أرشيف المقالات

فتح صفد

مدة قراءة المادة : 4 دقائق .
2حدث في رمضان (فتح صفد)   صفد هي مدينة في الجليل تقع فوق جبل على ارتفاع ألفين وسبعمائة وثمانين قدمًا من سطح البحر، وقد فتحها صلاح الدين الأيوبي بعد حصار طويل استغرق شهر رمضان كله، عام 584هـ/1188م.
وكان صلاح الدين الأيوبي قد رفع راية الجهاد، وأقسم أن يطهر بلاد المسلمين من الصليبيين والإفرنج الذين تملكوا أغلب إمارات بلاد الإسلام، وعاثوا فيها فسادًا، وقام صلاح الدين بتحرير مصر والشام وفلسطين، وقام بهزيمة الصليبيين في حطين، وسار يحرر الممالك والإمارات على طول الشام، وسار صلاح الدين من دمشق إلى صفد فحاصرها حصارًا شديدًا، ونصب عليها المجانيق، وأدام الرمي إليها ليلًا ونهارًا بالحجارة والسهام، حتى كادت مؤن أهل صفد أن تنفد، واشتد حصار المسلمين لقلعة المدينة، وصلاح الدين يرمي المدينة بالمجانيق لا يواني لقوة دفاعات المدينة وشدة قتال أهلها.
قال القاضي ابن شداد في كتابه "سيرة السلطان الناصر صلاح الدين": "ولقد رأيته ليلة على صَفَد وهو يحاصرها، وقد قال: لا ننام الليلة حتى تُنصب لنا خمسة مناجيق، ورتَّب لكل منجنيق قوماً يتولّون نصبه، وكنا طول الليل في خدمته - قَّدس الله روحه - في ألذّ فكاهة وأرغد عيشه، والرُّسُل تتواصل فتخبره بأن قد نُصب من المنجنيق الفلاني كذا، ومن المنجنيق الفلاني كذا، حتى أتى الصباح وقد فُرغ منها، ولم يبق إلا تركيب جنازيرها عليها".
ولما كان صلاح الدين يحاصر صفد، توجس الفرنج شرًا من وقوع المدينة، وكانت حصنًا منيعًا في وجوه المسلمين، وخشوا سقوط صور، فاجتمع من بصور من الفرنج، وقالوا: إن فتح المسلمون قلعة صفد لم تبق كوكب، ولو أنها معلقة بالكوكب، وحينئذ ينقطع طمعنا من هذا الطرف من البلاد؛ فاتفق رأيهم على فاتفق رأيهم على الحيلولة دون سقوط صفد.
قال "ابن الأثير" في كتابه "الكامل في التاريخ": " ...
فاتفق رأيهم على إنفاذ نجدة لها سراً من رجال وسلاح وغير ذلك، فأخرجوا مائتي رجل من شجعان الفرنج وأجلادهم، فساروا الليل مستخفين، وأقاموا النهار مكمنين، فاتفق من قدر الله تعالى أن رجلًا من المسلمين الذين يحاصرون كوكب خرج متصيدًا، فلقي رجلًا من تلك النجدة، فاستغربه بتلك الأرض، فضربه ليعلمه بحاله، وما الذي أقدمه إلى هناك، فأقر بالحال، ودله على أصحابه، فعاد الجندي المسلم إلى "قايماز النجمي"، وهو مقدم ذلك العسكر، فأعلمه الخبر، والفرنجي معه، فركب في طائفة من العسكر إلى الموضع الذي قد اختفى فيه الفرنج، فكبسهم، فأخذهم، وتتبعهم في الشعاب والكهوف، فلم يفلت منهم أحد، فكان معهم مقدمان من فرسان الإسبتار، فحملا إلى صلاح الدين وهو على صفد، فأحضرهما ليقتلهما، وكانت عادته قتل الداوية والإسبتارية لشدة عداوتهم للمسلمين وشجاعتهم، فلما أمر بقتلهما قال له أحدهما: ما أظن ينالنا سوء وقد نظرنا إلى طلعتك المباركة ووجهك الصبيح.
وكان رحمه الله، كثير العفو، يفعل الاعتذار والاستعطاف فيه، فيعفو ويصفح، فلما سمع كلامهما لم يقتلهما، وأمر بهما فسجنا".
ولما اشتد حصار صلاح الدين الأيوبي لقلعة صفد، وأيقن أهلها بالهلاك، طلبوا الأمان وتسليم المدينة للمسلمين فأمنهم صلاح الدين الأيوبي، وتسلم الحصن منهم منتصف ذي القعدة، وسيرهم إلى صور، ولما فتح صفد سار عنها إلى كوكب ونازلها وحصرها، وكانت ثاني الحصون مناعة وقوة بعد صفد، وبذلك بسط المسلمون سيطرتهم ثانية على أغلب ممالك الشام مرة ثانية، وتم لصلاح الدين الأيوبي ما أراده من طرد الصليبيين من بلاد المسلمين، وردهم على أعقابهم خائبين.   شارك في الإعداد: محمد مصطفى حميدة، ومصطفى عبدالباقي




شارك الخبر

ساهم - قرآن ١