أرشيف المقالات

من وصل الميقات اليوم الثامن هل يستحب له التمتع؟

مدة قراءة المادة : 8 دقائق .
2من وصل الميقات اليوم الثامن هل يستحب له التمتع؟   من وصل الميقات ضحى اليوم الثامن أو بعده كيوم عرفة هل التمتع في حقه أفضل؟ على القول بأنَّ أفضل الأنساك التمتع لمن لم يسق الهدي ظاهر نصوص الفقهاء الجواز فالفقهاء في تعريفهم - في الجملة - للتمتع أن يحرم بالعمرة ثم يفرغ منها ثم يحرم بالحج [1] وفي هذا الزمن يصل مريد النسك للميقات وبعد ساعة أو ساعات يدخل مكة فعلى هذا يتمتع ولم أقف على أحد من المتقدمين تكلم على هذه المسألة ولعل حصول هذه المسألة في زمنهم متعسرة أو متعذرة لأن أقرب المواقيت إلى مكة يلملم وذات عرق وقرن المنازل بينها وبين مكة مرحلتان تقطعها الإبل في يومين[2].   و شيخنا الشيخ محمد العثيمين يرى عدم التمتع قال الأفضل لمن مر بالميقات في الوقت الذي يخرج الناس فيه إلى منى أرى أن يأتي بقران وأن لا يأتي بتمتع، لأنَّ التمتع في الحقيقة فات وقته[3] وقال تقدم مكة في ضحى اليوم الثامن حين يخرج الناس إلى الحج أو بعد ذلك ثم تأتي بعمرة، ففي نفسي من هذا شيء، وإن كان ظاهر كلام أهل العلم الجواز، لكني في نفسي من هذا شيء [4].   وقال نرى لا يشرع التمتع لمن قدم مكة بعد أوان أعمال الحج...
أما التمتع فقد زال وقته الآن[5].   وقال لا مكان للتمتع، لأنَّ الزمن زمن حج...
التمتع انتهى؛ لأنَّه دخل وقت الحج [6].   لقوله تعالى: ﴿ وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ بِهِ أَذًى مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ذَلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حَاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [البقرة: 196] فجعل عمرة وحجًّا، وجعل غاية بينهما مسافة[7].فدل هذا أنَّ هناك مسافة بين العمرة والحج يحصل بها التمتع[8].وإذا لم يكن هناك مسافة يحصل بها التمتع لم يكن مشروعاً للإنسان أن يتمتع[9].   وقال فإن قال قائل: أليس يجوز للإنسان أن يتأخر ولا يخرج إلى منى إلا في الليل أو لا يأتي منى أصلاً ويذهب إلى عرفة. فالجواب: بلى يجوز ذلك، لكن ليس معنى هذا أنَّ الوقت الذي هو وقت الحج إذا أخر الإنسان إحرامه بالحج أو خروجه إلى المشاعر ليس معناه أن يفعل في هذا ما شاء، بل نقول: الأفضل إذا دخل وقت الحج ألا يشتغل الإنسان بغيره [10].   وخالفه الشيخ عبدالعزيز بن باز فيرى استحباب التمتع لمن قدم اليوم الثامن والتاسع [11].   لعموم النصوص وربما يستدل لهذا القول بقول عبدالله مولى أسماء بنت أبي بكر - رضى الله عنها - أنَّه كان يسمع أسماء - رضى الله عنها - تقول كُلَّمَا مَرَّتْ بِالحَجُونِ صَلَّى اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مُحَمَّدٍ لَقَدْ نَزَلْنَا مَعَهُ هَا هُنَا، وَنَحْنُ يَوْمَئِذٍ خِفَافٌ قَلِيلٌ، ظَهْرُنَا قَلِيلَةٌ أَزْوَادُنَا، فَاعْتَمَرْتُ أَنَا وَأُخْتِي عَائِشَةُ، وَالزُّبَيْرُ وَفُلاَنٌ وَفُلاَنٌ، فَلَمَّا مَسَحْنَا البَيْتَ أَحْلَلْنَا ثُمَّ أَهْلَلْنَا مِنَ العَشِيِّ بِالحَجِّ "[12].   وفيه أنَّهم حلو من عمرتهم اليوم الثامن وأهلوا بالحج في نفس اليوم لكنَّهم لم يحرموا في نفس اليوم والظاهر أنَّهم أحرموا قبل إهلال ذي الحجة فتقدم أنَّ الطريق من المدينة إلى مكة بسير الإبل يستغرق تسعة أيام أو عشرة [13] ويحتمل قولها "أَهْلَلْنَا مِنَ العَشِيِّ بِالحَجِّ" من يوم آخر ليس يوم القدوم والله أعلم والذي يظهر أنَّ فعلهم بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وليس في حجة الوداع ففي حجة الوداع عائشة - رضى الله عنها - لم تحل لأنَّها حاضت فقرنت والزبير - رضي الله عنه - لم يحل لأنَّه ساق الهدي [14] فيحمل حديثها على وقت آخر والله أعلم[15].   والذي يظهر لي أنَّ تعليل شيخنا الشيخ محمد العثيمين قوي فالأولى أن لايتمتع من قدم اليوم الثامن أو بعده لما تقدم وللحرج الذي يحصل للكثير لاسيما من معه نساء وهذا أمر نشاهده كل عام فالقران في هذه الحال أولى "فمَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - بَيْنَ أَمْرَيْنِ قَطُّ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ"[16] والله أعلم.


[1] انظر: حاشية ابن عابدين (3/561) والشرح الصغير (2/23) ونهاية المحتاج (3/324) والمغني (3/232). [2] انظر: الدر المختار (3/479) وبلغة السالك لأقرب المسالك (2/14) ونهاية المحتاج (3/259) والإنصاف (3/424). [3] مجموع فتاوى الشيخ محمد العثيمين (22/53). [4] مجموع فتاوى الشيخ محمد العثيمين (22/56). [5] مجموع فتاوى الشيخ محمد العثيمين (24/523). [6] مجموع فتاوى الشيخ محمد العثيمين (22/54). [7] مجموع فتاوى الشيخ محمد العثيمين (22/53). [8] مجموع فتاوى الشيخ محمد العثيمين (22/56). [9] مجموع فتاوى الشيخ محمد العثيمين (22/56). [10] مجموع فتاوى الشيخ محمد العثيمين (22/55). [11] انظر: مجموع فتاوى الشيخ عبدالعزيز بن باز (17/91، 265). [12] رواه البخاري (1796). [13] انظر: الإنصاف (3/424). [14] رواه مسلم (1236) من حديث أسماء بنت الصديق - رضى الله عنها -. [15] انظر صحيح مسلم (1235) وشرح مسلم للنووي (8/304). [16] رواه البخاري (6126) ومسلم (2327) من حديث عائشة - رضى الله عنها -.



شارك الخبر

فهرس موضوعات القرآن