أرشيف المقالات

هل يصح أن يتزوج الخامسة في عدة الرابعة والأخت في عدة أختها؟

مدة قراءة المادة : 9 دقائق .
2هل يصح أن يتزوج الخامسة في عدة الرابعة والأخت في عدة أختها؟   لا يخلو الأمر من حالين: الأولى: أن يكون الطلاق رجعياً: فلا يجوز أن يتزوج خامسة بإجماع أهل العلم[1]، سواء كانت ممن يحرم الجمع بينها وبين المطلقة أو لا يحرم فالمطلقة طلاقاً رجعياً زوجة كما في قوله تعالى: ﴿ وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [البقرة: 228] فتعطى أحكام الزوجة في بعض الأحكام بإجماع أهل العلم كالإرث.   الثانية: أن يكون الطلاق بائناً: أو فسخاً أو خلعاً فهل يجوز للزوج أن يتزوج في عدة المطلقة أو ينكح أختها فهذه من مسائل الخلاف بين أهل العلم، وسبب الخلاف أنَّ من نظر إلى أنَّ المرأة بانت منه، وليس له عليها سلطان أباح الزواج قبل انقضاء عدتها ومن نظر إلى أنَّ النكاح لم ينفك مطلقاً فله بقايا مَنَع.   فمذهب الإمامين مالك والشافعي: الجواز لانقطاع الزوجية بانقطاع أحكامها من الإيلاء والظهار واللعان وغير ذلك، فحكمها حكم الخارجة من العدة، ومذهب الإمامين أبي حنيفة وأحمد: عدم صحة النكاح لبقاء بعض أحكام النكاح في العدة من حرمة زواجها، فالنكاح قائم من وجه ببقاء بعض أحكامه والثابت من وجه ملحق بالثابت من كل وجه في باب الحرمة احتياطاً[2].   والمسألة من مسائل الخلاف عند الصحابة -رضي الله عنهم- لكن الثابت عنهم المنع[3]،وهذا القول على الأقل أحوط.


[1] انظر: الاستذكار (5/541) والمغني (7/441) والمبدع (7/68) [2] انظر: الاستذكار (5/541) ورؤوس المسائل للزمخشري ص (386) والمنهاج ص(124) والمبدع (7/68). [3] المنقول عن الصحابة -رضي الله عنهم-: أولاً المنع رواه: 1: عبد الرزاق ( 10566) عن الثوري عن أبي الزناد عن سليمان بن يسار لا أعلمه إلا عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قال: ((إذا طلق الرابعة من نسائه فلا يتزوج حتى تنقضي عدة التي طلق)) رواته ثقات ورواية ابن أبي شيبة (16742) حدثنا ابن علية عن سفيان عن أبي الزناد عن سليمان بن يسار عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه-: ((أنَّ مروان سأله عنها فكرهها)) رواته ثقات . 2: عبد الرزاق (10569) عن معمر عن أيوب عن أبي قلابة قال: ((كان للوليد بن عقبة أربع نسوة فطلق واحدة فبتها ثم نكح الخامسة في عدتها فناداه ابن عباس -رضي الله عنهما- وهو جالس في طائفة الدار ألا فرق بينهما حتى ينقضي أجل التي طلق)) رواته ثقات لكنَّه مرسل، رواية أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- مرسلة ذكر ذلك العلائي . 3: ابن أبي شيبة (16750) حدثنا وكيع عن علي بن مبارك عن يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم التيمي: ((أنَّ عتبة بن أبي سفيان كانت عنده أربع نسوة فطلق إحداهن ثم تزوج خامسة قبل أن تنقضي عدة التي طلق فسأل مروان ابن عباس فقال: لا حتى تنقضي عدة التي طلق)) رواته ثقات لكنَّه مرسل . قال في تهذيب الكمال: ((يقال رواية محمد بن إبراهيم التيمي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- مرسلة)) . 4: عبد الرزاق (10568) - واللفظ له - وابن أبي شيبة (16740) عن ابن جريج عن عمرو بن شعيب قال: ((أتي مروان - وهو أمير - في رجل كان عنده أربع نسوة فطلق واحدة فبتها ثم نكح الخامسة في عدتها فناداه ابن عباس -رضي الله عنهما- وهو جالس في طائفة الدار ألا فرق بينهما في عدة التي طلق)) إسناده ضعيف، ابن جريج لم يسمع من عمرو بن شعيب قاله البخاري والبيهقي. ولفظ ابن أبي شيبة: (( قال: طلق رجل امرأة ثم تزوج أختها قال ابن عباس -رضي الله عنهما- لمروان: فرق بينها وبينه حتى تنقضي عدة التي طلق)) . فالذي يظهر لي أنَّ المنع ثابت عن ابن عباس -رضي الله عنهما- بمجموعه، والله أعلم . 5: ابن أبي شيبة (16745) عن عايذ بن حبيب عن حجاج عن الشعبي عن علي -رضي الله عنه- قال: ((لا يتزوج خامسة حتى تنقضي عدة التي طلق)) إسناده يحتمل التحسين، الحجاج صدوق كثير الخطأ والتدليس، ورواية الشعبي عن علي -رضي الله عنه- في صحيح البخاري وهو لا يكتفي بالمعاصرة. قال ابن التركماني في الجوهر النقي (7/151): ((سنده لا بأس به)). 6: عبد الرزاق (10570) عن الحسن بن عمارة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: ((سئل علي -رضي الله عنه- عن رجل كانت تحته امرأة فطلقها فبانت منه ثم تزوج أختها في عدتها قال يفرق بينهما )) إسناده ضعيف، الحسن بن عمارة ضعفه شديد قال الدارقطني والبيهقي: ((متروك)) . 7: ابن أبي شيبة (16754) حدثنا حفص عن أشعث عن الحكم عن علي -رضي الله عنه-: ((أنَّه سئل عن رجل طلق امرأته فلم تنقض عدتها حتى تزوج أختها، ففرق علي -رضي الله عنه- بينهما وجعل لها الصداق بما استحل من فرجها وقال: إن كان دخل بها فلها الصداق كاملاً وعليها العدة كاملة ويعتدان منه جميعاً كل واحدة ثلاث قروء فإن كانتا لا تحيضان فثلاثة أشهر )) إسناده ضعيف، أشعث بن سوار ضعيف والحكم بن عتيبة لم يدرك علياً -رضي الله عنه-، وتقدم الأثر من رواية الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي -رضي الله عنه- . ثانياً: الجواز رواه: 1: عبد الرزاق (10565) عن ابن جريج قال: ((أخبرت عن سالم بن عبد الله في أربع نسوة عند رجل فطلق إحداهن هل ينكح قبل أن تخلو عدتها قال جاء رجل من ثقيف فكلم عثمان بن عفان -رضي الله عنه- في مثل هذا فقال له عثمان: إذا طلقت ثلاثاً فإنَّها لا ترثك ولا ترثها فانكح إن شئت)) إسناده ضعيف، فيه انقطاع بين ابن جريج وسالم بن عبد الله . 2: سعيد بن منصور (1747) (1/448) حدثنا هشيم أخبرنا محمد بن سالم عن الشعبي عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- أنَّه قال: ((إذا طلقها طلاقاً بائناً فليتزوج أختها إن شاء في عدتها )) إسناده ضعيف، محمد ابن سالم ضعيف قال أبو حاتم: ((ضعيف منكر الحديث))، وقال النسائي: ((ليس بثقة لا يكتب حديثه)) وقال ابن عدي: ((الضعف بين على رواياته))، والشعبي لم يسمع من زيد بن ثابت -رضي الله عنه- قاله ابن المديني والحاكم .



شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن