترتيب أحداث السيرة النبوية   12 - وفي شوَّال من هذه السَّنة: عقَد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على عائشة وهي بنت ستِّ سنين، ولم يَبْنِ بها إلاَّ في السنة الأولى من الهجرة، وهي بنت تِسْع سنين رضي الله عنها.   الشرح: قالت عائشة رضي الله عنها: تزوَّجَني النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأنا بنت ستِّ سنين، فقَدِمْنا المدينةَ، فنَزَلْنا في بني الحارث بن خزرجٍ، فوُعِكت فتمرَّق شعري[1]، فوفى جميمةً[2]، فأتتني أمِّي أمُّ رومان، وإنِّي لفي أُرْجوحةٍ ومعي صواحِبُ لي، فصرخَتْ بي، فأتيتُها، لا أدري ما تريد بي، فأخذَتْ بيدي حتَّى أوقفَتْني على باب الدَّار، وإني لأنهج، حتى سكَن بعض نفسي، ثم أخذَتْ شيئًا من ماءٍ فمسحَت به وجهي ورأسي، ثم أدخلَتْني الدار، فإذا نسوةٌ من الأنصار في البيت، فقُلْن: على الخير والبركة، وعلى خير طائرٍ[3]، فأسلمَتْني إليهنَّ، فأصلحن من شأني، فلم يرعني[4] إلاَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ضحًى، فأسلمتني إليه، وأنا يومئذٍ بنتُ تسع سنين[5].   وروى الإمام مسلمٌ عن عائشة أيضًا: أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم تزوجها وهي بنت ستٍّ، وبنَى بها وهي بنت تسعٍ، ومات عنها وهي بنت ثمان عشرة[6].   وجاء في بعض الروايات الصحيحة أيضًا عن عائشة أن النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم عقَد عليها وهي بنت سبعِ سنين[7].   قال الإمام النوويُّ رحمه الله: وأمَّا قولها في رواية: "تزوَّجني وأنا بنتُ سبع"، وفي أكثر الروايات: "بنت ست"، فالجمع بينهما أنَّه كان لها ستٌّ وكَسْر، ففي روايةٍ اقتصرَتْ على السنين، وفي رواية عدَّت السنة التي دخلَتْ فيها، والله أعلم[8].   وكان ذلك في شهر شوَّال؛ لِما رواه مسلمٌ عن عائشة قالت: تزوَّجَني رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم في شوالٍ، وبنى بي في شوَّالٍ، فأي نساء رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان أحظى عنده منِّي؟[9].   وكان زواجُ النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم من عائشة رضي الله عنها بوحيٍ من الله عزَّ وجلَّ.   قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لعائشة رضي الله عنها: ((أُرِيتُكِ في المنام مرَّتين، إذا رجلٌ يحملك في سرَقةِ حريرٍ[10] فيقول: هذه امرأتك، فأكشفها فإذا هي أنت، فأقول: إن يكن هذا من عند الله يُمْضِه))[11].   قال ابن حجر: وعند الآجريِّ من وجهٍ آخر عن عائشة: "لقد نزل جبريلُ بصورتي في راحته - أيْ: في كفِّه - حين أمرَ رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يتزوَّجني"، ويُجْمَع بين هذا وبين ما قبله - أنَّها كانت في قِطْعة حرير - بأنَّ المراد أنَّ صورتها كانت في الخرقة، والخرقة في راحته، ويحتمل أن يكون نزل بالكيفيتين؛ لقولها في نفس الخبر: "نزل مرَّتين"؛ اهـ[12].   فهذا وحيٌ من الله؛ لأنَّ رؤيا الأنبياء وحيٌ، وعصمتهم في المنام كاليقَظة. ولم يتزوَّج النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بِكْرًا إلاَّ عائشة - رضي الله عنها.   روى الإمام البخاريُّ عن عائشة رضي الله عنها أنَّها قالت: قلتُ: يا رسول الله، أرأيتَ لو نزلتَ واديًا وفيه شجرةٌ قد أُكِل منها، ووجدتَ شجرًا لم يُؤْكل منها، في أيِّها كنتَ تُرْتِع بَعيرَك؟ قال: ((في الَّذي لم يُرْتَع منها)) تعني أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لم يتزوج بكرًا غيرها[13].   13- وفي شوَّال من هذه السنة: تزوَّج النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم سودةَ بنت زمعة رضي الله عنها.   الشرح: عن عائشة رضي الله عنها قالت: لَمَّا هلكَتْ خديجة، جاءت خولةُ بنت حكيمٍ امرأةُ عثمان بن مظعونٍ قالت: يا رسول الله، ألاَ تزَوَّجُ؟ قال: ((مَن؟)) قالت: إنْ شئت بكرًا، وإن شئت ثيبًا، قال: ((فمَن البِكْر؟)) قالت: ابنة أحبِّ خلق الله إليك؛ عائشة ابنة أبي بكرٍ، قال: ((ومَن الثيب؟)) قالت: سودة بنت زمعة، قد آمنَتْ بك واتبعَتْك على ما تقول، قال: ((فاذهبي فاذكُرِيهما عليَّ))، فدخلَتْ بيت أبي بكرٍ، فقالت: يا أُمَّ رومان، ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبَرَكة! قالت: وما ذاك؟ قالت: أرسلني رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أخطب عليه عائشة، قالت: انتظري أبا بكرٍ حتَّى يأتي، فجاء أبو بكرٍ، فقالت: يا أبا بكرٍ، ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة! قالت: أرسلني رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أخطب عليه عائشة، قال: وهل تَصْلُح له؟! إنَّما هي ابنة أخيه، فرجعت إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فذكرت ذلك له، قال: ((ارجِعي إليه، فقولي له: أنا أخوك، وأنت أخي في الإسلام، وابنتك تصلح لي))، فرجعت فذكرت ذلك له، قال: انتظري، وخرج، قالت أمُّ رومان: إنَّ مطعم بن عديٍّ قد كان ذكَرَها على ابنه، والله ما وعد موعدًا قطُّ فأخلَفَه - لأبي بكرٍ - فدخل أبو بكرٍ على مطعم بن عديٍّ، وعنده امرأتُه أمُّ الفتى، فقالت: يا ابن أبي قُحَافة، لعلَّك مصبٍ صاحبنا مدخله في دينك الذي أنت عليه إن تزوَّجَ إليك؟ فقال أبو بكرٍ للمطعم بن عديٍّ: أقول هذه تقول؟ قال: إنها تقول ذلك، فخرج من عنده، وقد أذهب الله ما كان في نفسه من عِدَتِه التي وعده، فرجع، فقال لخولة: ادعي لي رسولَ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فدعَتْه، فزوَّجَها إياه، وعائشة يومئذٍ بنت ستِّ سنين.   ثم خرجت، فدخلت على سودة بنت زمعة، فقالت: ماذا أدخل الله عليك من الخير والبركة! قالت: وما ذاك؟ قالت: أرسلَني رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أخطبك عليه! قالت: وَدِدتُ، ادخلي إلى أبي، فاذكري ذلك له، وكان شيخًا كبيرًا قد أدركه السنُّ، قد تخلَّفَ عن الحجِّ، فدخلت عليه، فحيَّتْه بتحية الجاهلية، فقال: من هذه؟ فقالت: خولة بنت حكيمٍ، قال: فما شأنك؟ قالت: أرسلني محمد بن عبدالله أخطب عليه سودة، فقال: كُفْؤ كريمٌ، ماذا تقول صاحبتُكِ؟ قالت: تحبُّ ذاك، قال: ادعيها لي، فدعَتْها، قال: أيْ بُنَيَّة، إنَّ هذه تزعم أن محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب قد أرسل يخطبك، وهو كفؤٌ كريمٌ، أتُحبِّين أن أزوجك به؟ قالت: نعم، قال: ادعيه لي، فجاء رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم فزوَّجَها إياه، فجاءها أخوها عبد بن زمعة من الحج، فجعل يحثي في رأسه التراب، فقال بعد أن أسلم: لعمرك إنِّي لسفيهٌ يوم أحثي في رأسي التراب؛ أنْ تزوَّجَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم سودة بنت زمعة[14]. ولما أسَنَّت السيدة سودة، وهبَتْ نوبتها للسيِّدة عائشة - رضي الله عنها.   عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لا يُفضِّل بعضَنا على بعضٍ في القَسْم من مُكْثِه عندنا، وكان قلَّ يومٌ إلا وهو يطوف علينا جميعًا، فيدنو من كلِّ امرأةٍ من غير مسيسٍ حتَّى يبلغ إلى التي هو يومها، فيبيت عندها، ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنَّت، وفرقت أن يُفارقها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: يا رسول الله يومي لعائشة، فقَبِل ذلك رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم منها، قالت: نقول: في ذلك أنزل الله - عزَّ وجلَّ - وفي أشباهها، أُرَاهُ قالَ: ﴿ وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا ﴾ [النساء: 128][15].   14 - وفي هذه السَّنة: خرج النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى الطائف يدعوهم إلى الإسلام، فأبَوْا، وآذَوْه، فرجَع مهمومًا، فثبَّتَه الله بأمرين: أرسل إليه مَلَك الجبال، وأسلم على يديه مجموعةٌ من الجنِّ، ثم دخل مكة في جوار المطعم بن عدي.   الشرح: لَمَّا مات أبو طالب وخديجةُ - رضي الله عنها - واشتدَّ إيذاء قريشٍ له صلَّى الله عليه وسلَّم قرَّر النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم الخروجَ إلى مكانٍ آخَر غير مكَّة، يُلْقي فيه دعوته؛ لعلَّه يجد من ينصره ويؤويه، حتى يُبلِّغ كلمة التوحيد.   فخرج النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى الطائف، يلتمس النُّصرة من ثقيف، فلم يجد ما كان يتمنَّاه، بل ناله منهم ما لم ينَلْه من أحدٍ قط.   روى البخاريُّ بسنده عن عائشة - رضي الله عنها - أنَّها سألَت النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فقالت له: هل أتى عليك يومٌ كان أشدَّ من يوم أحُدٍ؟ قال: ((لقد لقيتُ من قومكِ ما لقيتُ، وكان أشدَّ ما لقيتُ منهم يوم العقبة؛ إذْ عرضتُ نفسي على ابن عبد ياليل بن عبد كلالٍ، فلم يُجِبْني إلى ما أردتُ، فانطلقت - وأنا مهمومٌ - على وجهي، فلم أستَفِق إلاَّ وأنا بقرن الثعالب، فرفعتُ رأسي، فإذا أنا بسحابةٍ قد أظلَّتْني، فنظرتُ فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إنَّ الله قد سمع قول قومك لك، وما ردُّوا عليك، وقد بعث إليك ملَك الجبال؛ لِتَأمره بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال، فسلَّم عليَّ ثم قال: يا محمَّد، فقال: ذلك فيما شئت، إن شئتَ أن أُطْبِق عليهم الأخشبَيْن))، فقال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم: ((بل أرجو أن يُخْرِج الله من أصلابهم من يعبد الله وحده لا يُشْرِك به شيئًا))[16].   ثُمَّ لما كان النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في طريق الرجوع إلى مكة، ونزل بوادي نخلة القريب من مكَّة، يصلِّي، ويقرأ القرآن، نزل عليه مجموعةٌ من الجنِّ، فلما سمعوه أنصَتوا، قالوا: صَهْ، وكانوا تسعةً: أحدهم زوبعة، فأنزل الله عزَّ وجلَّ: ﴿ وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ * قَالُوا يَا قَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ * يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الأحقاف: 29 - 32][17].   ورُويَ أنَّ النبي صلَّى الله عليه وسلَّم دخل مكَّة - بعد رجوعه - في جوار المطعم بن عدي[18]. ولذلك قال النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في أسارى بدرٍ: ((لو كان المطعمُ بن عديٍّ حيًّا، ثم كلَّمَني في هؤلاء النَّتْنَى لتركتُهم له))[19].


[1] فتمزَّق شعري - بالزاي - أيْ: تقطَّع، وللكُشْمهيني فتَمرَّق - بالرَّاء - أيْ: انتتف؛ "فتح الباري" 7/ 265. [2] فوفى؛ أيْ: كثر، قال ابن حجر في "الفتح" 7/ 265: وفي الكلام حذفٌ تقديره: ثم فصلت من الوَعْك، فتربَّى شعري فكثر، وقولها: (جُمَيمة) بالجيم مصغَّر الجُمَّة - بالضم - وهي مَجْمع شعر الناصية، ويُقال للشعر إذا سقط عن المنكبين: جمة، وإذا كان إلى شحمة الأذن: وفرة؛ اهـ. [3] قال ابن حجر: "على خير طائر"؛ أيْ: على خير حظٍّ ونصيب. [4] قال ابن حجر: "فلم يَرُعْني"؛ بضم الراء وسكون العين؛ أي: لم يُفْزِعني شيءٌ إلا دخولُه عليَّ. [5] متفق عليه: أخرجه البخاريُّ (3894)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: تزويجِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - عائشة، وقدومها المدينة، وبنائه بها، ومسلم (1422) كتاب: النكاح، باب: تزويج الأب البِكْر الصغيرة. [6] صحيح: أخرجه مسلم (1422) كتاب: النكاح، باب: تزويج الأب البكر الصغيرة. [7] انظر التخريج السابق. [8] "شرح مسلم" للنووي 5/ 186. [9] صحيح: أخرجه مسلم (1423) كتاب: النكاح، باب: التزوُّج والتَّزويج في شوال، واستحباب الدُّخول فيه. [10] السَّرَقة - بفتح المهملة والراء والقاف - هي: القِطْعة. [11] متفق عليه: أخرجه البخاري (5078) كتاب: النكاح، باب: نكاح الأبكار، ومسلم (2438) كتاب: فضائل الصحابة، باب: في فضل عائشة - رضي الله تعالى عنها. [12] "فتح الباري" 9/ 87. [13] صحيح: أخرجه البخاري (5077) كتاب: النكاح، باب: نكاح الأبكار. [14] إسناده حسن: أخرجه أحمد 6/ 210، 211، الطبري في "التاريخ" 3/ 162، ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"، (3060، 3061)، والطبراني 23/ 57، والبيهقيُّ في "الدلائل" 2/ 411، 412 مرسلاً عن أبي سلمة، ويحيى بن عبدالرحمن بن حاطب، ووصَله البيهقيُّ 2/ 411 فرواه عن يحيى بن عبدالرحمن عن عائشة، قال الذهبي في "السِّيَر" 1/ 182: إسناده حسن. [15] صحيح: البخاري (5212) كتاب: النكاح، باب: المرأة تهَبُ يومها من زوجها لضرَّتِها، وكيف يقسم ذلك، ومسلمٌ (1463) كتاب: الرضاع، باب: جواز هبتها نوبتها لضرتها، مختصرًا، ورواه بتمامه أبو داود (2135) كتاب: النكاح، باب: في القَسْم بين النساء، وقال الألبانيُّ: حسن صحيح. [16] متفق عليه: أخرجه البخاري (3231) كتاب: بدء الخلق، باب: إذا قال أحدكم "آمين" والملائكة في السَّماء، فوافقَتْ إحداهما الأخرى، غُفِر له ما تقدم من ذنبه، مسلم (1795) كتاب: الجهاد والسير، باب: ما لقي النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - من أذى المشركين والمنافقين، فصلَّى الله عليك وسلَّم يا حبيبي يا رسول الله، فوالله الذي لا إله غيره، لقد رُزِقْتَ رحمةً لو وُزعت على أهل هذه البسيطة منذ خلَقَ الله آدمَ - عليه السلام - إلى قيام الساعة، لوَسِعَتْهم، وأُعطيتَ رأفة لو قسِّمت على أهلها لشملَتْهم، وكيف لا، وقد قال الله تعالى فيك: ﴿ وَمَا أَرسَلنَاكَ إِلَّا رَحمَةً لِلعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]. فأين أعداء الله من مثل هذه الرحمة؟ وأين الحاقدون الزاعمون أنَّك جئت بالقتل وسفك الدِّماء؟ يفعلون الأفاعيل ثم يرموننا بها؛ ﴿ فَإِنَّهَا لَا تَعمَى الأَبصَارُ وَلَكِن تَعمَى القُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الحج: 46]. [17] صحيح: أخرجه الحاكم 2/ 456، وقال: صحيح الإسناد، ولم يخرجاه، وأقرَّه الذهبي، وصححه الوادعي في "الصحيح المسند من أسباب النُّزول" (252). [18] أخرجه الطبري في "التاريخ" 1/ 555 بإسناد منقطِع. [19] صحيح: أخرجه البخاري (4024) كتاب: المغازي، باب: شهود الملائكةِ بدرًا.



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣